أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 11th October,2000العدد:10240الطبعةالاولـيالاربعاء 14 ,رجب 1421

مقـالات

زيارات سمو ولي العهد وحكمة الأداء في السياسة السعودية
د, عبدالرحمن بن سليمان الدايل
تحظى السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية بالمصداقية الراسخة على الساحة الدولية، ولم تكن هذه المصداقية وليدة اليوم بل جاءت امتداداً طبيعياً لتلك السياسة التي اختط مبادئها الملك المؤسس عبدالعزيز يرحمه الله وسار على نهجه ابناؤه البررة من بعده.
وقد جاءت الزيارات التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد الأمين يحفظه الله انطلاقاً وامتداداً لهذه السياسة الحكيمة التي عرفت بها المملكة منذ أمد بعيد.
ولست هنا أريد أن أكون مقيّماً لسياستنا فهي التي يعترف القاصي والداني برسوخها ومتانة مبادئها وصدق توجهاتها ورصانة أسلوبها وكفاءة أدائها، ولست أريد أيضاً أن أكون مؤرخاً لتلك الزيارات الميمونة والرحلة المباركة فقد تناقلت وكالات الأنباء العالمية كافة أخبارها وفعالياتها لما لها من أهمية بالغة على صعيد مجريات الأحداث الدولية وتأثيراتها الاقتصادية والسياسية.
ولكني كمواطن ومتابع اجدني أقف وبكل فخر واعتزاز أمام تلك الرحلة المباركة لصاحب السمو الملكي ولي العهد تلك الرحلة التي تحمل في مضمونها الكثير والكثير من المعاني السامية التي تشير إلى المصداقية والتميز والرسوخ في المبادئ التي قامت وترتكز عليها السياسة الخارجية للمملكة.
واذا كانت السياسة الخارجية لأي دولة تأتي محاولة واقعية منها للتوفيق بين مصالحها وأهدافها الوطنية وبين المتغيرات في واقع المجتمع الدولي فان سياسة هذا الوطن المعطاء في تعامله مع غيره من الدول قد أقامها الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه على الاحترام المتبادل وعلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية وعلى أساس مهم ومبدإ راسخ لا تسامح فيه وهو احترام عقيدتنا الإسلامية وأمننا الوطني.
وبمثل هذا الوضوح قامت سياسة المملكة الخارجية التي تحتضن على أرضها أقدس بقاع الله في الأرض وكأنها استمدت منها رسوخها واحترامها ومهابتها، وعُرفت المملكة وسياستها الخارجية بالوضوح والصدق والاحترام والمهابة وحرصها على صالح الأمن والسلم والرخاء والعدل والتضامن, ولم يسمع العالم عن مكان يستحق النجدة إلا ووجد اليد البيضاء للمملكة وابنائها تسارع إلى تقديم العون والمساعدة.
ولم يعرف العالم موقفاً انسانياً يحتاج إلى تضافر الجهود الدولية من أجله إلا وشاهد المملكة أسرع من يكون إلى النجدة والإغاثة.
وتشارك المملكة بنشاط واضح في دعم المنظمات الدولية وفي اثراء برامجها لاقتناعها التام بأن لهذه المنظمات وظائفها في دعم الرخاء وحل المشكلات الدولية باعتبارها تشكل اطاراً صالحاً للتعاون بين الأمم والشعوب متى التزم اعضاؤها بمبادئها وسعوا إلى تحقيق أهدافها.
وفي هذا الاطار الراسخ لسياستنا الخارجية كانت تلك الزيارات المباركة لسيدي ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز الذي حضر اجتماعات الأمم المتحدة ليؤكد على الثوابت الراسخة في دعم السلم والأمن الدوليين ومبادئ السلام القائم على العدل وليؤكد على المكانة الثابتة للمملكة على الساحة الدولية التي تلقى تقدير العالم واحترامه.
ويمثل الجانب الاقتصادي ميداناً مهماً في الزيارات التي قام بها سمو ولي العهد فقد كانت زياراته يحفظه الله لكل من الأرجنتين والبرازيل وفنزويلا ذات دلالات سياسية واقتصادية وذات أبعاد لها تأثيراتها في الساحة الدولية.
ولقد سبق للمملكة أن أكدت داخل الأمم المتحدة وخارجها على خطورة الأوضاع الاقتصادية في كثير من أنحاء العالم لتردي أوضاع التجارة الدولية وزيادة النزعة الحمائية مما يستدعي توثيق التعاون الاقتصادي الدولي واعادة الثقة إلى النظام الاقتصادي الدولي وكافة مؤسساته من أجل الرخاء العالمي الذي ينبغي تحقيقه في عالم اليوم والغد.
ومن هذا المنطلق تحرص المملكة على أن تعطي البعد الإنمائي حقه في بناء النظام الاقتصادي الدولي مما جعلها تتبنى سياسة بترولية ايجابية داخل منظمة الأوبك بصفتها عضواً فاعلاً ومؤثراً يتصف بالحكمة والروية وتغليب البعد الإنساني العالمي الذي يحقق سعراً مناسباً لكل من المنتج البائع والمستهلك المشتري.
وتعد السياسة البترولية للمملكة المتميزة بالحكمة احدى السمات التي عبرت عنها زيارات صاحب السمو الملكي ولي العهد إلى دول أمريكا اللاتينية وقد حظيت بتأييد دولي يجعل المملكة مصدراً مهماً من مصادر اتخاذ القرار في المجال البترولي تحقيقاً لسياسة متوازنة يعترف بها العالم ويقدرها ويضمها إلى المواقف المشرفة لهذا البلد الكريم بقيادته وأبنائه.
ومعروف أن أمريكا اللاتينية وهي تقف هناك على الطرف الغربي من الكرة الأرضية قد أحاطت زيارة ولي العهد الأمين بالترحاب الشديد الذي شهد به الجميع وجاء ذلك بعد تشوق هذه البلدان لمثل هذه الزيارات التي توطد العلاقات مع المملكة العربية السعودية لمكانتها الروحية المعروفة ومكانتها الاقتصادية المتميزة ومصداقية سياستها الخارجية.
ولم تكن أمريكا اللاتينية منسية في سياستنا الخارجية فهناك وعلى بعد آلاف الأميال تقف المساجد ومراكز الدعوة الإسلامية التي اقامتها المملكة خير شاهد على وضع دول أمريكا اللاتينية في الاعتبار, ولكن زيارة صاحب السمو الملكي ولي العهد جاءت تأكيداً للتوجه الجديد نحو توسع رقعة الاهتمام لتنمية العلاقات السياسية مع الدول الصديقة, ولذلك فقد كانت هذه الزيارات المباركة ترجمة لهذه السياسة الحكيمة الرصينة للمملكة وتأكيداً على البعد الديني في سياستها بإنشاء وتأسيس المراكز الإسلامية التي تجعل صوت الإسلام مسموعاً ومدوياً بالحق في شتى أنحاء المعمورة مهما كانت مواقعها عن مهبط الوحي في مكة المكرمة.
وكثيرة هي المعاني السامية التي يمكن أن نقتبسها من الزيارات التي قام بها سموه الكريم التي تؤكد سلامة المنهج الذي تسير عليه بلادنا في سياستها وعلى حرصها على صالح الوطن والمواطن في ظل سلامة التوجه وما تتحلى به سياسة المملكة الخارجية من حكمة ونزاهة ووقار في تعاملها مع غيرها من دول العالم حيث تأتي هذه السياسة متسقة مع السياسة الداخلية التي ترعى مصالح المواطنين وتسهر على راحتهم وسعادتهم.
فها هو صاحب السمو الملكي ولي العهد يصل من خارج المملكة بعد اتمام زياراته يصل مباشرة لتفقد أحوال المواطنين في جازان ليقف بنفسه وبتوجيه من خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله على حال المواطنين بعد أن ظهرت حمى الوادي المتصدع وبعد أن تم توفير كافة المستلزمات لمواجهة هذا المرض الطارئ ولكن التواصل بين الراعي والرعية وحرص القيادة على أن تكون على اطلاع كامل ومعايشة تامة لأحوال الرعية هو الذي جعل سمو ولي العهد الأمين يتوجه مباشرة إلى جازان ليكون بجوار المواطنين يتفقد أحوالهم ويقف على ظروفهم اتباعاً لسيرة السلف الصالح وامتداداً لما اختطه الملك الباني المؤسس يرحمه الله, ويطمئن بنفسه عليهم يشاركهم آمالهم في مكافحة هذا المرض والتصدي له في تواصل قوي ومتين ووطيد بين القيادة والرعية وليتعرف على كافة الامكانات التي تم توفيرها ويقف على مدى فاعليتها.
وقد أحاطت قلوب المواطنين بسمو ولي العهد الأمين وهي محيطة دائماً بقيادتها الحريصة على صالحها وما فيه خيرها.
وهكذا كانت زيارات سمو ولي العهد في الخارج وحرصه الشديد على أن يكون أول مكان تطؤه قدمه فور وصوله جازان كانت هذه الزيارات وهذا الحرص على مصلحة المواطنين ترجمة واضحة لسياسة رشيدة حكيمة ستظل آثارها وثمارها شاهدة على ذلك الترابط الوثيق بين الراعي والرعية الذي تتحرك السياسة الخارجية والداخلية للمملكة من أجله ومن أجل نمائه وخيره وصالحه.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved