أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 17th September,2000العدد:10216الطبعةالاولـيالأحد 19 ,جمادى الثانية 1421

محليــات

لما هو آتٍ
الجامعات: بين العلم والعمل
د, خيرية إبراهيم السقاف
لمواجهة احتياجات سوق العمل من العناصر البشرية,, حرصت المؤسسات التعليمية على إعادة النظر في التخصصات التي تقدمها الأقسام العلمية فيها، بمثل ما حرصت على إقامة مشروع الجامعة والمجتمع في كل عام,, إلا أن التوجُّه في الأمرين أخذ بعداً اجتهادياً قد يحتاج إلى مزيد من إعادة النظر في أمرين: الأول يتعلق بالتخصصات العلمية التي يُنظر إلى إلغائها، أو دمجها، أو إبقائها، أو استحداثها، والآخر يتعلق بكيفية مضامين برامج مشروع الجامعة والمجتمع إذ نجد أن بعض الجامعات أوقفت بعض التخصصات ودمجتها ببعضها، وتحاول إلغاء بعض التخصصات، وفي ذلك محاولة لتحقيق التوازن بين أعداد الخريجين والوظائف المهيأة في القطاعات المختلفة وكأنها بذلك تضع مفهوماً جديداً للجامعة وهي أن تتحول إلى مصنع ملابس يقدم المقاسات والمواصفات التي تتناسب مع أحجام وأذواق الناس,, بينما الجامعة في مفهومها الحقيقي والأساس هي المرجع لكل من يرغب في مواصلة خبراته العلمية حسب توجهه ورغباته التي تحقق له الرضاء الذاتي، وتمكنه من تحقيق ذاته وشخصيته ومهاراته واكتشاف قدراته كي يكون العنصر الناجح في الحياة، والذي يُنجح كلّ ما يقدمه بناءً على هذا,, أي بمعنى أن يتم للمرء الحرية في فائض من فرص الاختيار حسب رغبته في التخصص الذي يحب كي ينجح كما يطمح,, لكن ضغوط الطلب على الجامعات، وكثرة أعداد الخريجين في الثانويات بجنسيهم، مع قلة الجامعات، ومحدودية التخصصات، وشروط القبول، واعتماد الجامعات على دعم الدولة لا على دعم الأفراد قلَّل من فرص تحقيق الرغبة لكل من يرغب في الدراسة, إذ تظل الجامعات تعلن تقييد القبول بنسب النجاح في الثانوية، وتصر على ذلك، وتتجاهل حقيقتين هامتين هما: أن النسب العددية في نتائج الثانوية ليست المعيار الدقيق والصحيح على قدرة صاحبها في الدراسة في الجامعة, والآخر أن الدراسة في الجامعة تختلف كثيراً عنها فيما قبلها، وأن هناك من يحقق فيها تفوقاً وكان فيما قبلها عكس ذلك لمعايير يدركها التربويون تماماً وتوصلت إليها الوقائع دراسة ومثولاً.
أما الأمر الآخر فيتعلق بمشروع الجامعة والمجتمع ، إذ هو مشروع نشأ في جامعات الغرب وفي الولايات المتحدة بدءاً والهدف منه ربط الجامعة في أيام محددة بالمجتمع عن طريق منح المؤسسات المجتمعية مواقع في الجامعة مدفوعة القيمة لرفد موارد الجامعة من جهة، ومن جهة أخرى لمعرفة احتياجات المجتمع من التخصصات العلمية بهدف زيادة التوسع في جزئيات المعرفة وليس لإغلاق تخصصات أو دمج أُخر أو حصر وظيفة الجامعة في سد خانات الحاجة إلى العمل، وذلك لأن مجالات العمل مفتوحة لكل من يريد في أي موقع يريد، أما الجامعات فهي بوتقات التحديث والتطوير والإضافات إلى جانب أن المؤسسات المجتمعية تحرص في هذه اللقاءات على استقطاب المختصين للعمل فيها لإثرائها بالخبرات وهذا هو هدف الجامعة والمجتمع في مشروع مستمر يتطور بتطور المجتمع, أما في جامعاتنا فقد أخذ هذا المشروع شكلاً احتفائياً نشاطياً ثقافياً لا يحقق الهدف منه على الإطلاق، وتسابقت الأقسام في عمل أطباق الخير، ومحاضرات التوعية، واللقاءات الثقافية، وانحصر الهدف الأساس منه في جزئيات يسيرة.
إن الحركة التطويرية القائمة في مجتمعنا على شكل واسع يشمل كافة الجوانب بما فيها التعليمية والتوظيفية أي العملية تحتاج إلى تريُّث في رسم خططها مبنية على أهدافها، تلك الأهداف التي توضع وتصاغ لما يناسبها ولما هي قائمة عليه من حاجة تتعلق بمجتمع يحرص على أن يسند لكل مؤسسة دورها,, فسوق العمل لا يتحكم في المسار العلمي الوظيفي للجامعات، كما أن الجامعات ليست وظيفتها الوحيدة إمداد سوق العمل بالعناصر البشرية وفق أدواره المختلفة,,لكن لتهيئة المختصين وتوفير العناصر البشرية للأداء المجتمعي على اختلاف أدواره ما يتطلب الدراسة المتأنية العميقة لمعرفة المخارج المختلفة كي يبقى للجامعات وقارها ودورها في بناء الفكر وإتاحة المجال لكل من يرغب في بنائه كل حسب توجهه ورغبته.
وربما يكون للحديث عودة أخرى دون إثقال القارىء العزيز بالحديث الدائم عن هموم التعليم والعمل, الشغل الشاغل لكل من يدب على الأرض وكما يحتاج إلى لقمة يقيم بها أوده، يحتاج إلى معلومة يقيم بها فكره وحسه ووجدانه.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved