أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 12th September,2000العدد:10211الطبعةالاولـيالثلاثاء 14 ,جمادى الثانية 1421

الاقتصادية

أسواق العرب
د, طاهر تونسي
يقول الله تعالى في محكم التنزيل: لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف .
وإيلاف قريش الذي ذكر في محكم التنزيل يعد من اهم الاحداث التجارية والاقتصادية في جزيرة العرب قبل ظهور دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وغني عن التعريف القول ان قريشا هي القبيلة التي سكنت مكة وقد ورد في سبب تسمية قريش اقوال منتشرة في كتب السير والأدب واللغة, والقرش في اللغة كما أوضح صاحب اللسان هو الجمع, فمن اسباب التسمية لقريش انهم سُمَّوا قريشا لتجمعهم الى الحرم وذلك بعد تفرقهم في البلاد وذلك حين غلب مكة قصي بن كلاب الذي سمي مجمعا وقال فيه الشاعر:


أبوكم قصي,, كان يدعى مجمعا
به جمع الله القبائل من فهر

وقيل من سبب التسمية لأن أباهم النضر بن كنانة اجتمع في ثوبه يوما فقالوا: تقرش ولأنه جاء الى قومه فقالوا: كأنه جمل قريش أي شديد.
وقيل سميت القبيلة بمصغر القرش وهي دابة بحرية تخافها دواب البحر كلها, أما إيلاف قريش الذي ذكره الله في محكم التنزيل فقال: لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف فأمره مستفيض في كتب السيرة والتاريخ وفي تحديد معنى الإيلاف مذاهب منها انه الدأب كما أورد ابن سعد في الطبقات أو انه العهد كما أورد صاحب القاموس, وخلاصة فكرة الإيلاف الاقتصادية أن هاشم بن عبد مناف رأى ما يصيب أهل قريش بين الفينة والأخرى من المجاعة والانكماش الاقتصادي ففكر في فكرة عظيمة وهي ان يذهب كل بني أب في الرحلتين رحلة الشتاء الى اليمن ورحلة الصيف إلى الشام ثم ينظر الغني الى ربحه فيقسمه بينه وبين بني أبيه حتى يكون الفقير كالغني فعز الناس وانتعشت احوالهم الاقتصادية وكانوا من العزة والمكانة بحيث حسدهم بقية العرب.
وقد اهتم العرب بأمور الاقتصاد في الجاهلية فكان من أهم مظاهر هذا الاهتمام إنشاء أسواق للعرب في الجاهلية, ولقد ألَّف كثير من أهل العلم تصانيف عن أسواق العرب ومن أجود ما كتب في هذا المضمار كتاب أديب الشام وباحثها الشيخ سعيد الأفغاني (أسواق العرب في الجاهلية والإسلام), وقد بدأ الاستاذ الأفغاني كتابه بمقدمة شرح فيها سبب تأليف الكتاب ثم تحدث عن تجارة العرب وعن أنواع البيوع في الجاهلية فشرح بيع الرمي بالحصاة وبيوع المنابذة والملامسة والمعادمة والمزابنة والمحاقلة والمخابرة وغيرها.
وتحدث أيضا عن ربا الجاهلية وعن انتشار هذا الداء الاقتصادي الذي يعصف هذه الأيام بالاقتصاد الأوروبي, ثم تناول أسواق العرب في الجاهلية ومنها سوق دومة الجندل وسوق المشقر وسوق هجر وسوق حباشة, ثم تناول أهم الأسواق وهي سوق عكاظ وسوق مجنة وسوق ذي المجاز.
يقول الاستاذ سعيد الأفغاني عن سوق عكاظ: عكاظ هي المعرض العربي العام ايام الجاهلية، معرض بكل ما لهذه الكلمة من مفهوم لدينا نحن أبناء هذا العصر: فهي مجمع أدبي لغوي رسمي له محكمون تضرب عليهم القباب فيعرض شعراء كل قبيلة عليهم شعرهم ونثرهم فما استجادوه فهو الجيد وما بهرجوه فهو الزائف, وحول هذه القباب الرواة والشعراء من عامة بلاد العرب.
فما ينطق الحكم بحكمه حتى يتناقل اولئك الرواة القصيدة الفائزة فتسير في اغوار الجزيرة وانجادها وتلهج بها الألسن في البوادي والحواضر, يحمل الى هذا السوق التهامي والحجازي واليمامي كل الفاظ حيه ولغة قطره فما تزال عكاظ بهذه اللهجات نخلا واصطفاء حتى يتبقى الأنسب الأرشق ويطرح المجفو الثقيل .
ولعل الله يقيض لنا من المعاصرين من يؤرخ لأسواق العرب في القرن العشرين سواء ما كان من معارض سنوية للكتاب، أو ما كان من معارض تجارية للتسوق فهو مجال فيه المتعة والفائدة الكبيرة.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved