أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 14th September,2000العدد:10213الطبعةالاولـيالخميس 16 ,جمادى الثانية 1421

العالم اليوم

بعد التأجيل الثاني لإعلان الدولة
باحثون سياسيون: المقاومة أصبحت الورقة الرئيسية في القضية الفلسطينية
محمد وفاء حجازي: المقاومة أساس وليست خياراً,, وإسرائيل تجر الفلسطينيين إلى تفاوض لن ينتهي
د, أحمد يوسف أحمد: ورقة إعلان الدولة الفلسطينية فقدت تأثيرها التفاوضي,, وإسرائيل لا تستطيع العودة لاحتلال مناطق الحكم الذاتي
* القاهرة مكتب الجزيرة محيي الدين سعيد
في خطوة أجمع الكثير من المراقبين على انها كانت متوقعة اجلت القيادة الفلسطينية مرة اخرى إعلان الدولة الفلسطينية الذي كان مقررا له ان يتم في الثالث عشر من الشهر الجاري.
التراجع عن إعلان الدولة وهو الثاني من نوعه جاء ليطرح بقوة تساؤلات على الساحة السياسية فحواها عما بعد تأجيل إعلان الدولة الفلسطينية.
الكثير من المحللين أصبحوا ينظرون الى ورقة الضغط الفلسطينية المتمثلة في التلويح بإعلان الدولة على انها اصبحت ورقة ضعيفة بفعل تكرار التلويح بها دون عمل حقيقي على أرض الواقع,, ويرى المحللون ان هذه الورقة تفقد مصداقيتها شيئا فشيئا مع كل تراجع عنها,الجزيرة استطلعت آراء عدد من المحللين السياسيين المصريين والفلسطينيين حول هذه القضية,.
في البداية يقول الدكتور أحمد يوسف احمد رئيس معهد البحوث السياسية التابع لجامعة الدول العربية: انه مما لاشك فيه ان التهديد بإعلان الدولة الفلسطينية أكثر من مرة ثم التراجع عن ذلك إنما يضر بمصداقية هذا القرار في حد ذاته.
ويرى انه إذا كان المقصود بورقة إعلان الدولة ان يتم استثمارها كورقة تفاوضية، فمما لا شك فيه ان التأجيل اكثر من مرة يضعف تأثيرها,ويقول الدكتور يوسف انه ضد استخدام التلويح بإعلان الدولة ثم التراجع عنها مشيرا الى ان قرار الإعلان بقيام الدولة ليس قرارا دبلوماسيا وانما لابد له ان يقوم على واقع يدرس جيدا ردود الأفعال التي ستصدر من مختلف الاطراف المشاركة في القضية,ويؤكد ان إسرائيل لم تكن لتلجأ الى إعادة احتلال مناطق الحكم الذاتي في حال إعلان الدولة ولكنها بالتأكيد كانت ستلجأ لأساليب اخرى في مقدمتها الحصار الاقتصادي على الفلسطينيين.
ويضيف الدكتور يوسف انه لو ان مقومات الدولة كانت متوافرة والدفاع عنها ممكنا لأصبح إعلان هذه الدولة واجبا، مشيرا الى ان ميزان القوى الإسرائيلي العربي ؟؟ والإسرائيلي الفلسطيني خاصة في الوقت الحالي لا يفضي الى اي تسوية متوازية، وفي كل الأحوال والكلام للدكتور احمد يوسف فنحن لا نأمل في الوصول لتسوية عادلة وانما التوصل لتسوية فيها قدر من التوازن.
ويرى الدكتور احمد يوسف ان الموقف التفاوضي الحالي يفضي الى احد أمرين، إما إلى مزيد من الفشل في التوصل الى اتفاق بكل ما يعني ذلك من تبعات في مقدمتها العنف او القبول الفلسطيني بتسوية بالغة السوء، ويؤكد ان الحل في كل ذلك هو محاولة تصحيح ميزان القوى الحالي بكل جوانبه وليس العسكرية بالضرورة مشيرا الى ان الورقة الوحيدة الحالية في يد الفلسطينيين هي البدء فورا في تقوية الموقف الداخلي ومحاولة حشد اكبر دعم عربي ودولي ممكن.
ويشدد على ان استمرار التعسف الإسرائيلي لابد ان يفتح الطريق للتفكير في البديل وهو المقاومة والانتفاضة اقتداء بما حدث في جنوب لبنان ورغم ان الامور لا تتكرر بحذافيرها دائما وانما هي بالطبع تتكرر في طبيعتها وجوهرها.
الكاتب الفلسطيني عبدالقادر ياسين يقول: لقد أكد تأجيل إعلان الدولة مرة اخرى ان اتفاق اوسلو رهن القرار السياسي الفلسطيني لدى الحكومة والكنيست الإسرائيليين وانه لم يعد بمقدور سلطة الحكم الذاتي اتخاذ أي قرار في اي موضوع مصيري.
ويضيف: هنا تجلى عجز هذه السلطة بعد ان وضعت نفسها في وضع لا تحسد عليه مما اجبرها على إعلان عجزها التام في هذا الصدد في شكل تأجيل إعلان الدولة.
الدكتورة عائشة راتب استاذ السياسة الدولية ووزيرة التأمينات الاجتماعية السابقة تتساءل اين الحدود التي كان عرفات سيعلن عليها الدولة وهل كانت الدولة ستعلن على غزة أم على القدس الشرقية؟! وتقول: ان السلطة الفلسطينية يجب ان تعلم جيدا اولا على ماذا ستعلن دولتها.
ويضيف ان الفلسطينيين رأوا انهم لا يوجد أمامهم غير التفاوض ثم التفاوض ثم التفاوض حتى ينفخ الله في صورة العرب ويتخذوا موقفا موحدا في هذه القضية.
وتؤكد ان مصادر القوة موجودة في ايدي العرب وان عليهم استغلالها جيدا لصالح قضاياهم وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وترى الدكتورة عائشة ان دول الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة لم تكن لتعترف بالدولة الفلسطينية وأن هذه الدولة يجب ان تفرض وجودها وتعلم حدودها وبدون كل مقومات الدولة يكون التلويح بإعلان الدولة مجرد سراب.
انفصام المواقف
الدبلوماسي المصري السابق محمد وفاء حجازي يقول: ان تأجيل إعلان الدولة الفلسطينية اكثر من مرة اسقط أي وسيلة أو اسلوب ضغط تستخدمه السلطة الفلسطينية على اسرائيل واظهر انفصاماً واضحا بين الموقفين العربي والفلسطيني وجعل كل محاولة للتسوية هي محاولة فاشلة او في طريقها للفشل.
ويؤكد حجازي,, ما يسمى بورقة إعلان الدولة الفلسطينية هي ورقة هزيلة ولا قيمة لها عمليا ولا يمكن ان تؤدي الى نتائج إيجابية وان الطرف الفلسطيني يستخدمها مبتعداً عن الموقف العربي.
ويقول: ان هذه الورقة استنفدت اغراضها وفي المرة الأخيرة لم تكن لها في الأساس قيمة وكان الجميع يتوقع تأجيلها.
ويؤكد أن الجانب الفلسطيني دخل الحقل التفاوضي بدون قدرة على الفعل في الميدان وحلبة الصراع وعلى ارض الواقع في حين كان الموقف الاوروبي والأمريكي متضامناً تماماً مع إسرائيل.
ويشدد حجازي على ان القضية الفلسطينة ليست كلامية ولكنها نضال على ارض الواقع وان المقاومة والنضال ليست خيارا وانما هي الأساس مشيراً الى ان الانتفاضة الفلسطينية عندما اندلعت زلزلت الارض من تحت أقدام الإسرائيليين وأجبرت الأمم المتحدة على الانتقال بجلساتها الى جنيف ليحضرها عرفات الذي رفضت الولايات المتحدة منحه تأشيرة الدخول لأراضيها لحضور جلسات المنظمة الدولية.
ويشير الى ان الاسرائيليين يستخدمون تكتيكاً ظريفا حسب وصفه حيث يجرون الفلسطينيين الى عملية تفاوضية لا تنتهي في حين يقومون هم بتغيير الأمر الواقع في كل لحظة ويقومون بهدم البيوتات الفلسطينية وإقامة المستطونات وحفر الانفاق تحت المسجد الأقصى والعرب غارقون في العملية التفاوضية التي لا تتعدى الحديث والكلام بدون عمل على أرض الواقع.
استراتيجية التفاوض
الباحث الفلسطيني الدكتور محمد خالد الأزعر له رأي مغاير حيث يقول: انه لا يجب ان يؤخذ تأجيل اعلان الدولة لأكثر من مرة وكأنه سيف مسلط على رأس القيادة الفلسطينية فهذه القيادة تنظر الى البيئة المحلية والاقليمية والدولية وتدرس في مدى انعكاس هذه الخطوة على المصالح العليا للقضية.
ويؤكد الازعر أن تأجيل إعلان الدولة ليس اهتزازاً في الاداء ولا يجب ان ننظر اليه بهذا المنظور السلبي، وفي نفس الوقت بأنه من غير المستحب أيضاً الإعلان في كل فترة عن موعد لقيام الدولة ثم التراجع عنه ويقول الأزعر اننا يجب ان نكون اكثر حرصاً في عملية إلقاء اللوم على المفاوض الفلسطيني والتأجيل لم يكن نهاية المطاف لأن العملية التفاوضية مستمرة والتأجيل يدل على التمسك باستراتيجية التفاوض وإعطاء أكبر مهلة ممكنة له.
ويشير الازعر الى أن إعلان الدولة ليس الورقة الوحيدة في يد السلطة وحتى الآن لم يتم استبعاد هامش الشرعية الدولية وهذا الهامش يسمح باستخدام ادوات أخرى لمقاومة المحتل لكن المسألة في رأي الازعر هي ان تضع السلطة عنوانها بأنها ستحقق اهدافها بالنسبة للشرعية الدولية وانها ستتخذ ادوات تحقيق هذه الاهداف بما يناسب الشرعية الدولية ايضاً.
أسباب التأجيل
ورغم أن المؤرخ الدكتور يونان لبيب رزق يرى أن كثرة تحديد مواعيد لإعلان الدولة ثم النكوص عن التنفيذ يضعف كثيرا من الفكرة ويجعل صورة السلطة الفلسطينية كمن يتخذ قرارا دون ان يرد له ابعاده، إلا أنه يرى ان تأجيل إعلان الدولة لم يأت من فراغ وانما سبقه جولة عالمية موسعة للرئيس عرفات فشلت في حشد تأييد دولي لقرار إعلان الدولة في الوقت الحالي.
ويشير اشرف الى ان كثيراً من الدول التي زارها عرفات وربما معظمها نصحته بتأجيل إعلان الدولة وكان هذا دافعاً لاتخاذ قرار التأجيل إضافة الى محاولة اتاحة أكبر فرصة ممكنة لعمليات التفاوض الجارية.
ويرى الدكتور رزق ان قرارا مثل قرار إعلان الدولة يمس صميم الصراع الفلسطيني والعربي الاسرائيلي كما يمس الواقع العالمي يستلزم في المرة المقبلة دراسة متأنية وشاملة حتى لا يعطي الفلسطينيون الفرصة للطرف الأخير بالاستهانة بهم وبمقدراتهم.
تحدي العالم
الدكتور محمد رضا محرم الاستاذ بجامعة الأزهر واحد مؤسسي جمعية القاهرة للسلام يقول: نحن نمارس عملية سياسية معقدة وضخمة وبناء عليه يصبح التساؤل هل قرار إعلان الدولة الفلسطينية كان هو القرار المناسب أم لا وهل القرار البديل كان سيؤدي الى نتائج أفضل أم لا!!.
ويضيف: لقد كان اختيار كل من يشاركون في عملية التسوية هو تأجيل إعلان الدولة وذلك لأن الإعلان لا يرتب جديدا على الأرض ولا؟ جديدا في تغيير الوضع الفعلي ولا في شكل المؤسسات الفلسطينية ولكنه والكلام لمحرم يمثل نوعا من التحدي ليس لإسرائيل لأننا في تحد معها قبل عملية التسوية وبعدها ولكن تحدي واستهانة برؤية العالم او رؤية قوى كثيرة وفاعلة فيه والتي رأت ضرورة استمرار عملية التسوية، كما ان القرار سيكون عاصفة على الحق الفلسطيني وإعلان الدولة سيؤدي الى تهشيم العلاقات الفلسطينية بالولايات المتحدة وبالدول الأوروبية وبقوى كثيرة اخرى في العالم لم ترد استمرار عملية التسوية الجارية.
ويرى محرم ان ورقة إعلان الدولة مازالت أداة في يد السلطة الفلسطينية مؤكدا ان كل طرف يملك اوراقا عليه ان يضغط بها وان الجانب الفلسطيني لديه اوراقا ربما تكون محدودة ولكنها في المستقبل ستكون فاعلة جدا.
ويعود للقول بأن إعلان الدولة الفلسطينية كان سيترتب عليه رد فعل إسرائيلي عنيف يفتح الباب لعنف فلسطيني مضاد.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved