أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 9th November,2000العدد:10269الطبعةالاولـيالخميس 13 ,شعبان 1421

مقـالات

معليش,, أنت الكبير,,!!
د, فهد حمد المغلوث
أحياناً ورغماً عنك وتحت تأثير سماعك المستمر لشيء ما ودون ان تشعر تصبح أسير عبارات اجتماعية معينة تقال لك فلا تشعر مع مرور الوقت الّا وانت تسير في فلكها وتنطوي تحت لوائها بل والاكثر من ذلك تتحكم فيك بشكل لا تستطيع التخلص منها بسهولة، ومن تلك العبارات التي تنعكس علينا نفسيا وتؤثر فينا سلبا عبارة (معليش,, انت الكبير)!
ولا اقصد بالكبير هنا من الناحية العمرية,, وان كان هذا وارداً ومزعجا احيانا ولكن المقصود ان تكون انت الكبير من حيث تحملك المسؤولية مبكرا او تتحمل اخطاء غيرك باستمرار ودون ان يكون لك ذنب فيها او تحملك مسؤولية غيرك وكأنك ولي امره الحقيقي او ان تدوس على مشاعرك واحاسيسك او تنسى حقوقك وتهملها او تتجاهلها من اجل ان ترضي الآخرين او من اجل ان تبتعد عن المشاكل وتنأى عنها وكأن المشاكل سوف تتركك لوحدك لو كنت كبيرا بالفعل انما هي وراءك وراءك!
وحقيقة الامر، اننا اذا تأملنا هذه العبارة لوجدنا انها تحمل مضامين اجتماعية ونفسية معبرة ومؤثرة وتعكس بصدق ذلك الواقع الذي نعيشه ونتفاعل معه.
وانت بكل تأكيد حينما تقول هذه العبارة لشخص ما، فإنك غالبا ما تعرف انه انسان ذو مواقف ايجابية مشرّفة وصاحب قلب كبير وعقل راجح وانه من الاشخاص الذين يضحون حتى لو كان ذلك على حساب انفسهم وهناك فئة كبيرة من هذا النوع ولكن المشكلة تكمن في تكرار هذه العبارة لهم في مناسبة وغير مناسبة وبالذات في الاوقات التي لا يكونون فيها مهيئين نفسيا لسماعها وتقبلها.
خذ مثلا عندما يكون لك ابن او ابنة وتكون هي الكبيرة مثلا من بين اخوانها واخواتها طبعاً هذه فيها شيء من الإيجابيات والامتيازات لها، ولكن سوء استخدامنا لعبارات (انت الكبير) من حيث عدم اختيار الوقت المناسب سوف يجعل هذه الفتاة او الابنة الكبيرة التي ربما لا تتجاوز اثنتي عشرة او ثلاث عشرة سنة سوف يجعلها تمقت هذه الكلمة وتتمنى كما لو لم تكن الابنة الكبرى! لأننا مع الاسف نطالبها بأشياء فوق طاقتها فوق عمرها الحقيقي وفوق رغباتها وامانيها والتي هي أبسط حقوقها.
وقد تستغربون ذلك ولكن تخيلوا معي حينما تكون انت الاخ الاكبر وتحرم من كل شيء وتمنع نفسك او تحرمها من اشياء تحبها وتتمناها لمجرد انك الكبير وحتى لو حاولت ان تتجاهل ذلك فإنك تسمع من ابيك أو امك ما يشعرك بأن هذا عيب وانه لا يجب ان يكون وانك لابد ان تكون قدوة لإخوتك واخواتك فماذا تفعل؟ إما انك ترفض وتقول صراحة بأنك لست الكبير في كل شيء او ان تسكت على مضض وتتقبلها بينما في قرار نفسك ربما حقدت على اخوتك وتمنيت انك لو لم تكن الكبير بينهم.
ولعل ما يزعجك اكثر انك ربما لمست من غيرك انه يقولها لك من قبيل السخرية والمداعبة الثقيلة التي لم تعد تستطيع ابتلاعها كما تعودت لانها اصبحت تشكل لك مصدر ضيق واحباط.
تجد نفسك بين عشية وضحاها انك انت المسؤول عن كل شيء سواء في المنزل او في العمل وتجد نفسك مطالباً بأشياء اما انها اكبر من قدرتك وطاقتك مما يجعلك في حالة لهاث مستمر لتلبيتها أو في حالة احباط متواصل لعدم قدرتك على إيجاد نوع من التوازن بين مطالبك وحقوقك الشخصية وبين مطالب اسرتك او عملك الذي يستنزف منها الجزء الكبير من طاقتك وقدرتك الجسمية والعقلية.
تجد نفسك احيانا في ظل التوترات والضغوط والحقائق المرة والاحباطات، تجد نفسك لا تجد مكانا في قلبك لعواطفك بل بدلا من ذلك تظل عواطفك مجمدة او مؤجلة حتى اشعار آخر بينما في داخلك وفي قلبك كل المشاعر المرهفة والاحاسيس الصادقة!
وبيني وبينكم نحن احيانا قد نتقبل مثل هذه العبارة ظاهريا ولكن في داخلنا لا نحبذ ان نسمعها باستمرار خاصة اذا كانت تحرجنا او تسبب لنا الاذى النفسي واحيانا مجرد سماعها من الآخرين لنا تجعلنا نضحك ولكن ضحك من نوع آخر نفهم المقصود منه من اول لحظة خاصة اذا كانت لنا تجارب او مواقف سابقة مع هذه الكلمة.
ولكي نكون موضوعيين فإن هذه العبارة ليست بذلك السوء الذي قد يبدو من كلامنا عنها ابداً بل انها تحمل معاني ايجابية ومشرقة تنم عن الصبر واحتساب الأجر والتحلي بالحكمة بل انها ومن دون مبالغة تحمل ايضا بعض معاني الراحة النفسية!
فالإنسان منا وتحت مواقف شديدة لا تُحتمل قد يلين حينما يسمع هذه الكلمة من شخص آخر توجه اليه بأسلوب هادىء ورقيق وهذا يدل على ان الانسان منا عطوف بطبعه ولكنه بحاجة لمن يتفهمه ويخاطبه بالأسلوب الذي يريد ويفهمه.
وبغض النظر عن تلك المعاني سلبية كانت ام ايجابية فما هو رأيك انت، هل تتقبل هذه الكلمة؟ هل سبق ان قيلت لك؟ وما هو رد فعلك تجاهها؟ وما هي ملاحظاتك عليها؟ ان اجابتك الصادقة على تلك الاسئلة سوف تجعلك كيف تستخدمها مع الآخرين ومتى وتحت اي الظروف.
همسة
ما أتعبني شيء في حياتي,.
منذ ان عرفت نفسي,.
سوى أنني الكبير,.
في كل شيء,.
هكذا يقولون لي,.
ومازالوا يقولون,.
ومازالوا يرددون,.
اصبر,, تحمل,.
انس,, تجاوز,.
انت الكبير!
* * *
أما أنا المسكين,.
فأصدِّقهم!
أقنع نفسي,.
اقول لقلبي,.
ابتسم ايها الكبير,.
لا تشتكي,.
لا تتبرم,.
حتى لو كنت تتألم,.
لو كنت تبكي من الداخل
* * *
اعلم أنه صعب على قلبي,.
أن يتحمل فوق طاقته!
ومع ذلك أقول له:
لا تعترض على شيء!
فقط اقبَل,.
كل ما يقال لك!
فقط افعل,.
كل ما يطلب منك!
* * *
ولا ادري,.
الى متى سيستمر هذا الوضع!
الى متى سأظل الكبير!
في نظر غيري!
بينما في نظر نفسي,.
مازلت صغيراً!
وهكذا اتمنى ان أكون!
ولو لبعض الوقت!
على الأقل,.
لأحصل على جزء مما اريده,.
جزء من حقوقي,.
ابسط حقوقي!
* * *
كم اكره هذه الكلمة,.
في قرار نفسي,.
كم أمقتها,.
في داخلي
ولكن,, ماذا افعل؟!
لابد أن اقبلها!
لابد ان أتعايش معها!
ألست الكبير؟
*عنوان الكاتب :
ص,ب: 75395 الرياض: 11578
البريد الالكتروني
fhmaghioth @ yahoo. com

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved