أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 2nd October,2000العدد:10231الطبعةالاولـيالأثنين 5 ,رجب 1421

عزيزتـي الجزيرة

عذراً فلا وقت للمجاملة
إني أرثي لحال الأغنام!
نشرت الصحف المحلية في صفحتها الأولى وعلى لسان معالي وزير الزراعة ان وزارة الزراعة تتهم الأغنام المهربة من اليمن بمسؤولية الوباء, ليس من المستغرب ان تكون الأغنام المهربة هي حاملة الفيروس، ولكن على من تقع المسؤولية في وجود أغنام لم تمر على المحاجر البيطرية؟ ولو فرضنا مرور تلك الأغنام عبر المحاجر، هل يتم فحص الأغنام للتعرّف إن كانت حاملة للمرض؟ وهل هناك محاجر أصلاً في الموانئ والتي تستقبل مئات الألوف من الحيوانات من السفن؟ وما هي الفحوصات التي تتم في المحاجر، هذا إذا كانت هناك فحوصات أصلاً؟ وهل تم فحص الحيوانات السابقة التي دخلت المملكة عن طريق المحاجر؟ معلوماتنا المتواضعة لا تسمح لنا بالبت السريع في معرفة مصدر المرض، وحتى وزارة الصحة التي لديها فريق مؤهل لم تتهم جهة معينة كمصدر للمرض، عدا أن المرض مستوطن في افريقيا وان الحيوانات التي تأتي من هناك هي مصدر العدوى، كيف وصلت للمملكة؟ هذا موضوع آخر, فكيف بوزارة الزراعة التي لا تملك إلا القليل القليل من إمكانيات وزارة الصحة، وتتسرع باتهام الأغنام المهربة من اليمن، أين الدليل، وبهذه السرعة.
عفواً، إن إعلان كهذا هو ما يسيء الى وزارة الزراعة أكثر مما يخدمها، وهو التهرب من المسؤولية وإلقاؤها على الآخرين، إني أرثي لحال الأغنام، فهي كذلك لم تسلم من الاتهامات وكأنها حملت الفيروس راغبة وبتخطيط مسبق لنشر الوباء في المملكة, لا أدري هل أضحك أم أبكي على هذه المعلومات غير المتروية والتي لا تخضع للبحث العلمي، وإن خضعت فهي مستعجلة وغير دقيقة، فانتقال الأمراض ومتابعة تحركها يحتاج للشيء الكثير ولخبراء في مجالات عدة، وهذا ما تفتقده وزارة الزراعة جملة وتفصيلاً.
الحق يقال بأن وزارة الصحة وعلى رأسها معالي الوزير الدكتور أسامة شبكشي اثبتت الاسلوب العلمي المتبع في التعامل مع الكوارث، وكيف ان الوزارة تتابع المرض بشكل دقيق وبالأرقام، وان الوزارة تابعت الأمر ليس فقط على مستوى المملكة، بل على مستوى العالم للحصول على أفضل الخيارات والخبرات العالمية في هذا المجال، منها دعوتها الى وفد من منظمة الصحة العالمية لإيجاد آلية لمكافحة المرض والبحث عن مصل ضد المرض القاتل في معامل الجيش الأمريكي, ولا ننسى وجود متابعة فحص القادمين من المنطقة الجنوبية واليمن سواءً براً أو جواً، وفحصهم للتأكد من خلوهم من المرض, هذه هي فعلاً الطرق العلمية المتبعة للتعامل مع الأوبئة خاصةً نحن نتكلم عن مرض عضال ليس له علاج، وإن كانت نسبة الوفيات متدنية في حدود 1% إلا أن الإصابة في حد ذاتها كارثة، فهي ربما تنتهي بالوفاة، أو بالعمى الجزئي أو الكلي في حالات أخرى, ولا ننسى ان المرض ينتشر ليس فقط عن طريق البعوض، بل أيضاً عن طريق ملامسة الحيوانات المصابة عن طريق الجهاز التنفسي في حالة التعامل مع هذه الحيوانات.
من الجانب الآخر هو ما تقوم به وزارة الزراعة، والخطأ الأول هو السماح باستيراد حيوانات حيّة مع خطورة هذا القرار وتنافيه مع أبسط القواعد الصحية خوفاً من دخول الأمراض للثروة الحيوانية المحلية وللإنسان, بعدها يأتي عدم قدرة الوزارة على متابعة هذه الحيوانات، والذي أدى ويؤدي وسيؤدي في المستقبل الى دخول أمراض لا نعلمها طالماً أن اسلوب العمل واحد، كما كان في السابق, وها نحن نرى كيف ان بلادنا أصبحت موطناً للأمراض القادمة من الخارج والآن وصل الأمر الى وضع حرج، وكيف ان الوزارة، أي وزارة الزراعة، تتهرب من المسؤولية وتلقي اللوم على الآخرين، وآخرها هو اتهام الحيوانات المهربة من اليمن بأنها ادخلت المرض للمملكة, وهذا استناداً للتصريح يعني أنه لا داعي لوقف استيراد الحيوانات الحيّة من القرن الأفريقي، فالمصدر كما تشير الصحيفة هو أغنام من اليمن، أي أن الحيوانات المستوردة الحيّة من القرن الأفريقي غير مصابة ولا يجب حظر استيرادها، حيث ان تصريح وزارة الزراعة تحدث عن أن الحيوانات الموجودة في المحاجر ليست مصابة,أو أن اليمن استورد تلك الحيوانات المصابة ومن ثم تم تهريبها الى المملكة, من الذي يستورد أكبر عدد من الحيوانات الحيّة للذبح نحن أم اليمن؟ السؤال موجه لوزارة الزراعة, ولماذا حدثت إصابات في اليمن في المناطق المحاذية للسعودية؟ في جميع الحالات، يعني ان الوزارة تتهرب من مسؤولياتها وتضع اللوم على الآخرين, فالسبب في إدخال حيوانات حيّة من اليمن هو نفس السبب الذي تعمل به وزارة الزراعة، بيع حيوانات حية للذبح, وتختم وزارعة الزراعة عملها باستخدام المبيد ملاثيون لرشه على المستنقعات وهو مبيد شديد السمية مسبب للسرطان، فهو فعلاً خطير، ولربما رشه على مناطق مأهولة يزيد الأمر سوءاً, طبعاً تحرك وزارة الزراعة للقضاء على البعوض في المستنقعات جاء متأخراً جداً، فهذه المناطق عانت الكثير ولم يتم التحرك، وكأن المستنقعات والبعوض حدثت بين ليلة وضحاها, إن سجل وزارة الزراعة والمياه لا يطمئن، فالمياه في وضع يرثى له ونحن نشهد شحاً حقيقياً في المياه، وأمامنا الآن الكثير من علامات هذا الشح مثل توقف المياه عن أحياء كبيرة في العاصمة وغيرها, والزراعة في وضع حرج، خاصةً زراعة النخيل بعد إصابتها بسوسة النخيل والغبير، والثروة الحيوانية تعاني، والآن جاء دور الإنسان, أرجو المعذرة على هذه السطور، فليس هناك وقت للف والدوران، ولا يوجد وقت للمجاملة على حساب حياة الإنسان, أرجو المعذرة مرة أخرى، وسلامتكم.
د, محمد جعفر آل حسن
جامعة الملك سعود

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved