أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 9th September,2000العدد:10208الطبعةالاولـيالسبت 11 ,جمادى الثانية 1421

عزيزتـي الجزيرة

إسهاماً في التوعية
وقفات متأنية مع الحملة المرورية
دائما العملية البنائية لا يقوم جدارها ويقوى عودها إلا بتشابك الايدي، فقد تتبعثر الجهود اذا سيطر كل من عدم الرغبة في المشاركة البنائية او انفرد كل واحد بعمل لوحده مستغنيا عن الآخر، و طغت النزعة العدوانية عند بعضهم ضد كل ما هو منظم وجماعي لينعم هو بحرية الفوضى الموجودة لامر في نفسه.
ومن اهم مقومات العملية البنائية تقبل المشورة، وفتح الابواب والنوافذ لاستقبال الرأي الآخر ليؤخذ منه ما هو مفيد ومقنع، وقبل ايام انطلقت الحملة المرورية التوعوية، والتي من اهم اهدافها محاولة إيقاف او التقليل من ذلك الطوفان المرعب من الحوادث المفزعة التي اودت بحياة كثير من الناس، او ألقت ببعضهم في زوايا المصحات وهم بقايا بشر لا أموات فينسون او احياء فيرجون.
اذاً هذه بعض الوقفات المتأنية لعلها تساهم في العملية التوعوية والبنائية لهذه الحملة,, وقبل الغوص في هذه الأفكار لابد من تحديد العناصر المتفاعلة مع بعضها في هذه العملية، هم بكل بساطة:
أ السائق، ب المركبة، ج الطريق، د, رجل الامن، ه الاشارة, ولكل عنصر مسؤوليته المحددة، فإذا وعى كل مسؤوليته ودوره تقلل بإذن الله ما نتخوف منه وهو الحادث.
فالسائق يأتي بالدرجة الاولى لان بيده مقود القيادة وقد يتحكم بمصير مجموعة كبيرة من الناس حافلة مثلا فماذا يحتاج هذا السائق لكي يطمئن له الراكب، والسائر على قدميه عبر الطريق الذي سيمر منه هذا السائق، والسائق في المركبة الاخرى المقابلة؟
اذاً نحن امام عملية معقدة ومسؤولية كبيرة لهذا السائق، لانه يجب عليه ان يراعي هذه العملية المعقدة دفعة واحدة.
والعقل هنا هو المستحكم فكلما تعامل السائق بعقل واتزان وتقدير للعواقب قبل السير تجنب هذه الفواجع بإذن الله,, ولكي يقدر كل منا هذا الامر، تصور انك انت ايها السائق تسير بأمان بسيارتك الجديدة التي اشتريتها تقسيطاً ثم فاجأك احدهم ملغيا عقله متجاوزا للاشارة وبسرعة كبيرة، فانتهت سيارتك الى مقبرة التشليح ما هو شعورك؟!.
فإذا عرف هذا السائق ما له وما عليه وماذا ينتظره من عقاب لتعامل مع المركبة بكل تعقل واتزان ولكن كيف سيستوعب ذلك السائق الذي ضرب بعرض الحائط كل ما امامه في الطريق العام من بشر وغيره ثم يخرج بعدما ارتكب ذلك الحادث وعليه الخطأ كالشعرة من العجينة؟! وما هي مساحة الآلام التي سيسببها مرة اخرى دون ان يرف له جفن؟,, (السؤال يبقى مفتوحاً) كيف نجعل من السائق بغض النظر عن عمره وجنسيته راعيا لهذه المسؤولية؟.
المركبة وهي اداة الفعل هنا ففيها قد تكون الهلكة ولا ذنب لها فهي جماد يتحرك بفعل فاعل على حسب درجة عقله ووعيه وخوفه من الله.
لذلك هل بالامكان معرفة نسبة الحوادث الناتجة عن المركبة نفهسا؟,, والمراكب في مدننا مختلفة الاعمار والصلاحية ومختلفة المميزات, فبعضها لا يوجد بها اصلا حزام للامان، فهل سيتم اخراج هذه المراكب من الخدمة وايقافها عن السير في الطرقات؟ وماذا سيكون الحال مع أصحابها محدودي الدخل الذين لا يجدون غيرها للتنقل؟ وهل ستوجد ورش متخصصة تقوم بتركيب احزمة للامان كحل وقائي؟ واذا احتج صاحب المركبة ذو الاسرة الكبيرة والدخل المحدود لعدم توفر المبالغ لهذه العملية الاضافية، هل ستصرف هذه الاحزمة بالمجان؟ مثل الدواء في المستشفيات,, فالهدف حماية الناس من الخطر قدر الامكان وما هو موقف رجل المرور من صاحب السيارة الذي تم ايقافه عند اشارة المرور وقد ارتكب مخالفتين بغير ارادته؟ الاولى لم يربط حزام الامان لعدم وجوده في السيارة اصلا، والثانية قد اركب اطفاله في حوض السيارة، فقال بكل عفوية لرجل المرور إن امكانياته المادية لا تسمح له بشراء سيارة ذات مواصفات متقدمة، فهل سيكتب عليه رجل المرور مخالفة يسدد قيمتها مبلغا مالياً فتزيد حمله وزناً اضافياً؟.
الطريق وهو المكان الذي تسير عليه المركبات فله من الاهمية ما يجعله احد اهم العناصر في رسم خريطة الحادث، قد تقول! كيف؟ ولك حق في هذا السؤال، ولكن اذا اردت ان تتعرف على هذا فما عليك الا ان تسير مسافرا ليلاً من الرس حتى بلدة ظلم باتجاه الطائف، او السفر من القصيم للمدينة ليلا ثم اكمل مشوارك الى بلدة، او السفر باتجاه جيزان عن طريق الساحل المار بالليث والقنفذة، او تسافر من رفحا باتجاه عرعر، فإذا قطعت هذه الطرق تحس انك ولدت من جديد.
فالسلبيات كثيرة، منها ضيق الجسور الصغيرة الموجودة (الرس عفيف) فقد تمر ناقلة وتقابلها حافلة في ليل بهيم وانوار كاشفة لك ان تتخيل ماذا سيحدث؟.
وكثرة التعرجات والمنحنيات الخطرة (المدينة بدر).
وجود الابل السائبة التي تقطع هذه الطرق من جهة الى اخرى دون خوف او وجل او حاجز يمنعها وصاحبها يرقد ملء جفنيه ناسياً ان ابله قد تودي بحياة برىء اخذ اسرته للعمرة او الحج او السياحة الداخلية، ويكتب في نهايته قصة حياته بالعبارة المشهورة (صدم بعيرا ومات او صدم بعيرا واصيب بشلل رباعي)؟!
وجود أناس يقودون سيارات على هذه الطرق لم يصرح لهم بالقيادة اصلا وهم لا يحسنونها فتجدهم مثل الالغام المدفونة، تسير انت بأمان مسافرا واذا بك تفاجأ بأحدهم يقود سيارة متهالكة لا تصلح الا ان تكون (معلفاً للبهائم) ثم يقطع عليك الطريق من جهة الى اخرى فتقع الكارثة والسبب انه جاهل والطريق امامه مفتوح من جميع الجهات (المدينة القصيم، الرس، عفيف).
رجل الأمن الذي هو العنصر المنظم والمسؤول عن اخراج هذه العملية والمراقب لسير فصولها، هل تم اعداده نفسيا وتدريبيا وعملياً وعلمياً على التعامل مع الجمهور على مختلف مشاربهم وثقافاتهم وتباين سلوكياتهم وقدرة فائقة على تحمل درجات الطقس حراً وبرداً دون ان يؤثر هذا الخليط المتباين على قراره وتعامله مع الحادث حسب درجته وقوته؟,, فتعامل رجل الامن يعطي انعكاساً سلبا او ايجابا على اختفاء او بقاء هذه الظواهر المزعجة والسلوكيات العجيبة,, اذاً لا يخفى موقع رجل الأمن المهم والمهم جدا جداً,.
الاشارة لها نصيب ايضا فكيف نفرض احترامها على المتعامل معها؟ ونجعل الامتثال لها عن قناعة ووعي حضاري؟.
احيانا نجد في بعض التقاطعات المعينة من بعض الشوارع قليلة الحركة نجد اشارة قد اضاءت اللون الاحمر الساعة الثانية ليلاً فما هو المعيار الحقيقي للتعامل معها في هذه اللحظة (؟) لذلك السائق المحترم الذي خرج من بيته في تلك الساعة متوجهاً للمستشفى بطفله الذي ارهقه البكاء فبدأ الصراع في داخله بين وعيه الحضاري وامتثاله وبين بكاء طفله من الالم مع هذه الاشارة بلونها الأحمر في هذا الشارع الميت هذه الساعة والثانية هنا لها قيمتها؟.
فهل نجبره نحن على عدم احترامها وتجاوزها تحت هذا الظرف؟ ام تكون هناك دراسة متأنية لوضع الاشارات في الاماكن ذات الحاجة الفعلية والعملية ونوجد بديلاً في بعض التقاطعات لكي نجنب السائق المحترم المحتاج حرج تجاوز هذه الاشارة، ولا نعطي ذلك الجاهل فرصة التقليل من هيبتها؟ ونوفر جهدا ذهنياً وبدنياً لرجل الامن في متابعة هذا الكم الهائل من الاشارات في بعض التقاطعات في بعض المدن.
اخيرا,, (يبقى السؤال مفتوحا),, ثم لابد من توفر النية الصادقة لدى الجميع كل حسب موقعه ومسؤوليته، فالمسؤولية مشتركة وتقع على عاتق الجميع، لان لكل فرد مساحته ويؤثر سلبا او ايجابا والفرصة متاحة للجميع بالمشاركة,, فالحوار وتشابك الايدي وسماع الرأي الآخر هو الطريق الآمن للبناء الصلب.
والله من وراء القصد، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
عبدالله العيادة
بريدة

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved