أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 4th November,2000العدد:10264الطبعةالاولـيالسبت 8 ,شعبان 1421

مقـالات

كل سبت
تعليم البنات بين رئيسين
عبدالله الصالح الرشيد
أتابع بكل شغف قراءة مذكرات وذكريات معالي الشيخ محمد بن جبير في جريدة الوطن الغراء التي يمليها معاليه بطريقة عفوية على أحد محرري الصحيفة فتنبىء عن بساطته ووداعته وتواضعه المألوف وبعده عن التكلف,,, هذه المذكرات التي تنشرها الصحيفة تباعاً تؤرخ لفترة هامة من تاريخ بلادنا على مدى نصف قرن مضى, وتعطي لمحات حافلة عن مسيرة القضاء والتعليم والحياة الاجتماعية كما عاصرها وعايشها معاليه يحفظه الله بحنكته وعمق بصيرته وقبل ذلك وبعده بإخلاصه وكفاحه في خدمة دينه ووطنه ومليكه وأبناء أمته في هذه المملكة الفتية,,, وأثناء التعمق في القراءة استرعى انتباهي وأنا أتابع ما جاء في الحلقة السابعة من هذه الذكريات ما جاء تحت عنوان ناصر الراشد وعبدالعزيز الرشيد وهما أقدم رئيسين لتعليم البنات في المملكة,,, فأثنى على فضيلة الشيخ ناصر ثناء عاطراً هو أهل له ويستحق أكثر منه ووصفه بصفات معروفة ومألوفة وقال عن فضيلته: إن من صفاته الحزم وبعد النظر وإدراك الأمور ولذا تم اختياره لرئاسة تعليم البنات لأن الرئاسة في مرحلة التأسيس وحتى يحظى التعليم في عهده برضا قطاع كبير من الشعب لأن الشعب كان يود أن يكون تعليم بناته في أيد أمينة ويوجه التوجيه السليم والمحافظة على البنات من الأفكار المضرة,, ثم اتبع ذلك وختم كلامه بقوله بأن تعيينه واختياره تم بعد نقل الشيخ عبدالعزيز الرشيد من الرئاسة إلى محكمة التمييز,, وعندما جاء الحديث عن فضيلة الشيخ عبدالعزيز وهو أول رئيس لتعليم البنات يرحمه الله لم يزد بأن قال عنه بأنه استاذ من الرعيل الأول في المعهد وكلية الشريعة وعين رئيساً لتعليم البنات عام 1380 وظل فترة فيها ونقل منها إلى محكمة التمييز,, وبعد ذلك عاد يعدد المهام والوظائف التي شغلها الشيخ ناصر قبل رئاسة البنات في سلك القضاء,,, وبعدها تطرق إلى صفاته الشخصية متعه الله بالصحة والعافية وانه يحب سماع النكتة ويطرب لها ويستمع للمواقف المضحكة ولم يكن متجهماً إلى آخر الحديث الذي لايتسع هذا الحيز المحدود لذكره,,, والذي يهمني في هذه العجالة وإنصافاً للحقيقة وتيمناً بالقول المأثور اذكروا محاسن موتاكم,,, كان بودي ومعالي الشيخ محمد وفقه الله كان رفيق درب وزميل عمل لفضيلة الشيخ العلامة عبدالعزيز بن رشيد فترة حيوية من العمر أن ينفحه بما عهد عن معاليه من وفاء ومكارم أخلاق وذلك على الاقل بذكر بعض صفاته يرحمه الله واعطاء لمحة موجزة عن المهام والأعباء الجسام التي كان يقوم بها طيلة حياته العملية التي امتدت لأكثر من نصف قرن وأكثرها لايخفى على معاليه,, وأستطيع هنا استخلاص المامة مقتضبة ونبذة مختصرة عن أعماله ومهامه الجليلة في حياته الحافلة بالعطاء والبذل والإخلاص من أجل خدمة دينه ومليكه ووطنه أسطرها للحق وللتاريخ وللأجيال فقد كان في أول عمره طالباً مجداً مقبلاً على مناهل العلم والمعرفة من منابعها الثرة ومصادرها الغنية بعزيمة وسهر وكفاح حتى إذا ما تجاوز العشرين من عمره بقليل كان يجمع بين طلب العلم والإقبال عليه على صفوة العلماء الأخيار, وفي الجانب الآخر يلقي الدروس والحصص في جنبات وأروقة الحرم المكي الشريف وعندما بلغ السادسة والعشرين من عمره كلفه الراحل العظيم الملك عبدالعزيز بالتوجه لبلاد غامد وزهران ليكون قاضياً لهذه المنطقة الباحة حالياً وقام بهذه المهمة الجليلة والكبيرة خير قام وبعد مضي ثلاثة أعوام تقريباً تم نقله وتكليفه للقضاء بمحافظة تربة وما جاورها وبعد أربعة أعوام نقل إلى الحوطة والحريق وظل قاضياً هناك حتى تم افتتاح المعهد العلمي بالرياض وتم تعيينه كأول مدرس سعودي في المعهد وعندما افتتحت كلية الشريعة وبعدها كلية اللغة كلف بالتدريس فيها وهو أيضاً أول مدرس سعودي يقوم بالتدريس في الكليتين وأثناء عمله في التدريس كان عضواً في هيئة دار الإفتاء برئاسة مفتي الديار السعودية سماحة الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ وكان من زملائه في عضوية الهيئة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمهم الله جميعاً، وعندما عقدت العزم حكومتنا الرشيدة وفقها الله إلى فتح المجال لتعليم المرأة بطريقة نظامية وشاملة، وتأسيس رئاسة عامة تتولى هذه المهمة الجليلة وجدت في الشيخ العلامة عبدالعزيز الناصر الرشيد خير مثال للاضطلاع بهذه المسؤولية فاسندت إليه رئاستها ووضعت فيه الثقة كاملة للقيام بهذا العمل الجليل فاستقطب رحمه الله صفوة مختارة من الرجال الأكفاء المؤهلين أكثرهم من خريجي كلية الشرعية ممن جمعوا بين المؤهل الجامعي والأمانة والخبرة في الإدارة وقد بقي أكثر هؤلاء في مناصبهم وأعمالهم في الرئاسة منذ تأسيسها وحتى إحالتهم للتقاعد والأسماء وبدون ذكر الألقاب هم عبدالله العبدالرحمن الرشيد الذي تعين مديراً عاماً للرئاسة منذ تأسيسها ومن ثم نائباً للرئيس وبقي في منصبه أكثر من خمسة وثلاثين عاماً حتى أحيل للتقاعد يرحمه الله.
ومنهم محمد الشويعر وعبدالله العقل وناصر السعوي وعبدالعال بن مقباس وعبدالله الداود وصالح العائد وعبدالله الحرقان كل هؤلاء وأمثالهم عاصروا جميع الرؤساء الذين تعاقبوا على الرئاسة وكانوا حقاً جنوداً مجهولين في جهودهم المخلصة المتفانية مما أبقى الرئاسة طيلة تاريخنا تضطلع بمسؤولياتها الجسام خير قيام ولم تتأثر بمن ينقل أو يتعين على رأس هرمها طيلة العقود الأربعة الماضية.
ونعود إلى منظومة الأعمال والمهام والمسؤوليات التي قام بها الفقيد الغالي وسجله الحافل في خدمة الدين والعلم والوطن وبعد الرئاسة وتأسيسها وقيامها بواجباتها في زمن قياسي تم نقله ليكون رئيساً لهيئة ومحكمة التمييز كأول جهاز يتم تأسيسه في تاريخ المملكة وكان من أعضاء الهيئة الذين يعملون تحت رئاسته المشايخ محمد البواردي ومحمد بن سليم ومحمد بن جبير وغيرهم رحم الله الأموات وأمد في أعمار الأحياء وبارك فيها,.
وظل الشيخ رئيساً لهذه الهيئة مع بعض المهام الأخرى كإلقاء المحاضرات في المعهد العالي للقضاء والاستمرار في التأليف في جميع فروع العقيدة الإسلامية والكثير منها يدرس في المعاهد والجامعات داخل المملكة وخارجها حتى الآن,, واستمر في هذه الجهود المضنية المخلصة حتى أقعده المرض وطلب إحالته للتقاعد وبقي في منزله يناجي الخالق العظيم ويستقبل محبيه ومقدري فضله وعلمه وأخلاقه وتواضعه حتى توفاه الله في شهر ربيع الآخر عام 1408 من الهجرة جمعنا الله وإياه وأموات المسلمين في دار كرامته الباقية إنه تعالى سميع مجيب .
(للتواصل ص,ب 27097 الرياض 11417).

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved