أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 16th November,2000العدد:10276الطبعةالاولـيالخميس 20 ,شعبان 1421

مقـالات

فقط شيء من الوضوح والصراحة
د, فهد حمد المغلوث
كثير من المشكلات والاحباطات والاخفاقات التي تواجهنا في حياتنا الشخصية وبالذات في علاقاتنا العاطفية انما تكون بسبب عدم الوضوح والصراحة منذ البداية، بل والتسرع في اتخاذ قرارات فردية شخصية نابعة منا نحن دون التريث لمعرفة آثارها السلبية علينا وعلى الأطراف المعنية بالموضوع نفسه مما قد يفقدنا اياهم للأبد ونخسر بذلك الشيء الكثير والكثير جداً لأنهم ليسوا اناساً عاديين في حياتنا بل أناس يعنون لنا الكثير والكثير جداً ويكفي ان أمثال هؤلاء المميزين دخلوا قلوبنا من أول مرة عرفناهم فيها دون تردد أو تفكير عميق.
نعم نجد أنفسنا مع مرور الأيام ودون أن نشعر نخسر كثيرا وكثيراً جداً، لعدم وضوحنا وصراحتنا مع الآخرين وبالذات أولئك الذين أحبونا بصدق وفتحوا لنا أبواب قلوبهم بعفوية ومنحونا كل ثقتهم الغالية التي نعتز بها ونحاول جاهدين ان نحافظ عليها.
ولكننا رغم ممارستنا لهذا الغموض وعدم الصراحة مع الطرف الآخر وما تسببه لنا من اشكاليات متعبة لنا ولغيرنا ممن يتعاملون معنا من قريب أو بعيد.
رغم ذلك كله، ما زلنا مع الأسف غير قادرين على فهم هذه المعادلة البسيطة والتي تعني ان الغموض وعدم الصراحة منذ البداية يعنيان الراحة النفسية وبناء جسور الثقة وديمومة العلاقات الشخصية والعاطفية والزواجية ليس مع أعز الناس وحسب ولكن حتى مع الآخرين.
وفي ظل هذا الاكتشاف المفاجئ والمتأخر جداً لهذا الغموض والاخفاء للطرف الآخر يحدث العتاب والخصام والبعد والجفاء وقد يمتد إلى القطيعة التامة لا سمح الله ! ولِمَ كل ذلك؟ لأننا منذ البداية لسنا صريحين مع أنفسنا أولا وبما يكفي وليس لدينا الجرأة الكافية لنكون كتاباً مفتوحاً وواضحاً على الأقل للحد الأدنى للصراحة التي تكفي لأن تزيح الطرف الآخر منا وتزيد ثقته بنا أو على الأقل يعذرنا فيما لو حدث شيء ما منه تجاهنا أو بسببه!
ولا أجد في نفسي منأى عن هذا الغموض أحيانا إلا أنني أحاول ان أجد من يتفهم سبب هذا الغموض أو تلك الأسرار أو الخصوصيات ان صح التعبير ويقدرها كي يساعدني في التخلص منها وان لم تكن بالقدر المزعج، ولكن الإنسان يجني كثيرا وكثيرا جداً حينما يكون واضحا مع نفسه أولاً ثم مع الآخرين، قد يخسر الآخرين في البداية ولكنه سوف يكسبهم فيما بعد لو كان صادقاً ومقتنعاً بما يقول, وقد يواجه العقبات في سبيل هذه الصراحة وقد تسبب له المشاكل وهذا مؤسف جداً,نعم من المؤسف حقا ان تصبح الصراحة نوعاً من قلة الأدب أو التطاول وقلة الذوق لدى البعض للدرجة التي نعاتب عليها ونحاسب عليها أيضا، وفي الوقت الذي نحن أحوج ما نكون فيه للوضوح في الرؤية والتصور!
نعم من المؤسف جداً أن نحاسب على هذا الوضوح وكأننا ارتكبنا خطأ في حق الآخرين، هؤلاء الآخرون الذين لم يكونوا يوما ما صريحين أو واضحين معنا بقدر ما كانت علاقتنا بهم هي الغموض نفسه والتناقض بشتى صوره وأشكاله,من المؤسف حقا في عصر نبحث فيه عن القيم المثالية السامية ان نكون مذنبين ونعاقب على افعال وأقوال ارتكبها غيرنا ومن القسوة بمكان ان نكون نحن الخصم والحكم في آن واحد!وربما يعتقد الإنسان منا أننا نبالغ فيما نطرحه ولكن بنظرة فاحصة متأنية للمجتمع ومن خلال تجارب عديدة في مواقع مختلفة، وربما أنت احداها سوف تكتشف بنفسك هذه الأقنعة الزائفة التي يرتديها من يريدوننا ان نعتقد ونصدق بأنهم ملائكة الرحمة!صحيح ان الإنسان احياناً قد يستخدم الغموض ولا يصدق للدرجة التي ترضي الطرف الآخر ولكن قد يكون مرد ذلك مصلحة عامة أو خوفا على مشاعر الطرف الآخر نفسه أو أنه قطع على نفسه عهداً أو وعدا بألا يتحدث في هذا الموضوع مع شخص آخر رغم علمه ان هذا الشخص الآخر الذي يخفي عنه حقائق معينة يعلم أو يشك في معرفته لها وينتظر منه اجابة شافية, وهنا نعيش صراعاً آخر لا يعلم معاناته بداخلنا سوى الله سبحانه وتعالى لأننا نريد ان نكون واضحين وصريحين, ومع ذلك، فقد التزمنا بعهود لابد أن نتقيد بها وان وجدنا أنفسنا في لحظات ما ضعفاء للدرجة التي تجبرنا على ان نكون صرحاء وليكن ما يكن، فهل يكفي هذا لنكون موضع ثقة؟
وأحيانا قد تنزعج كثيرا لدرجة التعب حينما تحاول جاهدا ان تعيد ثقة الآخرين بك وليس آي آخرين ! فلا تستطيع ذلك، لانهم لا يعطونك الفرصة لشرح وجهة نظرك، تحاول البحث عنهم فلا تجد منهم إلا هجراً أو صدوداً مما يشعرك بالذنب أحياناً انك صارحتهم! وهنا قد تتساءل هل كان من الواجب مصارحتهم؟ وماذا جنيت من المصارحة؟ ام انه كان من الأفضل السكوت؟ ولكن إلى متى وأنت تشعر بالطرف الآخر ينتظرك ان تقول شيئاً ما له في كل وقت؟ حتى دون ان يطلب منك ذلك! هذا طبعا ما نجنيه من عدم الوضوح والصراحة على الصعيد الشخصي والعاطفي حيث الخسارة والفقد والمشاكل وسوء الظن وغير ذلك، أما على الصعيد الوظيفي والمهني فيكاد هذا الغموض يكون متأصلاً فينا وكأنه مرض مزمن قد استشرى في أجسامنا ويصعب استئصاله,انظر إذا شئت إلى هذا الموظف المؤتمن على حقوق الناس وتأديته واجباتهم والبت في أمورهم، تأتي إليه في معاملة واضحة مكتملة مستوفية كل الشروط فيظل يماطل فيها ويركنها وكل يوم يقول لك ارجع غداً أو بعد غد وهكذا حتى تزهق منها وتكره نفسك والعياذ بالله علما انها أي المعاملة لا تتطلب منه سوى دقائق معدودة أو ساعات ينظر إليها ويبت فيها ويرسلها لتأخذ مجراها ولكنه لا يفعل ذلك ومن يراه يعتقد أنه مشغول جداً وليس لديه الوقت الكافي لحك شعره بينما العكس هو الصحيح!
وأنت كصاحب الحق أو المعاملة، تسأله: ماذا تريد أن أوفره لك؟ فيقول لا شيء، كل شيء منتهٍ والموضوع عادي ولا يقول لك بوضوح ماذا يريد وانت كإنسان محتاج جداً ومتضايق للتأخير قد تفكر في كل شيء سيئ! وقد تقول في نفسك أكيد هو يريد شيئاً ولا يريد ان يقوله لي صراحة! إلى آخره.
إن الأنظمة واللوائح حينما وضعت فهي لمساعدة الناس وليس للتضييق عليهم أو التعقيد وسوف تكون هذه اللوائح جميلة جداً لو طبقت مع الجميع وليس مع البعض! وهنا المشكلة الأخرى التي بحاجة لجلسات ومناقشات,إننا نتمنى ان نرى السعودة في كل مكان وفي كل دائرة حكومية ولكن ان يكون المواطن هو عقبة المواطن نفسه في استقباله السيئ وتعامله الجاف وعدم تفهمه لمطالبه وتقديره لظروفه الخاصة هنا من حقنا ان نضع أكثر من علامة استفهام واستفهام.
طبعاً الأمثلة كثيرة وكثيرة جداً التي تدل على ما يشكله الغموض في حياتنا وكيف يمكن ان يؤثر فينا بشكل سلبي ولكن ما نريد ان نقوله لمن أخطأنا في حقهم، لمن لم نكن صريحين معهم بشكل كاف من البداية، لمن لم نوضح لهم كل الأمور كما هي من أول مرة، نريد ان نقول لهؤلاء، بأننا نعتذر لهم,, صحيح ان الاعتذار قد يأتي متأخرا أحيانا, ولكن ماذا يمكن ان نقول أو نفعل سوى اننا عرفنا قيمتهم الحقيقية؟ وماذا يمكن ان نفعل سوى ان يكون هذا الاعتذار مقدمة لتصحيح الخطأ ووعداً بعدم حدوثه مرة أخرى بإذن الله.
إنها رسالة مفتوحة لي ولك ولكِ كي يكون الوضوح والصراحة هما هدفنا إنها دعوة لأن نفصح عن مشاعرنا وأحاسيسنا وعواطفنا بصراحة وبأسلوب راقٍ ينم عن الصدق الذي بداخلنا ولو بشيء من الوضوح والصراحة.
إنها دعوة لأن يسود الوضوح والصراحة جميع تعاملاتنا في أعمالنا وسلوكياتنا بحيث ينعكس على حسن وزيادة وفعالية إنتاجيتنا على المستوى البعيد.
دعوة لأن نأخذ بالوضوح بحيثياته وتفاصيله وإيجابياته وليس بقشوره وكلماته ومعناه السطحي.
فالحياة لكي نسعد بها ولكي نعيشها ونستمتع بها بحاجة لأن نكون صريحين مع أنفسنا ومع غيرنا وواضحين في كل ما نريده ونطلبه من الآخرين فلا يكفي ان نقول للطفل هذا عيب فقط وانما ان نشرح له أسباب هذا المنع بأسلوب سهل وبسيط وهذا هو الوضوح للطرفين حتى في الخلافات الزواجية فنحن بحاجة ان نكون واضحين في مشاعرنا وفي أسلوب التعبير عنها، ولا ينبغي ان نكون متناقضين بشكل واضح ثم ما قيمة المشاعر الجميلة والأحاسيس النبيلة والعواطف الجياشة ان لم يُعبَّر عنها بوضوح؟ ما قيمتها حينما تظل في القلوب لا يحس بها سوى صاحبها؟ بل وما قيمتها ان لم يتلقها الطرف الآخر بوضوح أكثر لتصل تلك المشاعر إلى نقطة تشعر فيها انها توحدت مع بعضها وانها توأم واحد.
تلك المشاعر الواضحة الحلوة هي السهام الجميلة التي نود ان نتلقاها برحابة صدر لأننا نعرف كيف نستقبلها وإلى أين نوجهها ولذلك لا نخشاها.
وذلك الوضوح هو الاسم الثاني لك الذي أتمنى ان يكون مرتبطا بكل ولصيقا بك كي لا أشعر بتردد وخجل من البوح لك بكل ما أريد ووقت ما أريد لأنك باختصار صفحة بيضاء تعبر عن الوضوح والصراحة كما عهدتك,.
نحن بالفعل لا نطالب بالكثير من الغير بل بشيء من الوضوح والصراحة ولا ان نشعر بالاستغفال من قِبل أولئك الذين يعتقدون اننا كذلك مهما كانت مواقعهم الوظيفية أو الاجتماعية,نريد بحق ان نعرف بوضوح مالنا وما لنا بالتحديد كي نقوم به على أكمل وجه ولا داعي للمماطلة والتسويف والاستخفاف بعقولنا للدرجة التي تشعرنا اننا لاشيء وان علينا تقبل الواقع كما هو حتى لو كان غير صحيح وغير منطقي,نريد وفق تأديتنا لعملنا ان نحاسب وفق فهمنا واستيعابنا المطلوب منا وليس وفق أهواء من بيدهم تقييمنا وتحديد مستقبلنا,نريد من تلك الأنظمة واللوائح التي وضعناها نحن ان تكون مرنة وغير مزدوجة بمعنى ان ما يطبق علينا يطبق على غيرنا وإلا ما الداعي لتلك اللوائح من الأصل نريد من يكون سلوكه الوضوح والصراحة مهما كان عمله ان يكافأ وان يستفاد منه وان يشعر انه موضع تقدير واحترام ومن أولئك الذين لا همّ لهم سوى تعقيد عباد الله والتفنن في إعطاء المواعيد التي لاداعي لها والتلذذ في رسم الحيرة والذهول على المراجعين والمستفيدين نريد وضع حد لهؤلاء واشعارهم ان لكل منا مهمة كبيرة هي تطوير هذا الوطن وإيجاد آليات إبداعية لوضعه في مصاف الدول المتقدمة أما بهذه العقليات وبهذا التفكير فسوف لن نبارح أماكننا وسوف نظل كما نحن لأننا لم ولن نعرف بعد ماذا نريد.
وهذا هو قمة الغموض الذي يحتاج وقفة صراحة مع النفس ولك ان تقيس ذلك على كل شيء في الحياة بما فيها المواقف والتجارب التي تتعرض لها أنت والله من وراء القصد.
همسة
بعدما حصل بيننا,.
وبعد عتابي لك.
أعرف تماماً,.
أنك مستعجل عودتي إليك,.
وأدرك يقينا,.
أنك مللتُ انتظار الوقت,.
أملاً في مسامحتي لك,.
***
نعم,.
أعرفُ حقيقة,.
مقدار أسفك لما حدث,.
وصدق رغبتك في تصحيحه,.
وأن يكون الأول والأخير,,.
***
ولكن,, فقط,.
امهلني بعض الوقت,.
كي أرضى عنك تماماً,.
كي يزول ما بداخلي نحوك
كي أصبح كما كنت
***
وحينها,.
سأعود إليك حتما,.
بإذن الله,.
فليس لي سواك بعده.
***
ولكنني ,, عفواً.
أحتاج بعض الوقت,.
لأعيد توازني لنفسي,.
أحتاج بعض الوقت,.
لأصلح ما أفسدته,.
لأستعيدك كما كنت
***
قد يضايقك تصرفي,.
ولكن صدقني,.
فأنا لا أريد أن أخسرك
بعدما وجدتك,.
بعدما انتظرتك طويلاً,.
***
لذا,, أرجوك,.
امهلني بعض الوقت,.
تحملني قليلاً,.
فما سببته لي من ألم,.
صعب عليّ نسيانه بسهولة,.
لقد جرحتني دون أن تشعر!
آلمتني دون ان تحس!
دون قصد منك بالطبع,.
***
ورغم كل ما كان منك,.
أظل أشتاق إليك
إنها مسألة وقت,.
أتمنى ألا تطول,.
كي أرجع إليك,.
***
قد يكون إرضائي صعبا.
أو هكذا تجده,.
ولكن هكذا أنا,.
لا أريد صفحات مفتوحة,.
من بواقي الماضي المؤلمة,.
بل أريد صفحة جديدة
بيضاء ناصعة
أكتب عليها ما أريده,.
كل ما أريده,.
بكل وضوح ,.
بكل صراحة,.
ومنذ البداية,.
أليس هذا لسان حالك؟

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved