أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 8th September,2000العدد:10207الطبعةالاولـيالجمعة 10 ,جمادى الثانية 1421

شرفات

ما بين الموهبة الموروثة والموهبة المكتسبة
بنات المبدعين يفضلن العيش في جلباب ابائهن
نسمة يوسف إدريس : عباءة والدي تحميني في طريق الإبداع
الموهبة لاتورث، ولايوجد ابداع من عدم,, هذه المقولة التي يؤكد عليها كثيرون تشير في جانب منها الى ضرورة رعاية الموهبة وتوافر الارض الخصبة التي تنمو وتزدهر عليها كما تشير في جانب اخر الى ضرورة توافر الموهبة هي الاساس، وهذه المقولة تتردد كثيرا عند الحديث عن ابناء المبدعين، ومدى انطباقها عليهم، ورغم انه لايوجد قاعدة ثابتة تؤكد ان الابداع لايورث الا ان اللافت للنظر وجود نسبة كبيرة من ابناء المبدعين ساروا على نهج ابائهم، وتضم هذه النسبة عدد لا بأس به من الفتيات اللاتي فضلن العيش في جلباب آبائهن، وهذا هو جديد شرفات، فبعد ان تناول الظاهرة بشكل عام سابقا، التقينا هذه المرة ببنات المبدعين الكبار، حيث ادلوا بشهادتهم حول علاقاتهم مع ابائهن وانتقال الموهبة اليهن وكذلك ابداعهن وهن نسمة يوسف ادريس، نواره احمد فؤاد نجم، منار حسن فتح الباب.
مسك الليل
نسمة هي الابنة الصغرى للكاتب الكبير الراحل يوسف ادريس، وهي حاصلة على ليسانس الاداب قسم اللغة الانجليزية وتقوم بالاستعداد لمناقشة رسالة الماجستير وتستعد ايضا لاخراج مجموعتها القصصية الاولى، والتي ستصدر تحت عنوان مسك الليل تتحدث نسمة عن تأثرها الادبي بوالدها وكذلك عن تأثيره في تشكيل ثقافتها العامة فتقول: كان والدي يحرص على عدم التدخل في المناخ العام الثقافي لي، سواء في قراءاتي او في اتجاهاتي، فيترك لي حرية الاختيار تماما، ثم يقول لي رأيه فيما بعد بطريق غير مباشر وكان هذا اسلوبه بشكل عام، ولأنني كنت اراه طوال الوقت اما يقرأ أو يكتب فاحببت هذا المناخ ومن وقت لاخر خاصة في مرحلة الطفولة كان يأتي لي بمجموعة من القصص والحكايات كألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة لا قرأها، لكن اذا ماذهبنا الى مكتبه او معرض الكتاب على سبيل المثال لايتدخل في اختياراتي وكان راي دائما ان الانسان عندما يشعر بحريته في الاختيار في الحياة بشكل عام لايشعر باي ضغوط ومن ثم يخرج ملكاته الخاصة، وكان حريصا على ان يوضح لنا ان في الحياة مجالات متعددة وللانسان مجالات عديدة مثل الحياة العلمية والحياة الاجتماعية وحياته بين اصدقائه، والمهم ان يحقق الانسان توازنا بين كل هذه النواحي.
اما بالنسبة لاختياري مشوار الادب والابداع لم يكن مرحبا في البداية ان اكون كاتبة، وكان ذلك عندما كنت في الحادية عشر عندما كتبت قصة قصيرة ورغم علمي بعدم ترحيبه لم اخشى عرضها وكان رد فعله انسانيا اكثر من كونه رد فعل اديب لكتابة قامت بها ابنته، فقد كان سعيدا جدا سعادة يخالطها نوعا من الزهور وفي نفس الوقت كان خائفا ولم يشجعني لانه كان يراه طريقا صعبا وكان يشفق عل ان اخوض فيه، ورغم هذا الزهو الذي رايته في عينيه وشعوره ان المشوار الذي بداه سيأتي احد ابنائه من يكمله.
وفي المرحلة التالية في كتابة خواطر واحيانا قصص قصيرة وبعض الاشعار ايضا كلها باللغة الانجليزية ولاحظ هو ذلك فاقترح على الكتابة بالعربية وبالفعل بدأت اكتب بالعربية، ولك اكن وقتها حددت الشكل الادبي الذي سأكت من خلاله وفي الحقيقة كان للقدر دور كبير في ذلك عندما اعلنت مدرستي عن مسابقة للقصة القصيرة فكتبت قصة ووضعت اسم احدى صديقاتي عليها حتى لايكون لاسم والدي اي تأثير، وبالفعل فازت القصة بالمركز الاول فذهبت للجنة التحكيم واعلنت انني كتبتها، ومن وقتها وانا اكتب القصة واستعد الان لاصدار مجموعتي القصصية الاولى والتي يحمل عنوانها مسك الليل وتحتوي اربعة قصص باللغة العامية المستوحاه من التراث ومجموعة اخرى من القصص بالفصحى.
وتضيف نسمة ادريس عن رغبتها في البقاء في عباءة ابيها او الخروج منها: لااريد ابدا الخروج من عبائته لانني في النهاية نسمة يوسف ادريس وسأظل تحت هذه العباءة تحميني وتقويني وتعطيني دوما دمغة عاطفية وثقافية كبيرة، وفي الحقيقة كلما اتذكر جزء منه اسعد جدا اما اذا كانت العباءة تعني نوعا من الهيمنة او الدوران في مداره، فلم يكن والدي ابدا الشخصية المهيمنة المعوقة للنماء الشخصي والذاتي للمحيطين به فقد كان دائما يحفزني على الاستقلالية خاصة فيما يتعلق بالتفكير والاختيارات، ومع كامل اعتزازي وفخري بهذه العباءة ورغبتي الدائمة في تذكر انني ابنة يوسف ادريس لااريد ان يعوقني عن تحقيق ذاتي بل اريده ان يحفزني، واخيرا وبصراحة شديدة ارى السائرون على الدرب من الابناء الذين يكون لابائهم مكانة لافتة وقيمة في هذا الدرب سواء في الادب او الفن،، الخ غير محظوظين لانهم سيكونون في موقع مقارنة دائم مع ابائهم، منذ الخطوات الاولى، رغم ان الابناء صنعوا مكانتهم هذه بعد خطوات كثيرة، لكن لو كانت لهؤلاء الابناء موهبة حقيقية فسيكونوا محظوظين لانهم ستتاح لهم فرصة استكمال مشوار جميل بدأه الاباء.
من الطب الى الادب
منال فتح البا هي الابنة الصغرى للشاعر الكبير الدكتور حسن فتح الباب وهي حاصلة على الماجستير في النقد الادبي من قسم اللغة العربية كلية الآداب جامعة القاهرة، وكاتبة قصة قصيرة صدرت لها عدة مجموعات اضافة الى عملها كمعدة برامج ثقافية في قناة النيل للثقافة بالتليفزيون المصري، وحرصت منار على ان يكون بداية حديثها عن علاقتها بابيها وقالت: لابي فضل كبير في توجيهي نحو حب الاداب والفنون ففضلا عن المناخ الادبي السائد في بيتنا، فقد شجعني ابي على الرسم والكتابة والقراء ولانه بشكل عام وبوعيه الانساني والفكري والادبي كان حريصا على تشجيع مواهب المبعدين الجدد والذين كمت منهم فقد اهتم بنشر ما اكتب منذ البدايات، وكانت الكتابة الاولى قصصا للاطفال، وفي فترة الثمانينات عندما بدأت كتابة القصة شجعني مرة اخرى على التقدم للمجلات الادبية ونشرها، ثم كانت مجموعتي الاولى لعبة التشابه ثم حصلت على بعض الجوائز، عرفت منذ ذلك الحين كقاصة، واتذكر مقولة لابي,, فقد قال الحمد لله ان ابنتي قاصة وليست شاعرة حتى لايقال انني اكتب لها .
وفي الحقيقة انا اعتز جدا بكون قاصة في زمن قيل ظلما انه زمن الرواية، واعتقد انه من اهم اسباب اعتزازي بالقصة القصيرة هوانني اكتبها بلغة الشعر الذي سرى في دمي من قبل ان اولد عن وراثة جينيه وعن نشأة ادبية، وقد كنت دائما ساعد ابي في نسخ قصائده ومقالاته من اجل نشرها.
اما ان اعيش في عباءة ابي فالحقيقة ان لابي فضل على اعترف به في تحقيق المكانة الى وصلت اليها وفي ذات الوقت شجعني على قرارات مصيرية في حياتي كأن اتحول من دراسة الطب لدراسة الادب العربي رغم نجاحي في عامي الاول بكلية الطب، وها انا الان حاصلة على ماجستير في النقد الادبي، وقد افادني هذا التخصص في منحي القدرة على الحكم على اعمالي الادبية بموضوعية ونضج فقد اتاحت لي الدراسة الادبية والنقدية ان اعي بفائدة الادب العالمية للمبدع,, فاي منحة جميلة منحتها لي الحياة ان اكون ابنه لشاعر وناقد كبير يحترم ابداعه وله موافقه الوطنية المعروفة انني افخر بأبي واعتز بانه لم يبخل علي باي جهد او وقت من اجل تشجيعي ودفعي الى الامام.
لذا اؤكد انه لايمثل لي اي ضيق ان يقول لي شخص ما ان ابي ساعدني لان هذا هو دور الابوة الحقيقي، وفي المقابل اشعر اني محظوظة لان ابي اخذ بيدي في اولى خطواتي، وهي اهم خطوات فكم من مبدع تخسرة لانه لم يجد من يشجعه فتوقف بكل بساطة دون ان يشعر به احد.
قد اندفعت بعد تشجيعي اكت دون خوف او تردد، استفيد من سمات ابي واخطائه ايضا التي قد تكون اخطاء قدرية، واعوضه احيانا ربما عن اشياء فاتته.
وفي النهاية ارى انه من المدهش ان البعض يقارن الابن او الابنة بابيها المبدع الكبير، بينما يستقل الابن بعد فترة بسيطة باسلوبه الخاص بالاضافة الى انه من الطبيعي في راي ان الاب يتبنى ابنه ابداعيا في البداية، واذا لم يكن الاب فاي مبدع كبير، فما اجمل ان تعبر عن نفسها بالتشجيع النقدي.
والاهم من الموهبة الموروثة الموهبة المكتسبة والاستمرارية في طريق الادب الذي صار ممتلئا بالمنافسة, في سبيل تحقيق الهدف الكبير وهو التعبير عن الهموم الانسانية والقومية.
واعترف بالنسبة لي ان الحدود بين الموروث والمكتسب تلاشت تماما واؤكد دائما ان الاهم من الوراثة هو النماء، كيف انمو والى اين اصل؟!
فخر الانساب
نوارة ابنة شاعر له مكانة متميزة جدا في تاريخ الشعر العامي هو الشاعر الكبير احمد فؤاد نجم اما والدتها في الكتابة صافيناز كاظم .
ونواره الى جانب عملها الاعلامي في قناة النيل للمعلومات، فهي كاتبة صحفية وتكتب القصة القصيرة منذ فترة طويلة وان لم تتحذ قرار اصدار مجموعتها الاولى بعد وتقول: كتبت الشعر مرى واحد فقط ربما تأثرا بابي في الثالثة عشر وعندما عرضتها على والدي لم يلمحا فيها موهبة الشعر فشجعاني على التوقف!!
وبعد ذلك بفترة طويلة نسبيا كتبت القصة,, وعرضتها على والدتي فشجعتني وقالت انها لمحت موهبة قصصية في كتابتي وشجعتني على الاستمرار ومنذ ذلك الحين وانا مستمرة في الكتابة لكن ليس بشكل مستمر ولا افكر الان في اصدار مجموعة، لان ماكتبته ينتمي لمراحل متعددة ولا استطيع ان اصدره بشكل مجمع,.
ربما في مرحلة قادمة اقوم بخطوة اصدار المجموعة لكن ليس الآن، وبالنسبة لسيري على درب والدتي في مجال الادب فالحقيقة المطلقة امامي انني لن احقق خطوة واحد مما قدموه لسبب بسيط انهما اكبر كثيرا من ان يحاول احد الوصول الى مكانتهما الادبية حتى لو كان هذا الاحد ابنتهما وايضا لان لكل منها تاريخ يعرفه الوسط الثقافي والادبي، وكانا لهما موافقفهما التي يعرفها الجميع.
لذلك اتشرف جدا عندما اعرف نفسه باسمي كاملا نواره احمد فؤاد نجم ابنه صافيناز كاظم ليس محاولة لاقتباس بعض النور الذي يشع حول اسميهما لكنه شعور شديد بالافتخار تماما كما يفتخر العرب بانسابهم.
بعد هذه الشهادات كان لابد من الرأي النقدي فيعلق الناقد الدكتور عبدالمنهم تليمه على امكانية توريث الموهبة الادبية من الاباء الى الابناء قائلا: لا انكر امكانية توريث كاتب كبير او اديب كبير الموهبة لابناءه عبر الجينات الوراثية، لكن في نفس الوقت اؤكد على انها عملية غير حاسمة حتى الان سواء على المستوى العلمي او على مستوى الاستقراء التاريخي لحياة كبار الادباء والكاتب، بمعنى انه لايوجد اديب في العالم كله اخذ شهرته ومكانته من ابيه، وبالطبع نعتد بعوامل التنشئه الاجتماعية والبيئة الادبية التي قد تساعد في بلورة موهبة ادبية لكن لابد ان توجد الموهبة في الاصل، لان الموهبة والعبقرية مسألة فردية تماماً صلة لها بالابوة او البنوة، ولايجب القاء الضوء على ابناء الموهوبين من منطلق انهم مؤهلين لان يكونوا موهوبون.
وايضا ان يكون همنا الاول اقصد النقاد ان تكون نظريتنا النقدية محايدة تماما وان يتم تناول العمل الادبي بشكل منفصل عن اية معايير اخرى خلاف المعايير النقدية.

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved