أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 8th September,2000العدد:10207الطبعةالاولـيالجمعة 10 ,جمادى الثانية 1421

مقـالات

هموم صغيرة
,, قبل الانفجار!
تركي العسيري
** إذا صح أن نسبة زيادة المواليد بالمملكة تُعدُّ أعلى النسب ارتفاعاً في العالم من واقع الاحصائيات الدقيقة التي تقول إن نسبة التوالد في مدينة الرياض وحدها وصل الى حوالي 9% وهي نسبة عالية بكل المقاييس فإن ذلك ينبغي ألاّ يقابل بالصمت، بقدر ما ينبغي أن يقابل بدراسات جادة وعملية لما يمكن أن يحدث لنا في المستقبل، والمستقبل القريب على الأقل خاصة إذا علمنا أن نسبة من هم أقل من (15) سنة وكما تقول أيضا الإحصائيات الدقيقة تعادل نصف سكان البلاد حالياً.
** إن الفرح الذي يبديه بعض الناس من هذه الزيادة المرعبة ليس له ما يبرره فالزيادة العشوائية في التناسل تعني ضمن ما تعنيه زيادة في الأعباء على البلاد، زيادة في الخدمات المختلفة: الصحية، التعليمية، المستشفيات، الطرق، السكن، الكهرباء، الماء,, الزيادة السكانية تعني المزيد من الضغط السكاني والأمني والسياسي والاجتماعي والإنساني.
واتصور انه لابدّ أن نتصارح إذا اردنا لبلدنا الخير فعلاً في مسألة خطيرة كهذه، فالمولود الذي يطل برأسه كل دقيقة ليس حيوانا برياً يُرمى في الفلاة,, ولكنه كائن حي، وانسان له متطلباته فهو يحتاج الى تعليم وعلاج وكهرباء وماء وغذاء ورعاية صحية متكاملة.
ولابد أن نعترف رغم التصريحات المتفائلة أن لدينا بطالة، وأن لدينا شباباً كُثراً من خريجي الثانوية لم يُقبلوا في الكليات والمعاهد، ولم يجدوا عملاً أو وظيفة وبالتالي فهم يشكلون بيئة مثالية لمسائل فكرية وسلوكية خطيرة نعرفها، وينبغي ألاّ نحجم عن مواجهتها والاعتراف بها.
هناك دول كثيرة تحولت بفعل الانفجار السكاني من دول غنية مرفهة الى دول فقيرة معدمة, من دول دائنة الى دول مدينة,, خاصة وان بلادنا تقع ضمن منظومة الدول النامية وهي دول استهلاكية في مجملها تستورد أغلب احتياجاتها: غذائها، ملبسها، مركبها، سلاحها,,,, الخ.
ولذلك فطنت بعض تلك البلدان الى ما يمكن أن يسببه هذا الانفجار السكاني المرعب فوضعت استراتيجية عملية لمواجهته,, عن طريق توعية الناس بخطورة ذلك على الفرد وعلى المجتمع وعلى الدولة نفسها، فالزيادة تعني القليل من التربية السليمة، والقليل من فرص تعليم أمثل.
ولما رأت بعض الدول أن توعية الناس لم تثمر عن ضبط معدل التناسل المتزايد، وضعت شروطاً صارمة لتنظيم ذلك ساهمت بدورها في وضع حد لمسألة التوالد الأرنبي!
** لماذا نداري مشاكلنا؟
لماذا نمر عليها حينما نتحدث باستحياء، وكأن الامر لا يعنينا؟
لماذا لا ننبه الناس إلى ان زيادة النسل تعني نشوء طبقة الفقراء والمعدمين ونشوء التمايز الاجتماعي الذي يؤدي بدوره الى نظرات الحقد والغبن وحتى الانحلال؟!
نحن نعرف أن ولاة الأمر في بلادنا يعرفون ذلك، ويعرفون تحديداً نوع المشكلات التي ستحدثها هذه الزيادة الكبيرة في التوالد، واعرف مدى حرصهم واخلاصهم في مواجهتها, ولكننا نحتاج الى آلية جادة للتعامل معها,, نحتاج الى فهم أكبر لحجم المشكلة والاعتراف بها، والاعتراف بما قبلها وما بعدها,, خاصة إذا علمنا ان الزيادة السكانية في العالم لا تتجاوز 1,33% فالتنبؤ بمشكلة ما، أو الاعتراف بمشكلة ما، يعني التنبه لما يمكن ان تحدثه تلك المشكلة في المستقبل وبالتالي الاستعداد لمواجهتها ووضع الحلول المناسبة لها.
** ان من أهم المميزات التي تميز بلادنا هو التلاحم والترابط الذي نراه بين افراد المجتمع وبين قيادته,, لذا فإن رعاية هذا المجتمع والتنبه الى مواطن الخطورة فيه تأتي من نقطة الاستشعار بحجم ما سيحدثه انفجار سكاني قادم في تغيير تركيبة المجتمع وبالتالي تغيير الكثير من مفاهيمه وانماط سلوكه وحياته.
إن العالم يتغير من حولنا,, ولم يعد بالإمكان الحجر على اي معلومة مهما كانت في ظل هذه الثورة المعلوماتية المرعبة وضمن نظام العولمة الجديد، الذي نستطيع ان نتفاعل معه ونعايشه بالمزيد من الوعي بقيمنا واخلاقياتنا ومشاكلنا لا بالانزواء والتقوقع والصمت فالاعصار قادم لا محالة، ولا مكان فيه للانزواء والتقوقع والصمت المطبق.
** لقد ذهب زمن التفاخر بكثرة الأولاد والأحفاد في إضفاء قيمة للأسرة في نطاق القبيلة, وبات مصدر التفاخر الحقيقي الانصهار في بوتقة الوطن الواحد,, وبقدر ما تعطي هذا الوطن,, بقدر ما تكون قيمتك الحقيقية.
** يبقى ان انبه الناس في بلادنا والذكور منهم على وجه الخصوص الى وجود هوايات اخرى مفيدة وممتعة غير تناول الرز البسمتي، وممارسة التسلية الوحيدة آخر الليل، وكأن الدنيا خلت من المتع الجميلة, ولم يعد يؤرقنا غير ان نتباهى بفحولتنا التي تزف لبلادنا مع كل صباح طازج (720) فماً حتى ولو كانت تلك الفحولة (مزيفة),, ومن صنع الحبة الزرقاء اللعينة.
والله المستعان!!

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved