أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 27th September,2000العدد:10226الطبعةالاولـيالاربعاء 29 ,جمادى الثانية 1421

الاقتصادية

أسعار البترول والمخزون الإستراتيجي الأمريكي
حذر نائب الرئيس الأمريكي آل جور قبل عدة أشهر من استعمال جزء من المخزون الاستراتيجي الأمريكي من أجل خفض الأسعار وقال ان ذلك المخزون هو للطوارئ فقط وعند حدوث توقف الامدادات أو حالة حرب ولا يحبذ استعماله من أجل التحكم في الأسعار لأن ذلك أيضا ليس مرغوباً فيه في دولة تباهي وتطالب بحرية الأسواق كذلك أشار إلى أن دول أوبك قد تلغي فاعلية هذا بخفض انتاجها إلا أنه غير موقفه سريعاً وطالب الرئيس الأمريكي حتى تمت موافقة الرئيس على استعمال 30 مليون برميل من ذلك الاحتياطي ليس لخفض الأسعار كما قال وإنما لتمكين المواطنين الأمريكيين وخصوصا في الشمال الشرقي من الحصول على أمدادات كافية من وقود التدفئة خلال فصل الشتاء الذي يبدأ باكراً في تلك المنطقة كما أشار إلى أنه يرى أن يكون على شكل مبادلة مع شركات البترول أي أنه يرى أن يكون على شكل عيني Swap وليس بيعاً بل يعطى للشركات ويتم استرجاع كمية مماثلة فيما بعد اي أنه لايسعى للبيع عليهم بسعر اليوم وقد عارض فكرته المرشح الجمهوري للرئاسة السيد جورج بوش الابن بحجة أن المخزون لايجب أن يستعمل إلا في حالات الطوارئ وأن هدف جور ومن ورائه البيت الأبيض والحزب الديمقراطي كسب الأصوات في الانتخابات القادمة ليس الا.
كذلك فقد غير وزير المالية الدكتور لاري سمرز من موقفه المعارض لاستخدام الاحتياطي الاستراتيجي بعد أن كان ضده وكذلك السيد الن جرينسبان رئيس بنك الاحتياط المركزي كان ضد هذه الفكرة ومع ان السيد الن جرينسبان ميوله للحزب الجمهوري فإنه لم يصرح حتى الآن على الأقل بأنه غير من موقفه بالنسبة لهذا الموضوع.
فما هو المخزون الاستراتيجي الأمريكي وتأثيره على العرض وبالتالي على الاسعار وما هو دور الدول المصدرة في الأوبك؟
يبلغ حجم المخزون الاستراتيجي البترولي حوالي 571 مليون برميل مخزنة في كهوف الملح على خليج المكسيك في ولايتي لويزيانا وتكساس وقد أنشئ هذا المخزون في 22 ديسمبر عام 1975م بقرار من الرئيس جيرالد فورد بهدف حماية أمن الامدادات فيما لو توقف تصدير البترول وفي حالات الطوارئ حسب القانون الذي صدر بإنشائه كذلك تم الشراء له تدريجياً وبأسعار مختلفة مما يجعل من البيع منه امراً قانونياً معقداً بالنسبة لاحتساب التكاليف والسعر والبيع من ممتلكات دافعي الضرائب متوسط سعر التكلفة كان 27,14 دولاراً للبرميل .
أما بالنسبة لتأثير البيع منه فإنه على المدى القصير سيسبب هبوطاً في الأسعار لايعرف حجمه أو مدته تبعاً للكمية والكيفية التي يباع بها والسعر والمدة يحتاج إلى 15 يوما للوصول للسوق ولان المخزون الاستراتيجي الأمريكي وغيره لدى الدول الأخرى اليابان 314 مليون برميل له آثار نفسية على السوق وعلى المضاربات على أسعار البترول فليس من السهل توقع تأثيره بدقة وإنما اجمالا على فرضية بقاء الاشياء الأخرى ثابتة كما يقول الاقتصاديون أي عدم تقليص أوبك لانتاجها مثلاً كذلك فإن مدة التكرير تستغرق 40 50 يوماً لهذا البترول حتى يؤثر في السوق ومشكلة الأسواق في الولايات المتحدة والنقص فيها هو بسبب عدم وجود منتجات مكررة وليس وجود نفط خام, كما أن هناك قوى أخرى تؤثر على السعر الحالي بالإضافة إلى المخزونات لدى الدول المستهلكة مثل الأسواق الآجلة للبترول والمشتقات المالية منه التي يبيعها ويشتريها المضاربون من شركات بترول وبنوك وصناديق التقاعد التي تملك المليارات في سوق نيمكس اما العامل الثالث فهو عدم اليقين في الأسواق بالنسبة لتماسك منظمة الأوبك وإنتاجها وسياسات دولها المتعارضة مما يسبب عاملا نفسيا له أثر كبير على السعر والتوقعات المستقبلية له تمت مناقشة هذه العوامل الثلاثة بمقال سابق الجزيرة عدد 27/6/1419ه الموافق 15/10/1998م .
ولذا فلو أخذنا بالاعتبار ان الاستهلاك العالمي من البترول هو حوالي 75 مليون برميل يوميا وينمو بمعدل 2% فإن ضخ 30 مليون برميل من المخزون الاستراتيجي لايشكل سوى امدادات أقل من نصف يوم تقريباً وسوف يكون تأثيره محدودا على السعر الحالي في المدى القصير ولكنني أعتقد أنه سيكون تأثيراً دائماً على الأسعار للارتفاع في المدى الطويل لأسباب نفسية حيث ان وجود المخزونات الاستراتيجية من البترول في الدول المستهلكة مأخوذ في الحسبان في الأسعار الحالية للبترول وعلى الأخص في الأسواق المالية الآجلة لأن تلك الأسواق ليست غبية كما يقال فكل سعر يأخذ في الحسبان عوامل عديدة مادية ونفسية ولذلك فإن نقص المخزون سيكون أثره كبيراً ومستمراً في المستقبل ولمدة طويلة بعد انتهاء أثره الوقتي لأن وجود مخزونات كبيرة كان تهديداً مبطناً للأسعار واختفاء ذلك التهديد سيكون بلا شك له أثر إيجابي على الأسعار.
ان دخول أسعار البترول كعامل في الانتخابات الأمريكية له آثار سلبية وإيجابية على الدول المصدرة ويجب السعي للاستفادة وتعظيم العوامل الإيجابية والحد من العوامل السلبية بترك الموضوع بين المتنافسين الجمهوري والديمقراطي فسوف يلغي كل واحد منهم حجة الآخر ويجب ان تبقى أوبك بمواقفها المعلنة من الاستعداد للمساعدة في استقرار الاسعار هو الموقف الأفضل وفي عصر المعلومات فإن المستهلكين يعرفون الآن أن دول أوبك لاتحصل إلا على نسبة 16% من قيمة البترول المباع ونسبة 84% هي ضرائب الاستهلاك تصب في جيب الدول المستوردة له ومن مصلحة دول الأوبك خفض تلك الضرائب حتى لاترتفع الأسعار على المستهلك وحتى لا يتأثر النمو الاقتصادي القوي في الدول الصناعية والنامية الذي هو العامل الأساسي في ارتفاع الطلب والأسعار والدخول والنمو لدول الأوبك ولذا فإن الدور الإيجابي لدول الأوبك مهم لها ولعلاقاتها مع الدول المستهلكة ويجب دعم هذا الدور بإيجاد المعلومات على شبكة الانترنت وموقع الأوبك قام بدور جيد ولكن يجب تطويره واستثمار مبالغ لتطويره وكذلك مواقع دول المجموعة يجب أن تطور منتجاتها الإعلامية وأن تسعى لامداد المجموعات غير الحكومية بالمعلومات التي تدعم وجهة نظرها ونحن الآن على أبواب حرب اعلامية يجب ان نتوقعها ونستعد لها لأن السياسيين في الدول المستهلكة وكما هو المتوقع سوف يسعون لأن يلوموا غير انفسهم ومن هناك افضل من دول أوبك لتلام.
لذلك فإنني أرى أن دول الأوبك لايجب أن تقلص من انتاجها أو تهدد به ولا تدخل طرفاً في اللعبة الانتخابية الأمريكية لو قامت الولايات ببيع كميات من المخزون فليس من مصلحة أوبك الإعلان عن مجابهة ذلك لان النمو في الاستهلاك العالمي من النفط سنويا أكثر من 2% أي أكثر من 1,5 مليون برميل يومياً وهو اي الطلب أكبر بكثير من مجمل المخزون الاستراتيجي الأمريكي كله.
وإذا كان لهذه الازمة فوائد فهي إدراك المستهلكين مدى نسبة الضرائب التي تضعها حكوماتهم عليهم وكذلك افتضاح دور المخزونات الاستراتيجية التي لم تنشأ لأمن الامدادات بل للتحكم في السعر كما اتضح وكما سبق أن أشرت إليه في مقال سابق وهذه الازمة فرصة ذهبية لدول الأوبك لعقد شراكات استراتيجية مع الدول الصناعية لضمان سعر عادل يأخذ في الاعتبار عوامل التضخم الذي جعلت من السعر الحالي رغم ارتفاعه بالقيمة الاسمية متواضعا مقارنة بمنتجات الدول الصناعية.
لذا فإن دول الأوبك لديها فرصة نادرة يجب ألا تفوت عليها كما حدث في السبعينات للحصول على ميزات في منظمة التجارة الدولية والمؤسسات المالية الدولية صندوق النقد والبنك الدولي وكذلك الأمم المتحدة التي تسعى إلى ترقية مستوى مشاركة الدول النامية وفرصة لبناء علاقات شراكة ودور سياسي مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والصين لضمان دور لها في المستقبل بعد نضوب البترول حيث ان ماوصلت إليه هذه الدول من تقدم صناعي ورفاهية اقتصادية يعود في جزء كبير منه للتعاون والتضحيات التي قدمتها دول الأوبك,,والله الموفق,,.
د, عبدالعزيز بن نايف العريعر
عضو مجلس الشورى

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved