أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 9th November,2000العدد:10269الطبعةالاولـيالخميس 13 ,شعبان 1421

الثقافية

هكذا
تسمين متبادل,.
فهد العتيق
لم تكن الأديبة الفلسطينية والحاملة للجنسية الاسرائيلية رجاء بكرية اقل حقدا منا على الصهاينة فهاهي تعلن لليهود: اذهبوا، ليس في قلبي غير حقد أهنىء به عيدكم وها نحن مواطنون ومثقفون وأدباء عرب نعلن رغبتنا العارمة ولا نخبئها في مقاطعة السيارات الامريكية والمطاعم الامريكية والدراسة في الجامعات الأمريكية، ها نحن نقف وقفة واحدة ونتبرع للفلسطينيين الذين يكافحون ويستشهدون نيابة عنا ونيابة عن السلطة الفلسطينية ايضا!! وليس في هذا عيب، العيب ان نقف موقف المتفرج فلا نعلن الرغبة في المقاطعة مثلا ولا نمتدح فكرة التبرع مثلا مرة اخرى ، ففي سنوات مضت وانقضت احتل اليهود بيروت وارتكبوا المجازر وتبع ذلك الانتفاضة الاولى 1987م، وبعد ذلك وقبل ذلك الكثير الكثير من بشاعات اليهود ضد الارض والانسان دون ان يتحرك احد.
لكنني شخصيا اشك في شيئين، أشك في قدرتنا على مقاطعة المطاعم الامريكية والسيارات الأمريكية، أولا لأن المطاعم العربية او الصينية او الهندية ليست بها ملاعب اطفال مثل المطاعم الامريكية، ولهذا من الصعب على عوائلنا ان تذهب الى المطعم لتأكل فقط، نحن نريد ان نأكل ونلعب ايضا واللعب كما ترون ليس عيبا، كما ان الاكل الامريكي سهل التحضير فبمجرد ان تجلس تجد طلبك امامك ساخنا مع ابتسامة آسيوية من صناعة امريكية لكن الطلب في المطاعم الأخرى يحتاج الى تحضير لا نقوى على انتظاره في عصر السرعة، اما السيارات الامريكية فهي ربما السيارات الوحيدة اوتوماتك كاملا، ونحن تعودنا على الرفاهية العالية، والرفاهية ليست عيبا ايضا أليست الرفاهية هي مطلب كل انسان على هذه الأرض وامل حياته مثلما هي امل الحكومات العربية لمواطنيها الطيبين جدا، اما حين نقف وقفة رجل واحد ونقاطع بالفعل مع استحالة ذلك فلا اظن ان امريكا سوف تخسر كثيرا لسبب بسيط ان أرباح مطاعمها التي جنتها من زبائنها في الشرق الأوسط والخليج العربي للسنوات العشر الماضية قد فتحت بها الآن آلاف المطاعم في شرق آسيا والصين، ولك ان تتصور كم زبونا لها في صين عدد سكانها تجاوز المليار بعد الاتفاقية التجارية الاخيرة بين امريكا والصين بمعنى اننا الآن نريد ان نقاطع بعد ان وقع الفأس في الرأس، اي بعد ان قمنا بتكبير وتسمين هذه المطاعم وربما هو تسمين متبادل نحاول الآن ان نقاطع هذه الشركات لمجرد ان امريكا لم تحرك ساكنا وهي ترى اطفال فلسطين قليلو التربية كما رأت جريدة انجليزية الاسبوع الماضي يذبحون برصاص قناصة الصهاينة وكأنهم أرانب تائهة فماذا تريدون من امريكا ان تفعل اكثر مما فعلت القمة العربية الاخيرة مثلا.
اظن أننا بحاجة الى وقت ليس بالقصير لكي نفكر كيف نرد الدين لامريكا التي دائما تستخدم الفيتو ضد حقوقنا العربية المسلوبة، وخلال هذا الوقت غير القصير يتعين علينا ان ندرك شيئا مهما وهو ان عدونا الحقيقي هو اسرائيل وليست امريكا بمعنى ان امريكا دولة كبيرة سياسيا واقتصاديا وعسكريا وهي تقف مع اسرائيل لحاجات في نفس يعقوب فمتى نيأس من امريكا، متى يتبدد احساسنا كعرب ان قضيتنا مع اسرائيل هي قضية امريكية بالدرجة الاولى، متى نبدأ بالتعامل مع اسرائيل كدولة لها شخصيتها المستقلة ولها مشروعها المستقل، فقد تولَّد لدينا احساس ضخم ان الطريق لقهر اسرائيل يمر بالدم الأمريكي مع ان اسرائيل امام اعيننا 24 ساعة، ونستطيع بامكانات عربية اقتصادية وسياسية وايضا عسكرية ان نوقفها عند حدود 67م بكل سهولة لكن ماذا تفعل امام سياسات عربية تبالغ كثيرا في احترام الأمر الواقع على الارض وكأنه شيء مقدس، وتجربة حزب الله في جنوب لبنان خير مثال، حتى لا نكون أصحاب تنظيرات فقط.
اخيرا، يظل عبء الأسرة الفلسطينية التي فقد عائلها او احد ابنائها بالاضافة الى اعمار الاراضي العربية المحررة وكذلك منطقة القدس الشرقية على الحكومات العربية وليس على الهبات والصدقات والتبرعات التي رأيناها على الهواء مباشرة في بعض القنوات العربية وكأننا أمام حالة وقتية أو أمام متضرري زلزال او,,,!!؟
وتبقى أسئلة من نوع كيف نصنع عبارة للتاريخ يحرر اطفال فلسطين القدس الشرقية من الذئب المسعور، بعيدا عن طاولات السلام المشكوك فيها منذ بدأت وحتى الآن؟!!
ثم كيف نبدأ عربيا في اصلاح داخلنا قبل مواجهة اخطار الخارج؟
كيف نبدأ خطة حقيقية ومستقبلية لمواجهة عدو رابض في ارضنا منذ 50 عاما وكيف نعيد ثقة الشعوب العربية في نفسها وفي قادتها وفي المستقبل اولا
وقبل كل شيء اسئلة ضخمة بحجم الألم الفلسطيني على مدى 5 عقود.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved