أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 21st October,2000العدد:10250الطبعةالاولـيالسبت 24 ,رجب 1421

مقـالات

لا وقت للصمت
تحت الصفر,,! (2/2)
فوزية الجار الله
تقول لي إحدى الصديقات المتزوجة من طبيب بأنها رغم صلابتها وقدرتها غالباً على ضبط عواطفها، إلا أنها تتمزق,, كلما مرض أحد أطفالها,, على عكس زوجها الذي يشعر طوال الوقت بأن الأمر بسيط جداً أو يمكن علاجه في المنزل ولا يرضى بعرض أطفاله على طبيب إلا اذا اشتدت وطأة المرض بصورة مخيفة الى ذلك الحد الذي لا يحتمل !!
ويهون الأمر إذا توقف عند هذا المثال على قدرة بعض الناس وبالذات الأطباء على ضبط مشاعرهم إلا أنني منذ فترة شاهدت برنامجاً تلفزيونياً في إحدى القنوات الفضائية يعرض بعض الجرائم الواقعية التي تم اكتشافها وكيفية ذلك,, وقد كانت إحدى تلك الجرائم,, جريمة قتل امرأة استدل عليها من أجزاء جسدها الملقاة في النهر بعد قتلها,, حيث ثبت من خلال التشريح بأن القاتل يبدو محترفاً مختصاً بعلم التشريح, وبعد البحث والتقصي اكتشف القاتل,, وكان طبيباً قتل زوجته مع سبق الاصرار والترصد,,
أما سبب القتل حسب ادعائه فيتلخص بأنه لا يحبها,, ولأنه سيتزوج من امرأة أخرى، ولأن لديه طفلاً منها فقد خشي بأن تنال حكماً من المحكمة بضم الطفل إليها وبذلك تكون سبباً في ابتعاد طفله عنه!.
ربما يقول أحدكم بأن الطبيب لابد أن يكون عملياً وصلباً لا يسمح لعواطفه بالسيطرة عليه كي يستطيع أداء مهنته وربما يكون ذلك صحيحاً الى حد ما,, ولكن المشكلة التي تحدث لدى البعض هي اعتياده على قمع مشاعره وخنقها وشيئاً فشيئاً تبهت هذه المشاعر والعواطف ويغلب على شخصيته عندئذٍ الجانب الأكثر قسوة,, وربما يتفاقم الأمر لدى البعض ليصبح بلادة وعدم احساس وفي غياب الوازع الديني أيضاً يتحول الأمر الى شيء مخيف شبيه بالحادثة التي ذكرتها سابقاً!.
وربما يكون عدم الاحساس طبيعة تولد مع الانسان وترافقه تماماً مثل بصمات أصابعه وتقاطيع وجهه إذ يكون ذا حسٍّ بليد ولا تؤثر المهنة في تغييره أو سد ذلك النقص في شخصيته,.
فقد سمعت من مصدر موثوق جداً بأن إحدى الزوجات انفصلت عن زوجها الطبيب,, أما سبب الطلاق فهو بذاءة لسانه وعدم نظافته الشخصية,,! إذ يصل الأمر أنه لا يستعمل الفرشاة والمعجون لتنظيف أسنانه!!.
هل تعتقدون بأنني ظلمت المحاسبين والأطباء من خلال حديثي السابق؟!
أودُّ تذكيركم بأنني لا أؤمن أبداً بالتعميم، لكنني أقول بأن المهنة غالباً لا تكون سبباً في تغيير الشخصية ولا في منح صاحبها ما يفتقده أساساً وما يصعب تعليمه إياه إن لم يكن لديه استعداد فطري مسبق لتغيير ذاته!.
أخيراً أود أن أسأل: ألم تعانوا كثيراً من أصحاب المشاعر النائمة,, المتبلدة,, المتجمدة أبداً عند نقطة الصفر,, بل إلى ما تحت الصفر؟!!
فكروا أنتم,.
بريد إلكتروني
fowzj@ hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved