أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 10th October,2000العدد:10239الطبعةالاولـيالثلاثاء 13 ,رجب 1421

الثقافية

لافتة
ضئيل كحلم الخاسر
عبدالحفيظ الشمري
تشكل صورة البطل المهزوم في الأعمال السردية الروائي منها، والقصصي بعداً تجذيرياً لاشكالية الهزيمة المرة التي يتلقاها الانسان حتى يصبح خاسراً حقيقياً في صراعه مع الحياة.
النقاد يصفون البطل في العمل الادبي العربي بأنه صورة حقيقية لمعاناة المبدع الذي لايتخلى عن إنسانيته,, ولاينفصل عن جذوره المتشبثة في طين الأرض التي تلد الحزن,, وتدفن الحزانا.
حزن البطل في العمل القصصي لدينا نابع من عدة مثبطات، وخيبات إلا أن مايطغى في هذا السياق هو الحزن العام الذي يسيطر على فؤاد المبدع,, لكن (القاص) يخرج في بعض الأحيان عن إطار هذا الذوق ليحيك لحزنه هوية يرى أنها خاصة في وقت تأخذ فيه الهوية بعدها النفسي الذي تفرزه رؤيته الضيقة.
فالذي يكتب عن (الرمل) ويسم بطل قصته باسم (نخيلان الرملي) نجده في ليال باذخة يمطر الرمليين بأقذع الأوصاف,, إذ يرى أنهم الأضيق أفقاً,, والأشد إقليمية,, إذ يصبح هذا الكاتب في صورة من التناقض، وضيق الافق.
الخاسر الحقيقي هو قارىء القصة القصيرة الذي مازال يبحث عن هوية حقيقية لهذا الفن الأدبي النبيل,, ناهيك أن القارىء المتخصص لهذا السرد يصاب بحيرة إذا ما وقف أمام هذه التناقضات التي يعيشها المبدع (الرملي/ المخملي) هذا,, في حين أن هناك بعض من قراء القصة القصيرة يعرف المأزق الذي تقع فيه القصة ويتعامل معه وكأنه (لعبة) يمكن له في يوم من الأيام أن يتقنها لعله يجني من ورائها المآرب ويقتنص الفرص المناسبة.
ستظل القصة القصيرة ما بقيت أحزانها، وسترقى إلى المستوى الأفضل كلما اقتلعت عقبة كأداء من طريقها,, وكلما سوينا نحن القراء التربة المناسبة لنزرع بذور اليقين لدى كاتبها لعلها تحقق بعدها المعرفي ووجودها اللازم في المشهد الثقافي,, انني هنا كقارىء أطمح أن تحقق القصة بعدها الانساني وذلك بتعميق جذورها,, واثبات هويتها، وتخفيف غلوها في الغموض، والتخلص من بعض تناقضات من ينسب نفسه عنوة إليها,, نحن قراء القصة نتطلع دائماً إلى الزمن بوصفه عاملاً أساسياً في مكاشفة التجربة وذلك بالتخلص من الأدعياء والسطحيين، وإنصاف أهل التجارب الحقيقية والعميقة,, لعلنا في هذا السياق نحقق أهداف جماعة (النص) التي نادى بها رولان بارت,, وأصر بها على أن تكون هذه الجماعة قائمة على الطوباويين الذين يشكلون في تعلقهم بالنص أقصى مراحل اللذة والمتعة لأنهم يتفقون على الحميمية اللازمة مع هذا المخلوق العجيب في وقت يلفت انتباهنا نحن كقراء، وأنتم ككتاب إلى هناك منهم أعداء للنص الأدبي وهؤلاء الذين يصدرون المراسيم بحق الذين تنبت نصوصهم في سفوح الجبال، وعلى الشواطىء، وفي اعماق الصحراء حتى انهم يصورون القصة القصيرة بأنها شقة أنيقة,, والرواية (فيلا) كبيرة باذخة وما عداها فهو من قبيل تحصيل الحاصل,عادة ما يكون حلم الخاسر ضئيلاً,, لكن أن تكون الضآلة هي سيدة الموقف فهذا خلط كبير.
حلم الخاسر يكفيه,, وللطوبايين أن يحتفلوا بما بين أيديهم من نصوص لها علاقة بالجذور,, لكنه احتفال يتأسس على المراقبة الواعية التي تمزج العقل بالمخيلة,, وللنقاد أن يصفوا البطل في العمل الابداعي بما شاءوا لكنهم امام معضلة البحث عن هوية لهذا البطل الذي تزداد خسائره، وخيباته كلما أوغلت في جملة من السطور في ثنايا أي نص قصصي.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved