أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 8th September,2000العدد:10207الطبعةالاولـيالجمعة 10 ,جمادى الثانية 1421

عزيزتـي الجزيرة

أغمضنا أعيننا عنها سنوات طويلة
نعم لإقامة شبكة واسعة لسكة الحديد
أحسن كثيرا الكاتب المفكر المبدع عبدالفتاح ابومدين فيما كتبه بعنوان طريق بقيمة شبكة حديدية في زاويته العريقة وعلامات في العدد 10199 من جريدة الجزيرة العزيزة علينا واني اتعجب مع استاذنا الكبير (ابومدين) واتساءل بمنتهى الحيرة والاستغراب: لماذا لا تكون شبكة واسعة من السكة الحديدية في مملكتنا الحبيبة, ان كل ذي عينين يعرف ان هذه البلاد بحاجة ماسة وملحة وضرورية لسكة الحديد لأنها الأرخص والأوفر ولأن بلادنا تمثل قارة وكان بالإمكان الاستغناء عن كثير من هذه الطرق التي كلفت بلايين الريالات لو وجدت مثل هذه الشبكة الحديدية وكذلك كان يمكن توفير هذه المصاريف الجبارة التي صرفت في التنمية على السيارات وحسب ما اورده الاستاذ ابومدين من مقارنة فإن طريق جدة جيزان الذي طوله سبعمائة كيلومتر يكلف 3,5 مليارات ريال بينما هذا المبلغ الضخم يكفي لمد شبكة للسكة الحديدية بطول خمسة عشر ضعفا!.
ثم ان سكة القطار هي اكثر امانا بإذن الله من حوادث السيارات المرعبة التي تحصد عشرات الآلاف من الأرواح سنويا.
ان تجاهل مثل هذا المشروع العملاق وتناسيه غريب من وزارة المواصلات ثم اين دور وزارة التخطيط وما رأيها بهذه الفكرة؟ أليست قارة كالمملكة بحاجة لسكة الحديد الرخيصة التي توفر كثيرا من المصاريف إذا ما قورنت بطرق السيارات والشحن الجوي وقد ضرب لنا كاتبنا الكبير كيف أدرك الاوروبيون والامريكيون واليابانيون قيمة ودور شبكات السكك الحديدية فأكثروا منها وازيد على ماذكره الكاتب الكبير دولا اخرى هي اقل منا ثروة واصغر مساحة فسكة الحديد تربط سورية وهي تعادل منطقة صغيرة من مناطق مملكتنا الكبيرة من شمال سوريا الى جنوبها ومن شرقها الى غربها وكذلك الأمر في مصر وغيرها من الدول النامية, ان سكة الحديد الشاملة لربط شمال المملكة بجنوبها وشرقها بغربها هي اليوم مطلب وطني تتعدد جوانبه الملحة ولا تحتاج أهميته إلا قراءة عميقة لمعرفتها فالأمر واضح لكل ذي بصر وبصيرة فهل نراجع قصورنا وغفلتنا عن هذه المصلحة التي اغمضنا أعيننا عن تحقيقها سنوات كبيرة ولعل قائلا يقول ان سكة الحديد قائمة ما بين الرياض والدمام ومنذ زمن طويل ولكن جوابنا ان هذه السكة محدودة وقصيرة وفائدتها محدودة بل نريد تعميمها على مستوى هذه القارة فهي ضرورة اولية من ضروريات التنمية وذات ابعاد اقتصادية واجتماعية واسعة فهل نحن فاعلون؟
ثم انك ايها العزيز عبدالفتاح ابومدين قد نكأت جرحا عميقا في القلب لا اقول انه كان مندملا لأن جرح القضاء على الخلافة الإسلامية العثمانية هو جرح نازف في قلب كل مسلم إلى ان تقوم الساعة كيف لا؟ ومن تاريخ سقوط تلك الخلافة على ايدي اليهود والنصارى وعصابات حزب الاتحاد والترقي فإن كرامة المسلمين تمرغت في التراب وصاروا آخر القافلة كحالة الايتام في مائدة اللئام فقد قسمت بلادهم الى دول هزيلة استعمرتها دول أوروبا وسلبت منهم فلسطين وعاشوا نكبات متتالية كلما قاموا من إحداها وقعوا في أخرى, ان سكة حديدك يا ابا مدين قد تفرض علي الحديث عن الخط الحجازي الذي كان ينقل الحجاج المسلمين من البوسنة والهرسك وكوسوفا والجمهوريات المسلمة التي استقلت مؤخرا عن الاتحاد السوفيتي المقبور ومن تركيا وبلاد الشام والعراق ومصر عن طريق طابا حتى يصلوا الى المدينة المنورة، هذا الخط كان رمزا لوحدة المسلمين ورمزا لوحدة عقيدتهم وعبادتهم ومشاعرهم لذلك لا نعجب من حرص الإنجليز على نسف الخط الحديدي الحجازي في الثورة العربية المزعومة عام 1916م التي قادها الجاسوس الإنجليزي لورنس وقد حدثنا كتاب الدفاع عن المدينة (1) عن ثلاثة من أخطر مفجري الديناميت من الإنجليز فليرجع اليه من شاء ولقد كنا نسمع منذ عقدين عن اجتماعات دورية من تركيا وسوريا والأردن والمملكة لإعادة هذا الخط الحجازي العريق ولكن انقطعت اخبار هذه اللجان ولم نعد نسمع عنها شيئا ولم تتوصل الى أي شيء في هذا الخصوص علما بأن أي تاجر كبير سعودي أو سوري أو اردني او تركي يستطيع تمويل هذا المشروع لوحده ولا ادري لماذا طوي في سجل النسيان وصار في خبر كان وخبر كل الأموات, ان سكة خط الحجاز هي رمز يختلط في دماء المسلمين وعروقهم ومشاعرهم ذلك الخط الذي يبدأ من البوسنة والهرسك مرورا باستنبول واضنة وحلب وحماة وحمص ودمشق وعمان ومعان وطابا وتبوك وينتهي عند محطة باب العنبرية في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا الخط وقف إسلامي ثابت بصكوك قضائية وقرارات دولية وهو من آثار السلطان المفترى عليه الذي شوه اليهود صورته السلطان عبدالحميد,, انتهى مده سنة 1908 وخربناه نحن، نحن العرب بأيدينا وايدي لورنس وجماعته سنة 1918م (2) ، وقد شرع بالعمل به سنة 1901م أي ان العمل به استمر سبع سنوات وعندما لم تكفِ التبرعات امر السلطان العثماني رحمه الله وطيب ثراه بإحداث طابع مالي يلصق على كل عريضة وكل معاملة رسمية فدرّ على الخط مالا كثيرا ولكنه قصر عن اتمامه فسخر الجيش العثماني للعمل في مد الخط فمات من الجند في سبيله آلاف حتى قيل: ان في كل مائة متر مائة قبر شهيد (2) ، وقد أوقف السلطان عبدالحميد رحمه الله على هذا الخط اراضي كثيرة اشتراها، منها اراضي الحمّة ذات الينابيع المعدنية في سوريا والأردن واراضٍ كثيرة في حيفا وعكا والناصرة وكذلك المكان الذي فيه فندق سميراميس في دمشق وفيه سينما العباسية وإدارة البرق والبريد وهي أغلى بقعة في دمشق وكذلك ما تشمله محطات الربوة والهامة في سوريا وكذلك محطات شتورة وبعبدا وبيروت في لبنان وأيضا المكان الذي فيه فندق سافواي وما جاوره من العقارات في ساحة البرج في قلب بيروت، هذه كلها ملك الخط الحجازي وفيها حجج قضائية مصدقة ووثائق ثابتة (3) .
محمد بن شايع الحصين
إدارة الأوقاف والمساجد ببريدة
الهوامش:
(1) الدفاع عن المدينة، أو آخر الأتراك في ظل نبينا تأليف الصحفي التركي فريدون قائد مير احد أفراد هيئة الهلال الاحمر وآخر المنسحبين من المدينة المنورة بعد قبول القائد فخري باشا الخروج منها, ترجم الكتاب اديب عبدالمنان وهو مخطوط مكتوب بالآلة الكاتبة في مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة في المدينة المنورة.
(2) ذكريات فضيلة الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله ج1 ص35.
(3) ذكريات فضيلة الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله ج3 ص104.

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved