أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 20th November,2000العدد:10280الطبعةالاولـيالأثنين 24 ,شعبان 1421

الثقافية

الثقافة العربية مرهونة بتنشئة أجيالها !
أ,د, عبدالله بن محمد الراشد*
ليس من الحكمة التنبؤ بمستقبل الثقافة لأمة من الأمم بمعزل عن مستقبلها الاجتماعي إذ أن ذاكرة التاريخ تحفظ لنا اجتهادات مماثلة، اصطدمت بواقع الأمة فذهبت جفاء.
والثقافة العربية اليوم مع كل أشكال التقدم التقني الذي أدركته بعضُها أو لحقها غبارُه ليست في حال أحسن من ذي قبل، فهي لا تزال تعاني من ضمور وخمول في كثير من جوانبها، هذا إذا اعتبرنا الثقافة ثروة النخبة المعرفية، أو قصرناها على الدراسات المنطقية والنظرية دون الجانب المادي والعلمي، مع القناعة بأن أحداً لا يستطيع التحرر تماماً من استعمال مصطلح الثقافة مرادفاً للحضارة أو أساساً لها.
إن الكم الهائل من المعلومات التي تقذفه وسائل الإعلام والمطابع ومراكز الأبحاث قد قوبل بمد أكثر تأثيراً لا في كمه فحسب، ولكن في نوعيته التي استدرجت بشكل سافر عقول الناشئة واهتماماتهم وأوقاتهم من قِبل كثير من وسائل الإعلام المرئية والمقروءة، ووسائل اللهو والتسلية التي تتسابق مصانع ومعامل ودور خبرة كثيرة جداً في العالم اليوم للظفر بأفكار مثيرة لهذه الشريحة الاساسية من الأمه.
ومثل هذه الوسائل والافكار والبرامج التي تعد في ظاهرها مسلية ومثقفة وهي في حقيقتها حاجز قاتم بين المتلقي والثقافة الجادة التي تشكل أساساً للثقافة العامة.
ولعل البعض قد تنبه إلى هذه الخطورة مبكراً فأعد لها حلولاً ووضع لها أُطراً، وبرمج الأوقات موازناً بين الجد واللعب والوقت المستثمر فيما يبقى، والمسموح به فيما يتنفس به عن الناشئة، ويمتص جزءاً من طاقتهم وليس ذلك على الإطلاق لكن الجهود في ذلك واضحة.
إن الجيل العربي الحديث موعود بمستقبل ثقافي هش ولذلك ماله من الخطورة، والأخطر منه أنه غير معترف بهذه الإشكالية المصيرية موهوماً برصيده من ثقافة الإثارة والقشور، حتى إنك لتعجب حين تكتشف بأن الإعجاب والرضى هما المقياس المهم والوحيد لدى شريحة عريضة من ذلك الجيل, مستقبل الثقافة مرتبط أشد ما يكون بهذه القاعدة التي أشرت إليها، وباهتمام الأجيال الصاعدة، ومع كل هذا فالأمل شاب نضر، والغد المأمول مقدور على جعله أكثر ازدهاراً بإذن الله .
ولكن كيف,,؟!
في اعتقادي أننا في حاجة إلى إعادة النظر إلى أشياء كثيرة بدءاً بمناهج التعليم وأساليبه ووقوفاً عند خصوصيتنا العربية الإسلامية، ورسالتنا الإنسانية ومسئوليتنا التنويرية، وانتهاء بتقنين التعامل مع معطيات العصر,والثقافة في نظري هي محصلة الخبرات والمؤثرات والقناعات والقدرات الفكرية والإبداعية، مما يستوجب تحصين هذه الأساسيات وتجنيد إمكانات وجهود لصقلها وتوجيهها واستثمارها.
من الخطأ أن يلقى عبء الثقافة كاملاً على المؤسسات التعليمية فقط، فالأمر يحتاج إلى مخطط مدروس يسهم الجميع في إعداده، وربما تنفيذه، وأعتقد أن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم يمكن أن تقوم بدور فاعل في هذا الجانب الذي يعد من أبجديات مسئولياتها، والجميع يتطلع إلى تنفيذها لمشروعالعقد العربي للتنمية الثقافية الذي أقر عام 1419ه.
إن ما يحدث من جهود فردية، من مؤسسات ثقافية وجوائز مختلفة ومؤتمرات ومهرجانات تعتبر هامة ومفيدة، لكنها جهود غير مبرمجة في النسق العام الذي يلاقح بين التجارب والأفكار، ويوائم بين الممكن وغير الممكن، ومادام كلٌ يعتز بثقافة قُطره ، ويمجد رموز بيئته، ويصر على أنه فرد في إنجازاته وتجاربه، فإن ذلك سيظل عامل فرقة وشتات، والخير للجميع أن ينطلقوا من قاعدة واحدة، وأن ينهلوا من معين واحد، وأن يوظفوا كل إمكاناتهم الفكرية والثقافية والتعليمية والإعلامية لبناء جيل عربي مؤمن بربه، مدرك لمسئولياته ورسالته، متسلح بالعلم والمعرفة، غير منغلق ولا متماهٍ أو مبهور بما لدى الآخر.
*مدير جامعة الملك خالد

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved