أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 25th October,2000العدد:10254الطبعةالاولـيالاربعاء 28 ,رجب 1421

عزيزتـي الجزيرة

آثارها وعواقبها غير حميدة
لننبذ جميعاً هذه الظاهرة
نشكر أولاً لهذه الجريدة عامة، وصفحة عزيزتي الجزيرة خاصة، ما تعرض من موضوعات مهمة، وما تسعى إليه من مناقشة بعض القضايا والظواهر ومعالجتها معالجة موضوعية هادفة.
فقد وافتنا هذه الجزيرة في صفحتها تحقيقات في عددها الصادر يوم الاثنين 19/7/1421ه في العدد 10245 بتحقيق أعدّه مشكوراً مأجوراً إن شاء الله الأخ منيف بن خضير الضوي.
وكان التحقيق يتناول ظاهرة شائعة، تدعو الى الأسى والحزن والأسف، وهي ظاهرة سرقة الأحذية في الجوامع والمساجد.
ولعل البعض يرى أنها مشكلة سطحية، وظاهرة بسيطة، إلا اننا إذا أمعنا النظر في عواقبها وسلبياتها، عرفنا ما تخلفه من آثار خطيرة، وسلبيات كثيرة,.
ومما شدني في هذا التحقيق قصة ذلك الوافد المسيحي الذي أسلم على يد أحد الصالحين جزاه الله خيراً وغير اسمه الى محمد إسلام.
أقول: تتلخص قصة هذا الوافد بأنه اتى ليصلي أول صلاة له بعد ان ازاح عنه ظلام الكفر، وأضاء فؤاده بنور الإسلام، أتى ليصلي وقلبه عامر بالايمان خاشع للرحمن، مرتدياً أحسن الثياب، مقتنياً حذاءً نفيساً، ادّخر ثمنه من مصروفه الشهري الزهيد، عاملاً بقوله تعالى يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد .
كل هذه المشاعر، وكل هذا الإيمان، كاد ان يتبخر في لحظة وفي موقف، عندما خرج ذلك الوافد من الجامع، واخذ يبحث عن حذائه فلم يجده، في هذه اللحظة استرجع الشريط الزائف والخبيث الذي رسخه في ذهنه أعداء الإسلام، من تشويه للاسلام، وتصويره بصورة مشوهة وزائفة، لقد كاد لولا تثبيت الله، ثم إيمانه القوي، وتثبيت الأخ سعد العبيد جزاه الله خيراً وأجزل مثوبته كاد ان يرتد عن الإسلام، نعم,, كاد أن ينزع النور الذي غمر قلبه بسبب حذاء، لأنه لم يعرف، ولم يقرأ، ولم يسمع في الأشرطة والكتب الدينية التي أهديت إليه بأن الإسلام يُحلّ السرقة، أو أن السرقة يجوز ان يفعلها المسلم والعياذ بالله ولم يعلم بان الإسلام قد حرّم السرقة بشتى انواعها، ان حديث العهد بالإسلام يعتقد بأن جميع المسلمين ملتزمون بدينهم التزاماً تاماً، ولم يعلم بأن هناك من يخطئ منهم سواءً عن قصد أو من غير قصد.
سيظن حديث العهد بهذا الدين الحق، ان ما يفعله المسلمون كله من صميم تعاليم الإسلام، ولم يعلم بأن لكل قاعدة شواذ، وان هناك اخطاءً وهفوات.
ولكن دعني أخي القارئ ان أتحدث عن هذه الحادثة وهذه الظاهرة، من عدة نقاط:
أولاً: دواعي هذه الظاهرة,:
لا أعتقد بأن بعضاً من أبناء هذا البلد محتاجون الى حدّ يصل بهم الى ان يسرقوا، بل لا ينتابني شك في ذلك ولو فرضنا أنهم محتاجون حاجة شديدة، فإن أبواب الخير في هذا البلد الكريم مفتوحة، وجهات البر موجودة، وطلاب المثوبة والأجر كثر فهم لن يغفلوا عن هؤلاء المحتاجين او غيرهم، ولكن ان كان عدم سؤالهم للناس خجلاً وحياءً، ويريدون أن يتوصلوا الى حاجتهم بالاعتداء على ممتلكات الآخرين بالسرقة، فهذا أمر مردود ديناً وعقلاً، إذ ان سؤال الناس واستكفافهم اخف ضرراً من سرقة اموالهم وممتلكاتهم، وان كان الاسترزاق بالعمل الشريف هو الأولى والأفضل، بل الواجب المفروض.
وقد يكون ممن يزاول الظاهرة أطفال صغار، دعتهم الشقاوة الى ذلك العمل المرفوض عُرفاً وشرعاً، ولم يجدوا رادعاً يردعهم عن ممارسة هذا العمل فيرتدعوا عنه ويزدجروا.
ثانياً: تبعات وعواقب هذه الظاهرة:
لهذه الظاهرة آثار وسلبيات وعواقب خطيرة وخطيرة جداً، قد تصل الى حد التأثير على عقيدة الشخص، مثل ما حصل لصاحبنا محمد إسلام .
كما ان هذه الظاهرة تُحدث آثاراً سلبية على الناشئة الذين يرتادون المساجد، حيث انهم يعتقدون اذا هم رأوا تلك الظاهرة بأن المسجد مسرح للسرقات والجرائم، مما يؤدي الى عزوفهم عن المساجد، وهذا أثر خطير على أبناء المستقبل الإسلامي، وخصوصا انه يحدث لأطفال ذوي أحلام صافية وقلوب هشة تتقبل كل شيء وتتأثر بكل شيء وتترسخ فيها جميع الأفكار والمواقف.
ومن الآثار السلبية لهذه الظاهرة: تجنب أخذ الزينة في لباس المسلم حين يأتي الى المسجد، بل ان البعض قد خصص أحذية بالية قديمة للمسجد، خوفاً من سرقة الجديدة وانتشالها، وهذا عمل خطير واثر سلبي كبير، إذ ان المسلم يتجه الى بيت الله متجنباً الزينة في ملبسه، فلا يكون للمسجد ميزته وتميزه.
ومن تلك الآثار تبرير البعض من المسلمين هداهم الله عدم حضورهم الى الصلاة، أو تقاعسهم عنها، خوفاً من هذه الظاهرة، والجميع يعرف قيمة الصلاة في الإسلام، وأنها الركن الثاني من أركان الإسلام وهي عمود الدين والفاصل والفارق بين الكفر والإيمان.
ثالثاً: سبل علاج هذه الظاهرة:
1 دور إئمة المساجد في التنبيه على خطورة هذا العمل، وتبيين عاقبته الدينية والدنيوية، والتعاون بين الإمام والمصلين في نبذ هذه الظاهرة.
3 دور الأسرة في توعية ابنائها وتربيتهم تربية إسلامية صحيحة، وتحذيرهم من هذه الظاهرة وغيرها، وتبيين ما تخلفه من الآثار والعواقب السلبية.
2 للمدرسة دور كبير في حل هذه المشكلة، من خلال غرس تعاليم الإسلام في نفوس الطلاب، وتبيين ضرر وسلبيات هذه الظاهرة، وتعليمهم وإرشادهم الى الطرق التي يتوصلون من خلالها الى كسب رزقهم من الطرق الشرعية الصحيحة، بعيداً عن الأساليب الأخرى من سرقة، وغش وخداع وغيرها.
4 دور رجال الحسبة الفعال في ضبط هؤلاء المخالفين لتعاليم الشريعة الإسلامية والتعاون المثمر مع الأئمة والمصلين في قمع هذه الظاهرة، وابعادها عن هذا المجتمع الملتزم الطاهر.
5 دور رجال الخير والجمعيات الخيرية، ومؤسسات البر، في البحث الجاد والعمل الدؤوب في ايجاد ذوي الحاجات، وسد احتياجاتهم بما يغنيهم عن اقتراف أي عمل يخالف تعاليم دينهم ونظام وطنهم.
6 دور مكاتب توعية الجاليات في ترسيخ المبادئ الإسلامية في نفوس الجاليات المسلمة، وتعميق روح الإسلام فيهم، حتى لا ينجرفوا مع الأفكار والصور التي رسمها أعداء الإسلام في نفوس الكثير منهم، وكذلك تعليمهم خطورة السرقة، وعواقبها في الدنيا والآخرة وانها منبوذة في الإسلام كغيرها من الأخلاق والأعمال الرذيلة السيئة، واخبارهم بأن ما يحصل من بعض المسلمين من مخالفة في الدين والأخلاق، لا يعكس صورة للمسلم في هذا الشعب الطيب المبارك، وإنما هي اخطاء حدثت من اناسٍ مخطئين ومذنبين.
عبدالرحمن بن صالح الحمادي
الزلفي

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved