أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 27th September,2000العدد:10226الطبعةالاولـيالاربعاء 29 ,جمادى الثانية 1421

محليــات

لما هو آت
هذا الغذَّامي أحترمه
د, خيرية ابراهيم السقاف
د, عبد الله الغذَّامي من المفكرين الأذكياء,,.
وقدراته هي حصاد هذا الذكاء,,,، لذلك هو متعدد المواقف,,,، ينفذُ إلى موقفه بحركيَّةٍ حاذقة المهارة,,, شديدة الدقة في شكلها وزمنها,,.
ومثلها إن توفرت في الإنسان فحقّقها، زادته تألقاً، وحضوراً، بمثل ما هو تألقُ، وحضور هذا الغذَّامي الحاضر دوماً في ذاكرة الحروف، على الرغم من اختلاف أصحاب الحروف عليه!,,.
لكنهم،
يُجمعون على حضوره، وعلى حضورِ حضورِه،,,.
وهو يزجُّهم عمداً، أو دون,,,، فيما يجعلهم يعرفون، أو يهرفون,,,، أو هما معاً,,,!!،
في كلِّ ما يأخذهم إليه من المنافذ، والمعارج، والمفازات، والسهوب,,,، بل الثقوب,,,، والفسحات,,,!!
وإني على يقين من أنه بطلٌ ,,, والساحة في حدود بطولته خواء,!
هذا الغذَّامي أحترمه,,.
لأنه يحترم محبيه، ومناوئيه معاً,,.
ولأنه مشغول بما يريد، لا بما يريدون,,.
ولأن ما يريد لا ينحصر في زاوية الذات ، ولا عند عتبات الذوات ، ولا حول حلقات الرَّبع ,,.
ولأن ما يريد مطلقاً ، يتحرَّر من الأهواء في مفردها ، وغاياتها ، وخاصَّتها ,,.
لذلك، هو يقول ما يفعل، ويفعل ما يقول، وكلا قوله وفعله فيما يُعمِل له عقله، وتنطق به حركيته مهما تغيّرت مواقفه لأنه لا يثبت ويتجدد,,.
فهو يعطي نتاج ما يدأب، ويُثمر بما يَحمل,,.
لذلك هو يحتفي بالتجديد، وبالجديد,,.
لذلك هو لا يركد,,.
وفي جريان نهره ما يؤكد استمراريته الدؤوبة,,,،,,.
وساحةٌ هو فيها، تحتاج إلى من هو كذلك,,.
وإلى عصاه يحرِّك بها آسن الماءِ، وراكد المجرى,,.
وكأني به مركبٌ مُشرع الأبواب، مُتاحٌ لمن يسافر معه، وبه,,, كي لا يفسد بهم وقوف الماء:
إن سالَ طابَ، وإن لَم يجرِ لَم يَطبِ ورحم الله الشافعي، صاحب هذا الشّطر,,,،
لكنَّ النّصَبَ الذي يتكبَّده ملاحقو الغذَّامي ,,, لا بد أنهم يدركون فيه ما يحقق لهم لذيذ العيش,,,،
ذلك لأنَّ الغذَّامي يحقق معادلة التعويض لمن يركب معه موجة النّصَب,,,!
ولا أحسبُ أن الغذَّامي وحده هو أوَّلُ من وقف على تَهجين الحقائق في أغلب تراث القوم من بني العرب!، أو في ثقافتهم العامة,,,، أو في مُطلقِ أقوالهم، وغنائهم، بل في مصطلحاتهم!!,,.
وهم يطيلون القصير!!
ويُظلمون الوضيء!!
ويبطّئون العجول!!
ويخبِّئون المكشوف، فيغيِّرون أوجه الحقائق قصداً,,,، منذ أن استوت مخارجُ الحروفِ في أفواههم، وعملَت عقولُهم في صُنع أفكارهم,,,، وتقاطرت معانيهم تركض خلفَ دلالاتهم، جاءت في لغاتهم القصدية، أو العفوية، على اختلاف منابر التعبير، في لونيه الفكري البليغ، والفكري المتداول، رمزاً إلى لغة الإخراج/ الإفصاح لهذا التعبير القصدي (البليغ)، والقصدي (المتداول)، أي المختص الخاص، والثقافي العام، أو بشكل آخر النخبوي ، وغير النخبوي ,,, أو كما صنَّف الغذَّامي: الأدبي/ والثقافي ,
وفي كلِّ الطرق، وبكلِّ الوسائل، وعلى اختلاف مخارج التعبير، وبمختلف الدلالات، وتفاوت المعاني,,، تظلُّ الدلالات تعبِّرُ عن المقاصد في آداب القوم، تراثهم: ماضياً، وقائماً، خاصاً،وعاماً، مطلقاً ومقيداً، أدباً وثقافةً,,.
ولست أحسبُ أنه أوّل من وقف على أنّ القوم في تراثهم المقيد أو المطلق، شعره ونثره وأمثلته على ألسنة العامة في لغاتها الدارجة، أو أسنَّة الخاصة بلغاتها البليغة، قد وقعوا في كمين مخاتلة القيم، وتزييف المقاصد، وتضارب المُثل، والتمويه فيما يخاطبُ به المرءُ الأخرَ بُغية التَّكسُّب بكلِّ أنماطه ذات العائد النَّفعي الشخصي,,,، في فرديته، وجماعيته,,, مما يلوي عنق المعنى، ويحرِّك الأعناق في الرؤوس البشرية إلى اتجاهٍ آخرَ عن اتجاه حامليها,,,، حين يكونُ الظَّاهر في التعبير بياضاً مديحاً صادقاً، وفي المخفي من القصد: نفاقاً فيكون الناتج تعمية، استدراجاً، إمالةً، أو حين يكون المتسلّط في الظاهر داعماً بقوته ، وفي الخفاء: مخيفاً، باعثاً للرعب، فيداهن على أوجه: التبجيل في هيئة تعبيرية مجامِلة، مراوغة، مداهنة، باعثها: الخوف من، أو الخوف على، والخنوع ل، أو الخنوع من أجل، في استسلام انتهازي نفعي,,,، أو حين يكون البطل : السلطة الأدنى، والأعلى،,,, البطل: الكذب، البطل: المال، البطل: النفاق، البطل: الوصولية، البطل/ نتيجة تُرضي طرفي: المداهن على أية صفاته، والمستفيد في أعلى أو أدنى مراتبه,,,!
لا أحسب أنّ الغذَّامي هو أول من أدرك هذه اللعبة التي قامت ثم سادت,,, في كذب الشعراء، أو بطولة الأنموذج، أو سلطوية النفعية,,,، ولا في تزييف المشاعر، والضحك الطويل على مدى ما مرَّ من زمن التعبير، وعلى مدى ما سيأتي، أو في تعمية الحقائق وعصب أعينها، أو في تخدير عصب النقاء، وتنويم بؤر الصدق,,.
إذ كيف لأمة عربية ذات دين هو الإسلام له ما له من قيم الصدق الذي تنطلق عنه كافة الضوابط لايحذر أبناؤها دون الوقوع في برثنة، الزيف وتكليل المنطوق به في صوره التعبيرية المختلفة؟! حتى تلوّنت أخلاق القوم، وعنها تلوّنت مسالكهم، وعنها فقدت مصداقيتهم؟! مع استثناء النماذج الصادقة القليلة في تمجيد البطولات على اختلافها .
لكن الذي أحسب هو أنه هذا الغذَّامي هو صاحب المبادرة، بحركيَّته الذكية، في رصد كلَّ هذا التراكم الكمي، والكيفي، في حدود ما أورد من الأمثلة من أضابير التراث الشعري والنثري بمختلف الأوجه في خصوصه وعمومه,,, تحفظ له براءة التوثيق في كشف الوجه الأصفر لثقافة القوم، ما قُيِّدَ بلفظه منها، وتعبيره، وما أطلق في معناه منها وشكله,,.
كما أنَّ له براءة الدأب، والتنقيب، والإحصاء، والتسجيل، والتدوين، وتوثيق كلِّ ذلك في مُنابرته، ومحاوراته، وفي مواجهته التي سُجِّلت في وقائع عدة ذكرها كان آخرها لقاء المركز الثقافي الفيصلي مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث ,,, وحين بَصَمَ براءته بوثيقة كتابه الأخير وهو يوزِّعه في الوقت نفسه الذي تنفّس فيه جُهدَ سنواتٍ لاحق بها زيف القوم من المفكرين والشعراء والمثَّالين والمغنين والناثرين والخطباء فجلَّى بالإعلان عنهم, هؤلاء الذين يفعلون ما لا يقولون، ويقولون ما لا يفعلون، لكنَّه قَدِرَ على رصدِ نواياهم، وحصرِ مقاصدهم,,.
ولا أَصعَبَ
ولا أَنصَبَ من رصد النَّوايا حين تنطقُ بها الآثار، وتغدو هذه الآثار معتقلاً للمقاصد.
بوركتَ أيُّها الذكيُّ,,, فالذكاء ضالة العصر,,,، وحرفته معاً,,.
وباركَ الله لكَ في حيويَّتك، وتجديدِكَ، فغذَّ السَّيرَ أيُّها الغذَّامي ، وآتنا من أوديتكَ بشيءٍ جديد,,, في كلِّ موقفِ تجديد,,.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved