أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 4th October,2000العدد:10233الطبعةالاولـيالاربعاء 7 ,رجب 1421

مقـالات

ضميرٌ في مساءِ الوهم,,!
إبراهيم عبدالرحمن التركي
(1)
** رآه فأوجسَ منه الوجل
أعدَّ,, ومدّ,.
فهذا الأوانُ لمن
زادَ عدّا,.
هو الواحدُ اليومَ
أصبح فردا,.
ونحن جميعٌ إذا ما استعدّا,.
** مضى,, ومضوا,.
فالمساءُ الأجل
ومن ظُنَّ رقماً
أطاحَ البطل,.
له النصرُ يوماً ,.
لهُ الليلُ دوماً,.
متى الفجرُ,,؟
حين
يموتُ الأمل,,!!
***
(2)
** كثير من الأحكام يختلف باختلاف الزمان لتغير عرف أهله ولحدوث ضرورة أو فساد الزمان,,,.
(ابن عابدين)
***
** كشف التحليل المنطقي للأحكام الدالّة على قيم أنها ليست من المعرفة إطلاقاً، فضلاً عن أن تُوصفَ بما يوصفُ به أدقُّ أنواع المعرفة من يقين,.
(زكي نجيب محمود)
***
** أنا لا أعرض العالم كما أراه، ولكن كما أفكر فيه,,
(بيكاسو)
***
* غزاةٌ لا أشاهدهم
وطعمُ الموت في صدري,.
عبدالله البردُّوني
***
(3)
** تحكُمنا في أحايين كثيرةٍ معايير غير مرئية توجِّه سلوكياتنا المرئية ، وتكتسبُ دون أن ندري قوةً ضاربة تتفوقُ على معامِلات ومعادلات القوانين والأنظمة الظاهرة ,,!
** وخذوا مثلاً جاهزاً من واقع الكلمة ، فالكاتب، وإن أتيح له أن يُحلِّق بجناحين في فضاءات المطلق ، إلا أن حسابات أخرى تراعي الرقيبَ المُضمر تتدخل لتوجه الحروف حيثُ لم يشأ أو لم يرغب صاحبها,,! ولعلّ قراءة المعطيات الثقافية العربية قادرةٌ على الإفصاح عن الحدود الهُلاميّة غير الموجودة على خارطة البناء الفكري، وهي برغم ذلك المسيِّرةُ له، المتحكمةُ في أشكاله وصوره,,!
***
(4)
** كان من رأي تي,إس,إليوت 1888 1965م أن ظلاً كثيفاً يحجز الرغبة عن الممارسة ، أو الأمنية عن المتحقِّق ,, وهو في ذلك لم يقل أكثر مما قاله أبو الطيّب فما كل ما يتمنّى المرءُ يدركه,,! أما لماذا، فهذا ما تتداخل معه عوامل مختلفة يعزوها كثيرون إلى المقدرة المادية ، أو الوجاهة الاجتماعية ، وربما برّرها سواهم بسوء الطالع أو رداءة الحظ ، ويبقى مع ذلك إطارٌ آخر يحدِّد محيط الصورة غير المكتملة في منطق عجز القادر ، أو ضعف القوى حين يستطيع فلا يتمكن، أو يرى ولا يُبصر، أو يسير فيتعثر,, وهنا تأتي القضايا غير المنظورة التي تسيطرُ دون أن تتصدر ، وتعلو من غير أن تعلن ، وفيها إن أردتم تحديداً شيءٌ من العُرف ، وشيءٌ من العادة ، وشيءٌ من القيم ، وشيءٌ من التوقع أو التقوقع أو التموقع ، ولا مماحكةَ ، لفظيّةً هنا، فلكل مفردةٍ شاءها أو شاءته واقع يفسِّرُ وقائع ,,!
***
(5)
** أشار أوجبرن إلى ظاهرة التخلف الثقافي cultural Lag ، وعزاها إلى التناقض الذي يعيشه الإنسانُ مع مجتمعه أو وجوده أو عالمه مما يجعله رهناً لأنماطِ متضادةٍ من التفكير والتقرير ، وهو بذلك مضطرٌ إلى تصرفاتٍ لا يؤمنُ بها، تقوده وغيره إلى تمزقٍ يخلصُ منه نفرٌ إلى مواقف إيجابية نحو إعادة بناء أنفسهم وثقافاتهم، وينكفىُ الأغلبيّة على ذواتهم ليظهر الصراع في دواخلهم، ويجدون متنفساً حين يعشى الرقيب ، أو تغيب القيم في مجتمعاتٍ أخرى أو مع جماعات متمردة أو رافضة ,,!
***
(6)
** حاول الفلاسفة المحدثون إيجاد نظريات تتجاوز المعلومة الموثقة المرتبطة بالتكوين البيولوجي للإنسان إلى تركيبته النفسيّة والذهنيّة والعاطفيّة، خلاصتُها أن الإنجاز وليد التحدي، وأن الفعل مرتبطٌ بإشكالات عدم الفعل، والبدايات إفراز النهايات ,,!
** هكذا النظرية التي لا تكتمل إلا بالتطبيق ، وهو ما يجعلُ الكلامَ مجرداً، والأحلامَ خيالاً، والأمل سراباً,,! ولو لم يكن ذلك لعاش الناس حياة الجمالِ والجودة والإنجاز ,.
** إن المعادل الحقيقي للرؤى الفلسفية المجردة اختبارها على أرض الواقع، ومعرفة مدى قربها أو بعدها منه، ولهذا فإن كثيراً من الفلسفات المجردة فشلت في تكوين عالمٍ ملموس يستطيع الصمود والتجاوزَ وسط التنافس الكبير بين غلبة السائد الراكد، وطموحِ الفكر المنطلق ,,!
(7)
** لم يستطع كارل ماركس مثلاً النجاح في تكوين مركّبٍ مزجيٍّ بين الطبيعة المادية والتفاعل الإنساني ووضع أساس لقيام مجتمع إنتاجي قوي وقويم وكانت المحصلة نظاماً هشّاً تداعى أمام صراعِ الحضارات التي لم تكن جميعها بحجم قوّته وتعدد قنواته ,,!
** وكان من أفكار جان بول سارتر أن الإنسان يصنعُ وجوده حين يقذف بنفسه إلى المستقبل ، مما يؤدي إلى تمكنه من صياغة وصناعة التاريخ وهو بذلك يوافق ماركس الذي يرى أن مهمّة الفلاسفة هي تغييرُ العالم وليس مجرد تفسيره,.
** ولعلّهما قد أغفلا نقطة مهمّة وهي ان التاريخ يبدأ من الذات ، وأن الهم تراكم الهو ، والنحنُ تجمع الأنا ، وأن الفاتحة إنسانٌ يحتاج إلى التحفيز من أجل كينونة مستقلة لأهدافه الخاصة تتكامل مع الأهداف العامة ، وتصوغ جميعها مخرجات الحضارة الإنسانية ,.
***
(8)
** هل تُهنا داخل هذه المقالة في دوائر التنظير الذي لم يقدر على تكوين مماثل مُعايَنٍ لما ارتأته أو دعت إليه,,؟
** لا نأملُ إن كان للأمل مكان، والأرضيّة السابقة مدرج يُمهّدُ لإقلاع الفكر من السفر ، وتخليص التفكير من السياحة ,, وإنقاذ الإنسان من تصوُّر الخلاص في أحلام السكن بفنادق النجوم الخمس والست ,,!
** مَن تسير به خطاه إلى حيث يريد، يختلف عَمّن يتبع خطى الآخرين إلى حيث لا يدرون، وإنما يسايرون مَن أمامهم، وهؤلاء مَن قبلهم، وكلُّهم نحو وهمِ المقودِ بانتصارٍ يصنعه تراكم الهزائم ,,!
***
(9)
** عرّى بلزاك في روايته الكوميديا الإنسانية الصور الممسوخة لممارسات المجتمع الفرنسي بعناصره المختلفة التي يُهمُّها إلغاء الإنسان أو على الأقل تهميسُه وتجريدُه من ملامح شخصيته,.
** وبالمدى ذاته فقد جاء تولستوي انعكاساً لواقع يحتاج إلى التغيير مما حدا لينين إلى تسميته مرآة الثورة الروسية ، وهكذا كان دستوفسكي رقماً مهمّاً في تهشيم المرآة لتوعية الشعب بانكساراته، وجاء بعده ما فاقَ كل احباطاته المتخيّلة,,!
** وهكذا قرأنا فكتور هوغو في أحدب نوتردام محاولاً بعث الطموح في الداخل الموءود، وانقاذ الإنسان من الظلم والقسوة والخرافة,.
** ويماثل هؤلاء بعض المحاولات الروائية العربية التي اهتمّت بتجسيد المشكلة العربية فردياً ومجتمعياً، واستطاع نجيب محفوظ وعبدالرحمن منيف والطيب صالح ، وصنع الله إبراهيم وجبرا والطاهر بن جلون ورشيد بو جدرة ، وكاتب ياسين وغالب هلسا ومحمد شكري ، ويوسف إدريس والطاهر وطّار وغيرهم، (كما حاول مبدعون آخرون في مجال القصة والقصيدة والمقالة ) تسجيل الهمِّ واختراقه وكشفَه أمام من يستطيع الرؤية ويمتلك الرويَّة ,.
***
(10)
** يبقى سؤال بل أسئلة مهمّة,,فهل استطاع هؤلاء ومماثلوهم وضعَ العربة في اتجاه الهدف ,, ومَن منهم أوصلها إلى حيث تشرق شمس التغيير ,,؟، أم هل اكتفى معظمهم بالسُّخط على الظلام دون أن يضيءَ شمعةً واحدةً,,، ومن الذي وقف في طريقهم معترضاً أو معارضاً أو ملغياً منطق الحق في لغتهم,,؟، وهل هم,, أو هل هي,, أناسٌ أو أشياء مرئية أم مستترة ,,؟، ومَن أو ما الذي يملك القوة والقسوة فيئدُ صوتَ الحقيقة ، ويُصرُّ على بقاءِ الخطأ ، وتسييج الخطيئة ,,،؟
** استفهاماتٌ تتصل، وحين تلوحُ الاجابة تصطدم بكائناتٍ مختفية تؤثر ولا تُرى، وتفعل دون أن تتفاعل، وتملي من غير أن يبدو صوتُها أو يذيع صيتها ,,, وهنا معضلة المعضلات,,!
***
(11)
** مَن يحاربُ طواحين الهواء فإنه سيبدو ساذجاً أو ربما جباناً ، فهكذا عَلِمنا أن أبا حَيّة ودونكيشوت رمزان للتواري ساعة العلانية ,,! وهذه مشكلة,,! وثمة ما هو أقسى منها,,! لمن يعرفون أنهم داخل الحلبة دون أن يدركوا مَن يواجههم أو ما يواجهونه,, ويتبلغون فقط بقرار الحكم إذ يصدح بالنتيجة البائسة,, وهي الهزيمة بالضربة شبه القاضية ,,!
** يبقى أمامهم في مدارات البناء ما يأذن بشيء من التفاؤل في حركة التاريخ ,, فقد تتكافأ الفرص ذاتَ عدلٍ,, بين فصائل الضمائر ,,!
** المرئيُّ أضعف من المضمر أحياناً,,!

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved