أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 10th October,2000العدد:10239الطبعةالاولـيالثلاثاء 13 ,رجب 1421

مقـالات

مركاز
حدود الخوف
لك أن تتساءل لماذا يتضايق الناس من نشر خبر عن العثور على مجموعة من الأطفال حديثي الولادة في مقلب نفايات أو في أحد الحمامات العامة أو متروكا في مستشفى بعد أن فرت والدته ومعها سرها وسر مولودها؟ ولك أن تتساءل لماذا يتضايق الناس من وجود عشرات المرضى في المستشفيات ودور الإيواء دون أن يسأل عنهم أحد، إما لان هذا الأحد لا يريدهم، وإما لانه تعمد عندما أتى بهم، أن يترك لدى المستشفى عناوين خاطئة، حتى لا يسأل عنهم أحد؟!
وقوائم الأفعال الخطأ كثيرة ومتشعبة، وكلها تقول بأننا نعيش ونتعايش مع هذا العالم، بكل ما فيه من أفعال خيرة وأفعال شيطانية، فنحن شئنا أم أبينا لا نعيش في صوبة مكيفة ومعزولة لا يدخل إليها أو يخرج منها أحد، إلا بإذن من مختص التربة والتكييف، لكي لا يختل نظامنا أو عاداتنا أو تقاليدنا أو قيمنا!
إن هذا العالم شرس ويجب علينا طالما نحن نعيش فيه، أن نعلن عن الخطأ، نعالجه، نجتثه، لكن التكتم عليه لا يلغيه أو ينفيه أو يحول دون وقوعه, , فطالما البشرية على الأرض، تتوالد، تموت وتحيا، تبدع، تنحدر، ترتفع، طالما، كل ذلك موجود فإن الخطأ أيضا موجود، إنه يدخل ضمن ثنائية تؤطر كل شيء في هذه الدنيا فطالما الخير موجود فإن الشر أيضا موجود ليدل على قيمته، وميزته، ومن يريد الخير يعرف طريقه والعكس صحيح,, لكن أبناء المدينة الفاضلة، يحبذون دائما ذلك الشعار المخادع الذي أطلقت عليه الصحافة السوفيتية عبارة وضع الصوف على عيون الأجانب ومعناه باختصار حجب كل شيء سيىء عن الناس، وكأن هذا الحجب سوف يساهم في دحر أو اختفاء الأشياء السيئة!
لم تتوقف الحياة في الدول الأوروبية وأمريكا واليابان، وصحافتها تعلن كل صباح بالصوت والصورة، عن العصابات وفتيان الشوارع ودور الدعارة واللقطاء وعقوق الوالدين، لأن هناك أيضا من يستيقظ في الرابعة صباحا ليستعد للعمل أو الدراسة، ولأن هناك صدقا مع النفس والمجتمع، لذلك فإن تلك المجتمعات تتطور على كافة الأصعدة، وهي قادرة في لحظات على إجبار أي مسؤول فاسد للتخلي عن منصبه، ليس لأنه ارتشى أو فسق، بل يكفي ان يحجب معلومات عن أخطاء في شركته أو إدارته، ليكون ثمن تلك الأخطاء سجنه أو محاكمته، وفي كل الأحوال سيجد نفسه في الشارع مع الهامشيين والعاطلين، إنه مجتمع يتعامل مع ثنائية الحياة بصدق ووعي ومباشرة!
ما أصدق دانتي عندما قال :أنر والناس يعرفون الطريق .
حسين علي حسين
أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved