أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 20th November,2000العدد:10280الطبعةالاولـيالأثنين 24 ,شعبان 1421

عزيزتـي الجزيرة

رسالة إلى ثلاثة أرباع عقلاء الدنيا!
إليك أنت,, أيها الإنسان!
قد تجد من يؤدي عنك عملك، ولكن من المستحيل ان تجد من يحاسب نفسك عنك,, قد تجد من يلومك، من يعاتبك، من يحاسبك لعدم تأديتك واجبك تجاه شخص أو أمر ما، ولكنك لن تجد من يصفي لنفسك حسابات قديمة قد اكل عليها الدهر وشرب، ولن تجد أصدق من نفسك مع نفسك لتقف وقفة محاسبة صادقة.
ادخل بنفسك الى بنك حياتك لتعرف كم رصيدك من الصدق في التعامل مع الذات,, كما حسابك الجاري في بنك الامانة الذاتية التي تحتم عليك الامانة في تعاملاتك الداخلية.
تأمل:
1 كم مرة جلست مع ذاتك وحاسبتها بكل صدق وأنصفت الواقع؟!
لابد ان الخوف والتردد وأهم من ذلك عدم المصداقية من الدوافع الحقيقة لتدليس الواقع والكذب على النفس والهروب من محاسبة الذات.
2 كم مرة قرأت تفاصيل جرحك القديم؟!
اعتقد انها الاف المرات، ولكن المهم هنا ماهي النتيجة التي خرجت بها من قراءة ذلك الجرح؟ !
3 كم هي الساعات التي قضيتها في قراءة ابجديات السفر؟
قد لا تفهم ماذا اقصد بالسفر، ولكن من ينام سيحلم ومن يحلم اجزم انه سيطوف بقاعا شتى، ويعرف من الاحران التي تزخر بها الذاكرة ما الله به عليم,, اي ان من يحلم يسافر الى عالم لا يراه غيره وفي غربته او ان شئت اختلاطه بغيره يرى ما يخاف رؤيته في الواقع وترتطم آماله الحالمة بحقيقة الامر الراهن.
وحدك تسافر في الاحلام، ووحدك من يستطيع قراءتها وكتابة تفاصيلها ان شئت!! ووحدك تساورك الآمال في الخروج من دوامة الاحزان القاهرة,, اجل وحدك تستطيع قراءة تفاصيل الالم وكتابة ابجديات جرح قديم,.
أنت أيها الإنسان!
تعلم كيف تقضي حوائج الرحّال وتعلم كيف يمكنك السفر الى بقاع الدنيا الحالمة وتعلم كيف تشدو بأنينك الصامت وتشرح للعاقل في صمت!! انت ايها الانسان!
مهما عشت,, ومهما قضيت من الدنيا فانك لم تكبر بعد ولم تصبح في عيون غيرك شيئاً يذكر!!
مازلت في عيون من هم اكبر منك طفلاً صغيراً وان لم تكن كذلك فانك مازلت في عيونهم جاهلاً بشوارع الحياة ولم تعرف طرقاتها لذا لن يسمحوا لك بممارسة حق من حقوقك ولن تمارس الا اقل حقوقك وهو استرجاع الالم والذكرى، وفي عيون من هم اصغر منك لا شيء اتعلم لماذا؟!
اسبابها كثيرة,, وتفاصيلها مؤلمة لذا لن افصل لك القول المجمل ولن اقول لك سوى انك صغير في اعينهم لانك الى الآن لم تقدم شيئاً يذكر ولم تقدم ما يجعلك جديراً باحتلال مكانة مرموقة في اعينهم,, لكي تصبح انساناً قادراً على العطاء,, صادقاً في تعامله,, محبوباً بأدبه ودماثة خلقه,, اجعل لنفسك سلطاناً على هواك ولا تجعل للايدي العابثة سلطة عليك، ولا تكلف ظنونك باي مهمة رسمية! ولكي تصبح انساناً يحترمه الغير اجعل من نفسك انساناً قادراً على اتخاذ قرار حازم في امور حياتك,, ولكي تصبح انساناً يبحث عنه الغير مُدّ يد المساعدة لمن يحتاج ولا تحسب ان من يطلب منك مساعدة اقل منك بالعكس هو اعلى منك واقدر الا يكفي انه شجاع باقدامه على الطلب منك؟! اعتقد انه بذلك جدير بأن يكون هو صاحب المكانة العليا.
انت ايها الانسان في حاجة لمن يسأل عنك لمن يقضي لك حوائجك مهما صغرت وقل حجمها,, لمن يتقصى اخبارك ليقدم لك ما يمليه عليه الواجب ولتعرف قدر مكانتك في نفوس من هم حولك انت ايها الانسان,, بطبعك اناني,, بطبعك اجتماعي فسخر كلتا الطبيعتين لصالحك,, اجعل من الانانية صفة رائعة وسارع بامتلاك الاشياء القيمة ولا تتنازل عنها للئام,, لا تتنازل عن قيمك,, اخلاقك,, ذاتك حقيقتك حتى وان كانت مؤلمة لانك ستستفيد منها,, اجعل من طبيعتك الاجتماعية ميزة يبحث عنك لاجلها من هم في حاجة إليك ممن لا يستطيعون العيش الا بوجود انيس لهم في غربتهم ويبحثون عن صدر الامان.
انت ايها الانسان تعيش في عالم واقعه مؤلم ولكن حقيقته جميلة بجمال الندى على الزهور,, بجمال القمر ليلة الرابع عشر,, بجمال التضحية عندما ترتبط بالصداقة,, بجمال الوفاء عندما يقترن بالمحبوب لذا لابد ستعيش حاضرك بارتباطه مع الماضي, قد تتناساه ولكن يستحيل ان تنساه,, قد تدلس الحقيقة ولكنك لن تستطيع اخفاءها عن نفسك، وقد تماطل في فهم الواقع ولكنك لن تتمكن من الكذب على نفسك حتى وان صدقك أمهر المتغطرسين الكاذبين، وقد تكذب على العالم اجمع بكلمة,, بنظرة اما على نفسك فلا حتى وان زركشت الكلمات وجملت العبارات وأخفيت الحقائق,, وحدك ايها الانسان من يستطيع معرفة ماضيه,, المضي في حاضره,, الخوف من مستقبله خصوصاً اذا كان ماضيه صفحة سوداء خطت بأنامل باكية!! قد تكون انت ايها الانسان وصمة ألم في عالم المحبين ووصمة عار على جبين المقربين لأنك تحمل في جوفك ذاك النابض وفي رأسك هذا المدبر,.
بالنابض اتبعت الهوى فعذبت الاحبة، وبالمدبر جلبت على المقربين التعب والشقاء,, حتمت عليهم ان يكتبوا في سجلات حياتهم جزءاً من تاريخ حياتك الطفولي البريء المؤلم,, كتبت عليهم شقاء سنين ضاعت وضاع معها شيء جميل اسمه الابتسامة,, الصادقة الصافية التي تخرج من الاعماق لتخاطب اعماق اعماق الوجدان,, انت ايها الانسان بنفسك تطّلع على خريطة ذكرياتك لتنظر الى موقعك وتعرف طبيعة التضاريس المحيطة بك والجبال الوعرة التي تحاصر خلجاتك، ولتعرف كم هي المحيطات الفاصلة بينك وبين بلاد الصراحة وبلاد المواجهة وبلاد الصدق القريبة منك,.
انت ايها الانسان من اقصده في رسالة لم استطع الوقوف على أهدافها وحقيقة أمرها فلكم خالج نفسي شعور بالألم وأنا أكتب رسالة تمثل وللاسف ثلاثة ارباع عقلاء الدنيا!!
ليتني اوجه هذه الرسالة لمجنون او معتوه علني التمس له العذر اذا ضرب برسالتي هذه عرض الحائط، ولكن المجنون قد يسخر مني اذا علم انني قد وجهت له رسالة لا يفهم مغزاها الا العقلاء، والمعتوه قد يدير ظهره ويطلق العنان لضحكته المكرهة لتعانق رعشة جسد يتألم من مر الحقيقة,.
ولك انت ايها الانسان خالص تحياتي واحترامي
عزيزة القعيضب

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved