أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 25th October,2000العدد:10254الطبعةالاولـيالاربعاء 28 ,رجب 1421

أصداء

يا معالي الوزير؛ لا نريد الكيك ولا نبتغي الرز!!
عبدالملك بن عبدالعزيز آل الشيخ
حينما تسعدني اللحظات السارة بمشاهدة معالي وزير الصحة في مختلف وسائل الإعلام، تنتابني مشاعر مختلطة أدناها الإكبار والإعجاب، وأعلاها الثقة والمصداقية، أحس أنني أمام رجل مثالي قادم من المدينة الفاضلة، أو أنني أمام مجموعة من المبادئ والمثاليات التي تخلَّقت في جسد بشري، أقول ذلك لأنني أدرك بمزيد من الثقة مقدار الشفافية التي يتحلى بها ومقدار ما يكنه من أمانة في المسؤولية وحرص دؤوب على تفعيل أداء وزارته بالشكل المطلوب، وبالرغم من هذه المشاعر التي تختلط في ذهني، وهذه المدركات التي استقرت في خاطري، إلا أنني أقف موقفاً مدهوشاً أمام بعض أقواله وتصريحاته؛ والتي أجد أنها تنساق أيضاً وفق مثاليته التي ذكرتها، فمعالي الوزير دائما يدين جهاز الوزارة من حيث لا يريد، ويفتك بإنجازاتها من حيث لا يبتغي، وفي الأخير يرمي باللائمة الطولى على الصحافة والإعلام؛ فمثلاً أمام مشكلة حمى الوادي المتصدع تحدث الوزير كثيراً, وشرح طويلاً؛ فأصبح جهاز الوزارة أرضا خصبة للأقلام الصحفية، وأبدى معالي الوزير امتعاضاً شديداً، وتأففاً كبيرا من اولئك الصحفيين الذين يقلبون كلامه، ويحرفونه عن مواضعه، ولعله في ذلك كان مصيباً لكنني أرجع إلى وصف اندهاشي واستغرابي الذي ذكرته قبلاً، فكيف يريد الوزير ان تتعامل وسائل الإعلام مع تفسيراته المثالية لجذور هذه المشكلة،ولأجل الموضوعية في كلامي أطرح جملة من النقاط:
الأولى: لغة التهوين: ألا يعلم معالي الوزير ان أسوأ موقف يكون في أحداث المآسي هو التهوين من شأنها، أينفع ميتا ان يقال عنه: جميل جميل؛ لقد مات بسهولة! أو أن يقال لأسرة فقدت عائلها: حسنا إنكم لم تفقدوا الصغير أو الشاب!.
مدار الوزير في حديثه دائماً اسلوب التهوين ، لكنني ما زلت به معجباً فالتهوين مبدأ أفلاطوني!
الثانية: إلقاء المسؤولية على الجهات الأخرى، فالقارئ لتصريحات الوزير أو المشاهد لها يشتم ذكاء مفرطا في تحويل أصابع الاتهام إلى الوزارات الأخرى فأصبحت مشكلة حمى الوادي المتصدع أمشاجاً متفرقة؛ وقطعاً متمزقة في أيدي وزارة الزراعة، والبلديات، والمواصلات، والكهرباء، وما يختص بالبيئة، وأخشى أن الوزير نسي شركة الاتصالات بجامع إحداث التصدع فوزارة الصحة مسؤولة عن حمى الوادي المتصدع، والاتصالات مسؤولة عن شبكة الجوال المتصدع! إن توزيع الخطأ على الآخرين لا يخفف نصيب الوزارة في الخطأ.
وما زلت معجباً بالوزير فهو أفلاطوني التوجه، ومن مبادئ هذا التوجه وزِّع الأفراح تكبر، ووزع الأحزان تصغر .
الثالثة: مبدأ الأَولى فالأولى يقول الوزير :قبل أن نأكل الكيك لابد أن نأكل الرز يا لها من حكمة! ومصدر إعجابي أنها فلسفة أفلاطونية؛ الترتيب والترتيب هو الحل في نظر الوزير؛ وهو يعبر بالكيك الفاخر عن احتياجات المستشفيات التي يراها غير ضرورية؛ ويعبر بالرز الدسم عن احتياجات المستشفيات التي يراها ضرورية، ولكن قبل أن يزدرد معالي الوزير شيئا من الرز، وقبل أن يتلذذ بكثير من الكيك أقول له إن كثيرا من المجتمعات سبقته إلى التهام الاثنين والترطيب بالكوكاكولا الباردة! إننا لا نريد رزاً ولا كيكاً ولا شيئاً آخر غير عناية صحية متميزة تشمل وقاية من الأمراض، وتداركاً لها، وسعة سريرية،ووفرة علاجية، وخبرة طبية، وأثاثا نظيفا، ومباني تصلح للسكنى الآدمية، ونظاما غذائيا سليماً، حتى ولو خلا من الرز والكيك، إن معالي الوزير مثالي مفرط في المثالية، وأفلاطوني متشبِّع بالفضائل، وإلا لعلم ان الاحتياجات الطبية ليس فيها أسبقية ولا أولوية.
الآن لعلي أظهر مثاليتي، ولعلي ارفع أصدق الدعاء ألا تصيبنا أوبئة أخرى، أو تتفشى فينا الأمراض، وتعود مع ذلك تفسيرات مثالية لواقعية مأساوية، وأتمنى أكثر ألا تسهم إخفاقات متوقعة في وزارة الصحة في كشف منطقة أكثر مثالية، وإظهار تصريحات أكثر أفلاطونية.

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved