أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 10th October,2000العدد:10239الطبعةالاولـيالثلاثاء 13 ,رجب 1421

محليــات

لما هو آت
سَطوَةُ المَعِين
د ,خيرية إبراهيم السقاف
تتزاحم في كثير تلك الأفكار التي تراود للكتابة، وتقتحم اللحظات، وفي أحيان تكون سطوتها حد الاختراق لنسمة الهدوء بين ركض على الورق، واستراحة في هنيهة,,, تقض الراحة,,, والناس تدري وربما لا تدري كم هي ملاحقة الأفكار متعبة، مرهقة، يهرب منها المرء في كثير هروبه من شخص يترصده لكن الفرق بين ملاحقة وأخرى، أن المترصد إن كان محباً فرغبته في الوصال تعبيراً عن مكنونه، وإن كان على غير فرغبته في الوصال نزوعاً إلى شيء,,,، أما الفكرة وهي تلاحق فهي تترصد اقتناص نافذة لخروجها من معتقل الذهن، إلى فسحة الورق، إلى النشور العام,,, وهي ذاتية تتمحور حول نفسها، وتتمتع بشيء من الأنانية,,, هذه إن كانت تلوح في ذهن شخص أو آخر,,, لكن الطريف في التعامل مع الأفكار,,, أنها أحياناً لها قدرة الرحيل والتنقل من رأس إلى آخر,,, ولا أدل على ذلك من أن مجموعة من الناس الذين يتحدثون، ويعبرون عن أفكارهم كتابة تجدهم يطرقون فكرة واحدة، ويقدمون مضموناً ذا دلالات محددة تدور في أفكار تتشابه وتتطابق أحياناً فإن ظهرت في التاريخ نفسه لليوم ذاته، قيل: يقع الخاطر على الخاطر ، وإن تقدم أحدهما عن الآخر يوماً او بضع يوم قيل إن فلاناً أخذ فكرة الآخر,,, بأسلوب مهذب عن أن يتهمه بالسرقة,,.
والسؤال الذي يرد كيف تتطابق وتتماثل الأفكار؟,,.
إن كانت الفكرة تدور في ملكوت أحداث جمعية في محيط قريب أو أقرب لمن يتناولونها فإن مناخ الأحداث هو بوتقة الأفكار فتنمو بعد أن تتوالد في أذهان الناس، وتتشابه إن كانت تحمل تناولاً خاصاً بالأحداث المشتركة,,.
وهي إن كانت تنبع من بيئة، أو ظروف، او تتمحور حول شخصيات ذات سمات موحدة، أو في محيط قيم لها ضوابطها المشتركة، أو ترتبط بفلسفة عقدية أو اجتماعية أو قيمية ذات جذور متشابهة إن لم تكن موحدة فإنها تأتي متشابهة.
والفكرة التي ترتبط بسلوك الإنسان، ومجالاته الوجدانية، والنفسية، والحركية في الحياة الخاصة أو العامة كثيراً ما تتشابه، بل ربما تتطابق في نتائج ما تحمله,,, لذلك لا يدهش المرء إن وجد من يشاركه فكرته، بل ربما يتفق معه في نهج طرحها,,, وأسلوب تقديمها,,.
وغالباً ما أخذ المرء في رسم ابتسامات عريضة فوق وجهه وهو يتناول كتاباً ما، أو صحيفة ما، أو يسمع حديثاً ما,,, في بحث، أو مقالة، أو خاطرة، أو قصيدة، أو قولاً مرسلاً لأنه يجد كاتبه يشاركه فكرته,,, وهو لا يعرفه، وربما لم يلتق ذات يوم هذا الاسم أو ذلك في أي منفذ في الحياة,,.
كثيرون يبدأون حينها في إرسال الدهشة سؤالاً أو أسئلة: كيف، ولماذا؟ ومنهم من يذهب في الإساءة ظناً بالآخر انه سرق فكرته عن طريق ما، والآخر لم يكن يدري بل يكون قد درى شيئاً عما قال,,.
وقليلون من يعلمون يقيناً أن من يمتِح من معين واحد لابد أن يتشابه مع من متِح معه,,.
أو ليست الحياة معيناً للإنسان، فيها يحيا، ومنها يتعلم، وعنها يتكون ما فيه من فكر يعبر عن انعكاسات لما يقع عليه من أفعالها ومعطياتها؟,,.
يذكرني ذلك تلك الخطابات التي وردتني من بعض الاخوة القراء وهم بشفعونها بقصاصات لمقالات لكتاب في الأردن والكويت ، تتناول أفكاراً قدمت في هذه الزاوية لا يختلف فيها إلا نسق التعبير واسم الكاتب,,.
لم يساورني أي شك في اقتباسها أو سرقتها أو حتى تناولها من باب الاعجاب بها,,, بل استقر في دخيلتي ما أؤمن به من أن الأفكار هي الزائر الملح الذي له جناحان وثيران يتنقل بهما حيث يشاء من أذهان البشر لأنها خلاصة معطيات عصر تشاركت فيه منافذ الأخذ والعطاء وعلى وجه الخصوص بعد ان أصبحت أذهاننا افواهاً تلقمها هذه الايدي الممتدة بالأحداث، والموضوعات، والمعلومات، والخبرات، والانفعالات، فتهيء الأفكار عنها بعد أن تتحرك في داخل المرء كتلة من موجبات الشعور، ومحفزات الاحساس، فتهيء للفكرة أن تمتد لها الجسور والطرق فتَعبُر في سطوتها تلاحق المرء كي تخرج,,.
إنها لحظات من زمن,,.
تؤكد أنانية الفكرة وهي تقض مضجعك,,.
لكنها لا تكتفي بك وحدك,,.
فهلاَّ عرفت كيف تنتخب فكرتك من ضمن هذا الضجيج الذي فيه تسلبك المعطيات خصوصية توحدك بما هو فيك ومنك؟!
راجعوا ما يقدم الآن من أفكار نتيجة لمعطيات الأحداث,,, تجدون أن الناس تغرف من معين واحد.

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved