أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 8th September,2000العدد:10207الطبعةالاولـيالجمعة 10 ,جمادى الثانية 1421

الاخيــرة

المحبة وأثرها على الناس
د, محمد بن عبدالرحمن البشر
عند الحديث عن المحبة يتبادر الى ذهن القارئ او السامع عشق جنس لجنسه الآخر، وهيام الكلف بذات محبوبه غير ان ضروب المحبة شتى، ومهما كانت انواع المحبة فهي قد لا تخرج عن واحد من اثنين او خليط منهما اولها ان تكون المحبة خالصة حتى وان كانت من احد الطرفين المتحابين، والثانية محبة تجلب مصلحة، حتى وان كانت لأحد الطرفين على حساب الآخر, والمحبة من الضرب الثاني من انواع المحبة التي تدخل ضمن صنوف النفاق وان لم تكن كلها كذلك.
وهي صفة تغلب على المجتمعات التي تبنى علائقها على العاطفة دون المصلحة، فيستغل احد الطرفين عاطفة الآخر ليظهر له المحبة التي لا تعدو كونها وسيلة وصول لا غاية في حد ذاتها، اما المجتمعات التي تؤثر اظهار تغليب المصلحة في العلائق، فتكون محبتها محبة مصلحة ظاهرة، يعرف كلا الطرفين حدود المحبة وغايتها فيسهل عليهما تبادل المحبة في ظل سريان المصلحة لتزول بزوالها عند انتفاء الغرض منها مع علم المتحابين، ولا أراني قادراً على ان ابرح هذه السطور دون الافادة بما كتبه ابن حزم في كتابه المشهور (طوق الحمامة) الذي قد تمت ترجمته الى عدد من اللغات العالمية مثل الاسبانية، والانجليزية، والفرنسية، والروسية، والايطالية، وغيرها كما وانه غفر الله له، قد اعطى الموضوع حقه بقدرة فائقة، كما ان من قاموا بدراسة افكاره مثل الدكتور احسان عباس، والشيخ ابي عبدالرحمن بن عقيل، قد زادوا بذلك ايضاحا وابانة.
وقد قال ان المحبة ضروب: فأفضلها محبة المتحابين في الله عز وجل، اما الاجتهاد في العمل، واما الاتفاق في اصل النحلة والمذهب، واما لفضل يمنحه الانسان، ومحبة القرابة ومحبة الألفة والاشتراك في المطالب، ومحبة التصاحب والمعرفة، ومحبة البر يضعه المرء عند اخيه، ومحبة الطمع في جاه المحبوب، ومحبة المتحابين لسر يجتمعان عليه يلزمهما ستره، ومحبة بلوغ اللذة وقضاء الوطر.
ومحبة العشق التي لا علة لها الا باتصال النفوس (ثم قال غفر الله له) وكل هذه الاجناس منقضية مع انقضاء عللها، زائدة بزيادتها، وناقصة بنقصانها، متأكدة بدنوها، فاترة ببعدها، حاشا محبة العشق الصحيح الممكن من النفس فهي التي لا فناء لها الا بالموت (ثم قال غفر الله له) ونفس المحب متخلصة عالمة بمكان ما كان يشركها في المجاورة، طالبة له، قاصدة اليه، باحثة عنه، مشتهية لملاقاته، جاذبة له لو امكنها، كالمغنطيس والحديد، فقوة جوهر المغنطيس المتصلة بقوة جوهر الحديد لم تبلغ من تحكمها، ولا من تصفيتها ان تقصد الى الحديد على انه من شكلها وعنصرها, كما ان قوة الحديد لشدتها تصدت الى شكلها وانجذبت نحوه، اذ الحركة انما تكون دائما من الاقوى .
كما تحدث رحمه الله عن علامات الحب، ومن احب في النوم، ومن احب بالوصف، ومن احب من نظرة واحدة، ومن لا يحب الا مع المطاولة، كما تحدث عن المحبة بالاشارة بالعين، والمراسلة والسفير، وطي السر، والاذاعة، والطاعة، والمخالفة وغيرها كثير.
ومهما يكن من امر فان ضروب المحبة المختلفة تجعل المحبين اكثر اقترابا لبعضهم من غيرهم، كما ان المحبة تولد المصلحة مهما كان نوع المصلحة، ولأي طرف رجحت.

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved