أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 25th October,2000العدد:10254الطبعةالاولـيالاربعاء 28 ,رجب 1421

مقـالات

رسائل لها تاريخ
حمد بن عبدالله القاضي
في كتاب ماتع للرائد الأديب عبدالكريم الجهيمان رسائل لها تاريخ توقفت عند ثلاث رسائل منها، وكل رسائل الكتاب تستحق التوقف والتعليق إذ هي تتحدث عن تاريخ وذكريات ومواقف فيها الكثير من العبر في زماننا القريب الذي عاشه الأستاذ الأديب عبدالكريم الجهيمان.
***
أما الأولى: فأستطيع أن أعنونها برسالة الرحمة !
ولنقرأ هذه الرسالة التي وجهها مدير المعهد العلمي السعودي بمكة المكرمة الأستاذ إبراهيم الشورى إلى ولي أمر التلميذ عبدالكريم الجهيمان عام 1325ه وسوف أترك التعليق عليها حتى أورد نصها:
,, حضرة المحترم الفاضل ولي أمر التلميذ عبدالكريم جهيمان
بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد فنفيد حضرتكم أن التلميذ عبدالكريم ابن جهيمان قد رسب في فني النحو والحديث، وشفقة به رأينا إعادة اختباره في هذين الفنين أول السنة المقبلة إن شاء الله تعالى، فعليه نفيدكم بلزوم التنبيه الشديد عليه بالمذاكرة حتى يلحق بإخوانه وإلا عد راسبا.
وتفضلوا بقبول تحياتنا الخالصة>.
أولاً: أتدرون من هو ولي أمر التلميذ عبدالكريم الجهيمان؟ إنه ليس بأبيه ولا بأخيه ولا بخاله ولا عمه فهؤلاء في نجد، وهو في الحجاز,, لقد كان ولي أمره الموجه إليه الخطاب هو سماحة الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ رحمه الله الذي هو ولي أمر الطالب الجهيمان كما وصفه الخطاب وكما ذكر الاستاذ الجهيمان وهو يتحدث عن هذه الرسالة.
أما الوقفة الأهم فهي عند ذلك الحنان الأبوي الذي عبقت به رسالة مدير المعهد الذي يدرس فيه الطالب الجهيمان.
إنني أتساءل هل مثل هذا الحنان الأبوي، والشفقة التربوية، والحرص الشديد رحلت مع أولئك التربويين الأخيار؟
وهل حلت محل هذه الوشائج الإنسانية والأبوية بين المعلم وتلاميذه التعاميم والتعليمات والطرق التربوية التي لا جرم فيها كثير من الفائدة لكنها تجاهلت العاطفة التي تجعل من المعلم أبا، ومن التلميذ ابنا؟؟,.
لقد أصبحت العلاقة بين المدرسة والمعلم وتلاميذها علاقة رسمية رتيبة,, الكل فيها يؤدي دوره المرسوم وكأن المعلم آلة فقط ، وذلك بعد جفاف ذلك الشلال العاطفي الذي يربط الأستاذ بطلابه.
***
أما الرسالة الثانية,, فعنونتها ب الصبر والجلد
صبر الشباب والصغار في ذلك الوقت، فالأستاذ الجهيمان كان ينتظر العيد دون كسوة يلبسها ويسعد بها مع أقاربه،وكان الأستاذ الجهيمان على ما يبدو في نجد وعندما صدر أمر صرف الكسوة له من مكتب وكيل وزارة المالية آنذاك حيث كانت الظروف أكثر من صعبة، ولهذا فقد جاءته البشارة من صديقه الشيخ محمد بن عبدالله بن حسن آل الشيخ، فعندما علم بذلك أرسل هذه الرسالة إلى صديقة الجهيمان.
أخي الصديق العزيز الأستاذ عبدالكريم الجهيمان رعاه الله
تحية طيبة وشوق عظيم وشكر جم على تهنئتك بالعيد لازلت رافلا في حلل الصحة والسرور أعواما عديدة.
لا جديد لدينا من جميع الأحوال، وقد سمعت منذ يومين في ديوان وكيل وزارة المالية من بعض من يوثق به أن كسوتكم للعيد صرفت أُمر بصرفها كالعادة.
ونرجو من الله أن يحقق تيسير أموره، كما نرجو منه هو ان يشرفنا بما يلزم له.
وله تحيتنا وتحية إخوانه وأصدقائه ومنهم الأخوان عبدالعزيز وحمد الجاسر وكافة الأصحاب والله يحفظكم.
أخوكم / محمد بن عبدالله بن حسن آل الشيخ>
***
أما الرسالة الثالثة,, والأخيرة فإني أتمنى أن يقرأها كل الأدباء والكتاب،بل كافة الناس فهي تشير فعلاً إلى أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، بل تؤكد هذه الحقيقة عملاً وفعلاً، وليس كلاماً وتنظيراً,!
إنها الرسالة التي وجهها معالي الأستاذ محمد عمر توفيق رحمه الله عندما كان وزيراً للحج والأوقاف والتي يثني فيها على كتاب صدر للأستاذ الجهيمان، ثم يعمّد فيها بشراء نسخ منه رغم ما كان بينهما من خلاف في بعض القضايا الثقافية والأدبية عندما كان أ, توفيق كاتباً ومتفرغاً للصحافة قبل الوزارة.
إن هذا الخلاف لم يجعل الوزير يحمل على الأستاذ الجهيمان، بل بعث إليه بهذه الرسالة التي تتضمن الشكر والثناء على الأستاذ الجهيمان، إنها أخلاق الرجال.
حضرة الأستاذ الأديب عبدالكريم الجهيمان
تحية طيبة، وشكراً على هديتكم القيمة وفقكم الله ونفع البلد بأمثالكم من رجال الفكر والأدب، والواقع ان مؤلفكم القيم هذا قد جاء في وقت أحوج ما نكون إليه لمثله فقد سد فراغاً كبيراً طالما أحس به المثقفون في بلادنا، وسيكون له دوره الفعال إن شاء الله في إفادة وصقل مواهب طلاب العلم وهواة الأدب، وبالنسبة للاشتراك في شراء كمية من كتابكم القيم فقد أبلغنا وكالات الحج والأوقاف والمواصلات لشراء نسخ منه فنأمل مراجعتها.
وشكراً للمجموعة القيمة التي تلقيتها من إنتاجكم الرائع,, مع أطيب التحيات.
المخلص/ محمد عمر توفيق
2/3/1388هـ
لقد جاءت هذه الرسالة رغم أنه كان بين الجهيمان وبين الأستاذ محمد عمر توفيق أخذ ورد في بعض الشؤون الثقافية والاجتماعية في بعض الصحف قبل أن يتولى الأخير وزارة الحج والاوقاف والمواصلات، ولكن الوضع تغيّر، فقد أبعد الوزير توفيق رحمه الله ما كان بينهما وجعله من قبيل الذكرى، ولنقرأ ما كتبه أ, الجهيمان عندما زاره في مكتبه بوزارة المواصلات:
وعندما زرته في مقر وزارته تذكر ما كان بينه وبيني من أخذ ورد في صحفنا المحلية,, فذكرني معاليه بتلك المناقشات وقال لي رحمه الله بالحرف الواحد: إن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية وكل واحد منا يهدف إلى المصلحة بحسب ما يراه منسجماً مع تفكيره، ثم بعد هذا الكلام اللطيف البليغ أمر مختلف المصالح التابعة لمسؤولياته بشراء بعض النسخ من المؤلفات التي قدمتها لمعاليه,, وقد خرجت من مكتبه وانا في غاية السرور بكريم استقباله ,, وكريم مساهماته وبروح الود والمحبة التي أبداها لي عند أول لقاء بيني وبينه,, الأمر الذي جعلني أكبر فيه روح المفكر الواسع الأفق الذي لا يتأثر ببعض الخلافات في الرأي الهادفة إلى مصلحة الوطن والمواطنين,, فرحمك الله يا معالي الأستاذ محمد عمر توفيق وأسكنك فسيح جناته>.
وبعد,,!
لا أقول إلا أنه قد رحل زمان أولئك الأتقياء الأخيار.
الكبار علماً وأخلاقاً,, والكبار تعاملاً ومناصب.
ولكن لك ذلك لم يطغهم، ولم يؤثر على أخلاقياتهم,.
رحم الله الأموات منهم، ومتع الله بالصحة والعافية الأخيار الباقين وفي مقدمتهم الأديب الرائد عبدالكريم الجهيمان.
***
شاعر
ومضامين متميزة ومضيئة,!
هذا الشاعر يطرح في قصائده تجربة رائعة ومضيئة في ميدان الشعر الشعبي خاصة في قصائده التأملية في سنواته الأخيرة.
هذه التجربة الجميلة تظهر بوضوع عند تناول القضايا الاجتماعية,, والتأملية في سياق لا يأتي في (قصائد) الشعر الشعبي إلا قليلا ما عدا الأمير خالد الفيصل في قصائده التأملية الرائعة.
هذا الشاعر هو الأمير عبدالرحمن بن مساعد.
لقد أهداني صديق عزيز شريطاً ضم قصائده التي ألقاها في أمسية شعرية أحياها في جدة,,!
وأنا من الذين يطربون للشعر الشعبي سماعا أكثر مما أطرب له قراءة، وأجدني أتذوقه وأتفاعل معه أكثر وبخاصة عندما يلقيه قائل هذا الشعر.
إنك تحس فيه فيض نبضه,, وخفقات قلبه.
ولقد عشت وقتاً جميلاً مع قصائد الشاعر الأمير عبدالرحمن بن مساعد، وتفاعلت معها إحساساً وصدقاً وألقا.
وأجدني بعد سماع قصائده أتوقف عند هذه المناحي في شعره:
المنحى الاول: لقد شدتني كثيراً ثقافة هذا الشاعر الدينية فهو يتمثل معاني القرآن الكريم في شعره الاجتماعي الصادق,, وغالباً ما يبدأ مقدمات قصائده بآية من القرآن الكريم,, وقد أبلغني أحد الأصدقاء أنه يحفظ أجزاء كثيرة من القرآن، ونجد قصيدته تتمحور حول مضمون الآية الكريمة التي يستهل بها إضاءة قصيدته.
المنحى الثاني: قدرته في تشخصيص بعض المعاني الاجتماعية التي تعشعش في أفئدة بعض الناس من عشق للمادة وورم التغطرس,, والانغماس في ضجيج الدنيا بعيداً عن سكينة الإيمان.
المنحى الثالث: قدرة الشاعر على أن يأخذك إلى بيت المفاجأة أو بيت المعنى في آخر بيت في قصيدته، فتجدك تعيش لحظات وأنت تتأمل وتتفاعل مع قصيدته التي تجعل ختامها المفاجئ يعيدك إلى أبياتها السابقة تأملا وتفاعلاً.
المنحى الرابع: رأيت أن شعره العامودي أوفر شاعرية وموسيقى وعذوبة، بخلاف شعره الشعبي الحديث الذي يقترب من النثر,, أما معاني شعره في كلا النمطين فهي قوية ومعبرة، لكنها في شعره العامودي تكون أوفر جرساً، وأكثر شداً للسامع والقارئ.
المنحى الخامس: هذا الشاعر يبدع في شعره التأملي والاجتماعي أكثر من إبداعه في الشعر الغزلي الذي لم أجد فيه روح وإبداع هذا الشاعر,, ولعله يقوله مجاراة للآخرين ولا يقوله من واقع معاناة عايشها، إنني لم أجد في قصائده الغزلية نَفَسَهُ واحساسه وثقافته التي رأيتها في قصائده الأخرى التي تنبض بعبق الإيمان، ونبض الناس .
وحسب هذا الشاعر صدقاً أنه أنهى عمره بركعاته كما قال في تعبير أخاذ.
تحية صادقة لهذا الشاعر الصادق الذي لا أعرفه ولكنني عرفت قصائده بكل طهر روحانيتها وجرأة طرحها الاجتماعي وجدية مضامينها في الشعر الشعبي الذي أغلب شعرائه ما عدا المتميزين منهم يراوح شعرهم بين غزل ساذج، أو مديح سامج.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved