أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 10th October,2000العدد:10239الطبعةالاولـيالثلاثاء 13 ,رجب 1421

الثقافية

السُّكَّر
لا تتفلسف.
تأخذني هذه الكلمة إلى رجل فارع الطول منفوش الشعر أتوه في تحديد هويته بين فلاسفة العالم، إلا أن جدي الذي لا يقلقه شيء سوى النجاسة أراه قريبا منه بلحيته البيضاء وشعره الهارب من اسفل جوانب الطاقية مكونا تناسقا مع بشرته النحاسية المائلة إلى السمرة,, كم ينهرني متوعدا وأنا صغير عندما تقترب قدماي العاريتان من ملابسه، فتتدخل جدتي لتحد من ثورته بأن تضع في راحة يده قليلاً من السكر يلتهمه على دفعتين، فتنفرج أساريره ويطيب مزاجه ويبدأ بالسوالف معها في حين تكون هي منهمكة في إعداد القهوة، وعند أول رشفة ينفجر غاضباً متعكر المزاج من أن الشاي بلا سكر ، تنقبض أساريره وكأنه يهم بالبصق قائلا وبغضب:
شايكِ مر.
وهي تقسم أنها أضافت السكر لكنه لايقتنع، ويدب الجدال بينهما يخرج جدي عن طوره فتتراجع جدتي خوفا عليه من السكر الذي يدافع عنه، ولكنه يمضي قدما في الجدل إلى أن يحول الانفعال ريقه إلى مرارة جافة يبلله بكأس الشاي التي بردت ثم يتبعها بأخرى رافضا وقتها أنه مخطىء، ثم ينسحب متحسسا ملابسه من شيء يترصده قبيل الصلاة وقد طاب مزاجه من جديد، فيهمهم قاطعا أن جدتي أضافت السكر لكنها لم تحركه في الإبريق، وتصمت ويصمت، ويبقى الليل لحنا يطوف بي وأنا نائم في فراشي الرث,, أتقلب فيه,, أحلم بهما يتشاجران أو يعدان أمرا يخصني ويختلط عندي الحلم باليقظة وأنا ألاحقهما في حر شمس القائلة، فيشيران عليّ بربط خرق أو أكياس ورق حول قدمي الملتهبتين من الرمضاء وجدي يتبختر بالزربول الطويل الذي لا يحتمل إلا في الشتاء،وقبل أن يحلق بي الحلم بعيدا أسمعه يقرأ بصوت شجي سورة الشرح فأعرف انه يصلي الفجر لكن لا ادري لماذا لايذهب إلى المسجد؟ جدي وأنا اعرفه تخافه الكلاب والجن، لا يخشى شيئا عدا النجاسة التي توقعه دائما في الوسوسة، وقبل أن أفتش عما يخيفه أكون قد أنهضت من النوم، اعرك عيوني واستعد للمدرسة، وأنا كلي عزم على البحث في الليلة القادمة عن هذا الذي يترصد جدي لكنني ككل مرة ألهو فأفشل.
فهد المصبّح

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved