أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 4th October,2000العدد:10233الطبعةالاولـيالاربعاء 7 ,رجب 1421

مقـالات

حمى الوادي المتصدع مابين الواقع والمبالغات
حمى الوادي المتصدع كما هو معروف انه مرض فيروسي يصيب الماشية كما يصيب الانسان وذلك اما عن طريق البعوض الحامل لفيروس المرض او عن طريق التماس المباشر بين سوائل وافرازات ودماء الحيوانات المصابة والانسان.
والذي حدث هو ان المرض بعد ان كان متركزاً في قارة افريقيا خلال القرن العشرين خرج لأول مرة الى آسيا وحدث في منطقة جازان، وكما هو معلوم فالمملكة تقع جغرافياً في موقع استراتيجي بين قارتي آسيا وافريقيا وتعمل بها عمالة من كثير من دول العالم بما فيها آسيا وافريقيا التي حدثت بها الكثير من الامراض والاوبئة، كما ان استيراد الماشية يتم من جهات مختلفة اضافة الى الحدود الشاسعة للمملكة كلها عوامل قد تساعد على ورود بعض الامراض بل ان العالم كله شرقه وغربه عرضة لمختلف الامراض المعدية والاوبئة وهناك امثلة عديدة حتى في الدول المتقدمة ومنها حدوث حالات من جنون البقر في الحيوان في المملكة المتحدة وبعض الدول الاوربية الاخرى في عقد التسعينات نتيجة وجود ماشية مصابة بالمرض مما ادى في الغالب الى حدوث حالات مشابهة في الانسان تسمى بمتلازمة جاكوب,, فالامر ليس ببعيد حدوث اي امراض او اوبئة في اي مكان, ولكن المهم هو التحرك السريع لمحاصرة الحالات والسيطرة على الوباء وهو ما اوصت به منظمة الصحة العالمية بخصوص التحضير لمجابهة الاوبئة والتصدي لها.
ومنذ حدوث اولى الحالات لمرض الحمى الوادي المتصدع في منطقة جازان والابلاغ السريع من قبل الاطباء تحركت الوزارة بكافة اجهزتها وبتوجيه من معالي وزير الصحة وكان لي الشرف ان اشارك في الفريق الطبي الذي وجه معالي الوزير بإرساله الى منطقة جازان حيث توجه الفريق خلال ساعات من إبلاغه وبدأ الفريق العمل تحت رئاسة الزميل الدكتور طارق مدني استشاري الامراض المعدية وبالتنسيق مع اللجنة الرئيسية في الوزارة والمشكلة من استشاري الامراض المعدية من وزارة الصحة وكلية الطب ومستشفى الملك فيصل التخصصي وكنا نواصل العمل ليل نهار واستطعنا خلال 24 ساعة بعد معاينة الصور الاكلينيكية للمرض وزيادة اماكن اقامة المرضى ودراسة النواحي الوبائية المتعلقة بهم ان يصل الفريق الى التشخيص الاولي وهو حمى نزفية فيروسية لها علاقة بالبعوض والحيوانات وطبقاً لذلك تم البدء في جميع الاجراءات الخاصة بالمكافحة والوقاية بدءاً من العزل للمرض واتخاذ درجات احتياطات مكافحة داخل المستشفيات المنومة بها الحالات وتوجيه فرق نواقل المرض لاخذ العينات من البعوض وبدء الرش الفوري في الاماكن التي حدث بها حالات والتنسيق الفوري مع مديرية الزراعة بالمنطقة حيث توجه فريق منهم لفحص الحيوانات في هذه المناطق وأخذ العينات، اضافة الى عمل حجر على خروج الحيوانات من منطقة جازان كماتم التنسيق على مستوى الدوائر الحكومية بالمنطقة وعلى مستوى الوزارات وقبل مضي 72 ساعة توصل الفريق الطبي بعد التشاور مع الاستشاريين في اللجنة بالوزارة الى ان المرض هو في الغالب حمى الوادي المتصدع حيث ان المرض ظهر في الماشية اضافة الى اصابة الانسان به.
كما تم ارسال عينات للمرض من جازان الى الرياض حيث ارسلت فوراً من قبل الوزارة الى مركز مكافحة الامراض بأطلنطا بالولايات المتحدة الامريكية حيث تم تكليف احد العاملين في مختبرات وزارة الصحة بعمل هذه العينات وايصالها وفتح الاتصال معه فور وصوله لامريكا حيث ابلغ بتأكيد التشخيص.
ان زمن 72 ساعة لاكتشاف ماهية المرض المتسبب في الوباء المتفشي واتخاذ كل الاجراءات الخاصة بالوقاية والمكافحة هو زمن قياسي جداً ويحسب لوزارة الصحة بالمملكة حيث ان الكثير من الاوبئة العالمية اخذت الكثير من الوقت للتعرف على نوع المرض ومسبباته ومن ثم التعامل معه، ولقد شهد الخبراء الذين زاروا المملكة من دول جنوب افريقيا والذين لديهم باع كبير في التعامل مع هذا المرض افريقياً بان ماحدث في المملكة من جهود وتنسيق لم يشهدوا مثيله خلال الاوبئة المسجلة لمرض حمى الوادي المتصدع في افريقيا.
ولكن ليس معنى ذلك ان الموضوع انتهى فالامر يتطلب تكاتف جميع الجهات المعنية خاصة في مكافحة البعوض الناقل للمرض بالرش المكثف لأماكن توالد البعوض والتخلص الميكانيكي من البرك والمستنقعات التي تشكل مصدراً لتوالد البعوض اضافة الى التخلص من الحيوانات المصابة وعدم تنقل الحيوانات خارج منطقة الحالات، اضافة الى عدم دخول حيوانات من دول حدث فيها المرض.
وفي الختام اود ان اشير الى هناك الكثير من المبالغات والتضخيم في خصوص المرض في جازان فالذي حدث حتى الآن هو أن المرض مازال في منطقة جازان ومنطقتها الجغرافية سهل تهامة ولم تسجل اصابات في مناطق المملكة الأخرى حيث ان المبلغة من المناطق الاخرى لحالات قدمت من جازان حيث يتواجد الناقل للمرض وهو البعوض الحامل لفيروس المرض والحيوانات المصابة.
فلا داعي للذعر في باقي المناطق وليس هناك مشكلة من تناول اللحوم في باقي مناطق المملكة حيث لم تسجل الجهة المعنية وهي وزارة الزراعة اي اصابات بين الحيوانات خارج منطقة جازان.
اسأل الله سبحانه وتعالى السلامة والصحة لابناء هذا الوطن في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين ايده الله وسمو ولي عهده الامين التي تدعم كل مافيه من رفعة لصحة المواطن في هذا البلد الكريم.
د, أمين عبدالحميد مشخص
مدير ادارة الامراض المعدية

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved