أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 8th November,2000العدد:10268الطبعةالاولـيالاربعاء 12 ,شعبان 1421

مقـالات

مواقف عبر التاريخ
د, عبدالرحمن بن سليمان الدايل
لقد جاءت تلك الدعوة المباركة التي وجهها سمو ولي العهد الامين الى قادة الأمة العربية بدعم انتفاضة الشعب الفلسطيني بصندوق يتولى هذه المهمة الجليلة ولقيت قبولاً وإجماعاً منهم وارتياحاً لدى ابناء العرب في كل مكان، جاءت هذه الدعوة المباركة وبتوجيه من خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله امتداداً لتلك السياسة الراسخة المبادىء، الثابتة الأركان، العميقة الفكر والبعيدة النظر.
وليس هذا كلاماً انفعاليا من قبلنا نتيجة المواقف الراهنة التي نعايشها وتتطلب وقفة ثابتة شجاعة منا نحن العرب والمسلمين كما انه لا يدخل في دائرة المديح الذي لسنا في حاجة إليه, بل هو إقرار وتقرير لما سبق ان اشار اليه وأجمع عليه السياسيون المنصفون في هذه الأمة وعبّر عنه رجال الإعلام منذ حوالي خمسين عاماً وبعد نكبة فلسطين حيما تناقلت الصحافة العربية القول: إنه ما من سياسي او رجل دولة في بغداد أو دمشق أو بيروت الخ,, شكا او عبس له الزمن إلا كانت يد عبدالعزيز تمسح عنه وتترفق به وتمده بالعون,, ويا لها من سياسة مكنت للرياض في قلب العروبة وجعلتها صاحبة القول الفصيح المسموع.
ويشهد التاريخ ان هذا الوطن قد تبنى قضية فلسطين دعماً ومناصرة منذ البداية، فقد كان الملك المؤسس عبدالعزيز يرحمه الله من أول الحكام العرب إدراكاً لمؤامرات اليهود الذين سعت مؤسساتهم الى جمع شتاتهم ولمّ شراذمهم لتوطينهم في أرض فلسطين الغالية, وانطلق موقف الملك عبدالعزيز يرحمه الله من منطلقات عقدية فأرض فلسطين هي أرض عربية على مدى التاريخ منذ سكنها العرب الكنعانيون وزادها الإسلام مكانة في النفوس بالمسجد الأقصى اول القبلتين وثالث الحرمين التي لا تشد الرحال إلا إليها, وزادت مكانتها في النفوس حينما اصبحت ارض فلسطين وفي القدس الشريف مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبداية رحلته ومعراجه الى السماء.
وما أشبه اليوم بالأمس، ذلك الأمس الذي أرسى دعائم السياسة السعودية الحكيمة ورسخ أركانها في المناصرة الكاملة والواضحة لأبناء فلسطين حيث يسجل التاريخ انه قد قامت شرذمة ضالة من الصهيونية بالاعتداء على المصلين وهم يصلون في أمن وأمان بالمسجد الأقصى في عام 1929م، وقف الملك المؤسس بحزم وأبرق لملك بريطانيا مُحتجاً ومحذرا ومطالباً بمعاقبة هذه الشرذمة والضرب على يدها الآثمة والمحافظة على إقامة شعائر الدين, وعندما شهدت أرض فلسطين ثورة عارمة ضد الوجود الصهيوني المتزايد سارع الملك عبدالعزيز يرحمه الله الى مد يد العون والمساندة لفلسطين دعماً ومؤازرة، وأخذ يسعى لتوحيد كلمة العرب والمسلمين، مؤكداً في رسائله المتعددة ان قضية فلسطين يمكن ان تجر اليها من التطورات الخطر الكبير على مستقبل الشرق الأدنى والبلاد العربية والإسلامية مؤكداً على عروبة القدس التي جعلها يرحمه الله هماً شخصياً ودعا الى مناصرة فلسطين وأهلها.
وها هو الواقع يؤكد ان ما دعا إليه الملك عبدالعزيز يرحمه الله وما أكد عليه هو دعامة راسخة في السياسة الخارجية السعودية, وقد جاءت دعوة المملكة العربية السعودية على لسان ولي العهد الأمين بالمناصرة الحقيقة والواقعية لدعم الانتفاضة تتحمل المملكة نسبة الربع فيه جاءت هذه الدعوة والمبادرة المباركة امتداداً لما ارساه الملك المؤسس منذ اكثر من نصف قرن من الزمان والذي كافح من اجل فلسطين ولم يتردد عندما اندلعت حرب فلسطين في إرسال قوات سعودية للمشاركة مع إخوانهم العرب المسلمين ويسجل التاريخ انه قد استشهد من ابناء المملكة مائة واربعة وثلاثين شهيداً على أرض فلسطين الغالية.
وتستمر المساندة والتعضيد بفلسطين وتبني قضيتها للمحافظة على عروبتها وعلى المقدسات فوق أرضها واستعادة حقوق شعبها فاكتسبت فلسطين في هذا العهد الميمون عهد خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني ابعادا متميزة عربيا وإسلامياً ودولياً بهذا السند القوي الذي تمثله المملكة العربية السعودية بمكانتها المعروفة على الساحة العربية والاسلامية والدولية, فقد حرص خادم الحرمين الشريفين على السعي من أجل السلام العادل الشامل، وما مشروع الملك فهد للسلام الذي جاء في مبادرته المعروفة في شوال عام 1401ه إلا دليل حقيقي واضح على حرص المملكة على السلام الذي يستعيد الحقوق كاملة غير منقوصة مما جعل العالم ينظر إلى هذه المبادرة على أنها أول مشروع متكامل ومتوازن يؤكد صدق نوايا العرب نحو السلام العادل, وما زالت المملكة تؤكد على أن القدس هي جوهر الصراع وهي محور اهتمام العالم العربي والإسلامي.
ومن هنا جاءت المبادرة الطيبة والدعوة الكريمة التي أعلنها صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمين بإنشاء صندوق لدعم فلسطين ودعم الانتفاضة متوازناً ومتوازياً مع حرص المملكة على مناصرة الشعب الفلسطيني ومع حرصها أيضاً على السلام العادل الذي لا يضيع حقاً أو يهدر كرامة أو ينتقص من الثوابت المعروفة لحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه وفي بناء دولته ومستقبله.
وإذا كانت هذه السياسة الواضحة والصريحة في مناصرة فلسطين يعرفها القاصي والداني فإن المملكة لا تعتبر هذه المناصرة إلاّ واجباً أصيلاً تمليه الإخوة في الدين التي تعلو فوق كل إخوة، وتمليه أيضاً مكارم أخلاق العرب التي يسجلها التاريخ في صفحات الشهامة والنجدة والغوث والتعاون والتكاتف.
وسوف يظل التاريخ يسجل لهذا الوطن كل مواقف المجد والفخار لقيادته وأبنائه تلك المواقف التي تستحق التسجيل في مسيرة تحرير فلسطين الغالية على نفوسنا جميعاً والتي ستكون لها ثمارها يوم يعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved