أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 9th September,2000العدد:10208الطبعةالاولـيالسبت 11 ,جمادى الثانية 1421

متابعة

الارتقاء بعمليات حفظ السلام واحد من التحديات الكبرى
د, الأخضر الإبراهيمي *
أصدر السيد كوفي عنان تقرير الفريق المعني بعمليات حفظ السلام الذي شرفت برئاسته ويختتم الأمين العام الرسالة التي يوجهها الى الدول الأعضاء بهذه المناسبة بقوله: أرجو ان يطلع على هذا التقرير كل الزعماء القادمين الى نيويورك في أيلول/ سبتمبر 2000 للمشاركة في مؤتمر قمة الألفية, فهذا الاجتماع الرفيع والتاريخي يعد فرصة فريدة نجدد فيها قدرة الأمم المتحدة على بناء السلام وترسيخه, وفي ذلك التمس المساندة والدعم من الجمعية العامة ومجلس الامن لتحويل البرنامج الطموح الوارد في التقرير الى حقيقة واقعة ونأمل في ان يلقى هذا المطلب ما يستحق من عناية واهتمام, فقد تأسست الأمم المتحدة لانقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحروب وتلك أبرز مهمة تنهض بها المنظمة، وهي الى حد بعيد، معيار الحكم عليها في المستقبل لكن في السنوات العشر الأخيرة وبسبب التغير الذي طرأ على طبيعة الصراعات بعد الحرب الباردة عانت الأمم المتحدة من الفشل عدة مرات تجلت في مأساة رواندا عام 1994م ومأساة سربرينيتشا عام 1995م.
لم يكن أمام فريقنا الا أكثر قليلا من أربعة أشهر، وكان عليه ان يقيم خلالها هذا القطاع البالغ الأهمية وان يقدم توصياته للمستقبل وقد أنجزنا هذه المهمة بموضوعية وحيدة لكن بوعي تام بأهمية الأمم المتحدة، وأهمية الدور الذي تؤديه في هذا العالم، وهو دور لا بديل عنه، ولابد ان تستمر في أدائه.
أما المنادون بأن تعتمد المناطق والأقاليم على نفسها في حفظ السلام، فما عليهم الا ان ينظروا الى منظمة الوحدة الافريقية، التي سرعان ما استنفدت كل طاقتها رغم الجهود المحمودة التي بذلها زعماؤها أو ينظروا الى حلف شمال الأطلسي نفسه، ألم يضطر هذا الحلف للرجوع الى الأمم المتحدة لانهاء العملية التي بدأها في كوسوفو وتولى مسؤوليتها الرهيبة بمفرده.
ومع ذلك لا مناص من الاعتراف بأن المنظمة، حتى في يومنا هذا، نادرا ما تكون قادرة على الوفاء بما تنتظره منها الأسرة الدولية، وان مطلب التغيير أصبح أشد وضوحا مما كان، بعد الأحداث المحرجة التي وقعت في سيراليون, لكن بدون التغييرات المؤسسية الكبرى وزيادة الدعم المالي وتجديد الالتزام من جانب الدول الأعضاء لن تستطيع الأمم المتحدة ان تنهض في الأشهر والسنوات القادمة بمهمة حفظ السلام وبناء السلام، وهي مهمة حاسمة ائتمنتها عليها الدول الأعضاء.
ولم يكن فريقنا هو الوحيد الذي توصل الى هذه النتيجة فقد خلصت اليها أيضا الدول الأعضاء والأمين العام لكن الناس لا يعرفون ان مقر الأمم المتحدة لا يوجد به سوى 32 ضابطا عسكريا هم الذين يتولون تحديد عمليات حفظ السلام وتخطيطها، وجلب الوحدات العسكرية وتوجيه الأفراد الذين يبلغ عددهم حاليا أكثر من 28000 فرد, كما ان الناس لا يعرفون انه للتعامل مع الشرطة المدنية التي يزيد عددها في الوقت الراهن على 7000 فرد ينتمون الى حوالي 50 بلدا مختلفا متناثرة في شتى أرجاء المعمورة لا يوجد بالأمانة العامة الا تسعة من ضباط الشرطة لدعم أفرادهم العاملين في الميدان وتوجيههم واسداء النصح لهم, وفوق ذلك فان الوضع بالنسبة للادارة المدنية لا يقل سوءا, والواقع ان المعجزة الحقيقية تكمن في تجنب أي مزيد من الاخفاق، ومرارة الفشل، وفي هذا لابد ان نشيد بالرجال والنساء المتفانين في عملهم، الذين يصلون الليل بالنهار بمعنى الكلمة في كثير من الأحيان ويعملون في صمت وترفع، محاولين رغم كل شيء، مد يد العون والمساعدة لكل من يحتاج اليها في شتى أنحاء العالم, وقد بحث فريقنا بالتفصيل في تقريره كل هذه المشاكل، ومشاكل كثيرة غيرها، واقترح حلولا محددة وملموسة, ونعتقد ان توصياتنا تمثل بداية طيبة لتعزيز أداء الأمم المتحدة حين يتعين عليها ان تساعد في حسم أي نزاع من النزاعات, وقد كانت استجابة الأمين العام لتقريرنا استجابة بناءة ، ففي الرسالة التي وجهها الى الدول الأعضاء على سبيل المثال، كتب يقول ان التحليل الذي أجراه الفريق تحليل صريح لكنه تحليل جيد، وتوصياته تطالب بتغييرات عميقة لكنها واقعية ومحددة, وفي نفس الرسالة، أعلن انه عين السيدة لويز فريشيت، نائبة للأمين العام، ضمانا لمتابعة التقرير واعداد خطة مفصلة للتنفيذ، يقدمها الأمين العام هذا الخريف الى الجمعية العامة ومجلس الأمن, وهذا القرار يجب ان يلقى منا كل ترحيب واستحسان، وذلك لسببين: الأول، انه يؤكد تصميم الأمين العام على بذل كل ما في وسعه لتحويل توصيات الفريق الى حقيقة واقعة، والثاني ان السيدة لويز فريشيت مؤهلة اكثر من غيرها للاضطلاع بالمسؤولية التي كلفها بها الأمين العام, فقبل توليها منصبها الحالي على قمة الهرم الوظيفي بالأمم المتحدة، كانت سفيرة لكندا لدى الأمم المتحدة، ثم نائبه لوزير المالية، ثم نائبة لوزير الدفاع, وهذا يعني في ضوء التزام كندا الثابت بعمليات حفظ السلام، ان لويز فريشيت كان عليها ان تتعامل مع هذه المسائل من أكثر جوانبها تنوعا، وبالتالي ستكون قادرة على التصرف من خلال معرفتها بالأوضاع معرفة تامة عند وضع الخطة التي يتوقعها منها الأمين العام لتنفيذ توصيات الفريق, وفضلا عن ذلك، وهو ما لا يقل أهمية، فان لويز فريشيت أفضل استعدادا من أي شخص آخر لمساعدة الأمين العام في التغلب على المقاومة البيروقراطية التي يمكن توقعها سلفا للتغييرات العميقة المقترحة في التوصيات.
في 6 أيلول/ سبتمبر سيفتتح مؤتمر قمة الألفية في مقر الأمم المتحدة, وسيكون أمام رؤساء الدول والحكومات من العالم أجمع ما يسمى تقرير الألفية الذي اختير له عنوان لا يخلو من الدلالة هو نحن الشعوب ، والذي أعده الأمين العام لهذه المناسبة, وفي هذا النص الذي صيغ بعبارات راقية، يناشد كوفي عنان قادة العالم ان يتعاونوا فيما بينهم، ومع الأمم المتحدة لتخليص الانسان من العوز والخوف، أو بعبارة أخرى، من اجل التغلب على الفقر والمرض والجهل، وتسوية الصراعات والنزاعات.
هذا هو الاطار الذي أنشىء في ظله فريقنا، وهذه هي الروح التي أنجزها بها مهمتنا والتي يستعد بها الأمين العام لعرض النتائج التي توصلنا اليها على مؤتمر قمة الألفية, أما في اليوم التالي لافتتاح القمة، فسيكون الدور على مجلس الامن ليقعد اجتماعا رفيع المستوى يناقش الاجراءات التي يجب ان يتخذها المجلس بصدد حفظ السلام، خصوصا في افريقيا وهكذا سينظر مجلس الأمن هو الآخر في تقريرنا وسينظر في التوصيات المحددة التي لها تأثير مباشر على اجراءاته، وعلى ضرورة التوصل الى قرار، حتى يتمكن الأمين العام من تزويد المجلس بتقرير واف، والحصول في المقابل على تكليفات واضحة وسليمة وممكنة التحقيق، وحتى يتوثق التعاون بين المجلس وبين الدول المشاركة بقوات، وحتى يعمل المجلس على توفير الموارد اللازمة لتحقيق الأهداف التي يحددها في تكليفاته.
وهنا أيضا نأمل في ان يحقق أعضاء مجلس الامن، خصوصا الأعضاء الدائمون، ما تنتظره منهم الأسرة الدولية، التي ما زالت تؤمن بالأمم المتحدة وتتوقع منها الكثير.
* رئيس الفريق المعني بعمليات الأمم المتحدة للسلام

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved