أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 24th November,2000العدد:10284الطبعةالاولـيالجمعة 28 ,شعبان 1421

الثقافية

متى تتساقط الأقنعة؟
هل اصبحت الاقنعة تقليعة قد تؤول الى الانتهاء كفقاعة الصابون؟ ام اضحت وباء ينتشر بلا قيود تردعه ولا مضادات انسانية تخمده؟ هل نحن مجبرون على لبس الاقنعة والتلون بألف لون ولون كالحرباء؟ ام كان هذا من صنع ايدينا ونزولا لرغباتنا لو تفحصت من حولك لوجدت الكثير من الاقنعة التي يعج بها المكان ولربما انت ترتدي احداها الان نعم اكاد أجزم الى حد اليقين انه ما من احد في زمن العولمة هذا لم يرتد هذا القناع قناع المجاملات الاكثر انتشارا لاسيما وان كبسولات الصراحة لم تنجح في اذابة ملامحه فمن منا لم يجامل شخصاً كثير الكلام يواصل الحديث بلا فواصل ولا يعترف بعلاقات الوقف حتى (التوقف الاعلاني) يخيل إليك أن الكلام مأكله ومشربه والهواء الذي يملأ رئيته وأنت أيها الضحية لا تملك سوى ان تهز رأسك وتسخر ملامح وجهك للاحداث التي يسردها بتتابع ممل ويخالطها الصواب والخطأ كمن يلقي الكلام على عواهنه وانت خلف قناع المجاملات تود ان تصرخ ان تعتقل لسانه و(تخيط) فمه فقد بدأت اعراض التلوث السمعي تتسرب اليك اذناك تتضخمان وذاك الطنين الذي يجول بارجائها يكاد يصيبك بالصمم تنملت اطرافك وغارت عيناك في محجريهما ولسان حالك يقول: اين المفر اجيبوا في كل ارض ثقيل.
وخلف هذا القناع كم من مرة جاملت فيها رئيسك في العمل او صديقاً مستغلاً طيبتك؟ لتكلف نفسك باعمال تثقل كاهل البعير وتزاحم وقتك فتحاول جاهدا ان تجعله 25 ساعة سعيا خلف غاية لا تدرك ولن تدرك هل تعلم ماهي؟؟ رضاء الناس وعندما تجالس انسانا في اوج فرحته ويكاد الضحك يشق وجنتيه فلا تحسده فلربما خلف قناعه هذا نفس يلفها الالم بوشاحه الواسع ولكنه يريد ان يكون ثملا بفرحة الآخرين ويجاملهم فيشدو بأجمل الالفاظ ويختلس لحظات السعادة في غفلة من الزمن وحاله هذا كالجائع الفقير الذي يشم رائحة الطعام ولا تصل يداه اليه وكما قال شكسبير : آه من الشقاء ان ننظر الى السعادة بعيون الآخرين,ولم يسلم الحب من تجميد ملامحه واضحى قناع الحب يقتنيه كل زوج يريد من زوجته ان تخمد انفاس احلامها وان تنصهر في شخصه والا ترسم لارضها حدوداً ولا لشخصيتها ملامح وهذا الطغيان السافر يبرر باسم الحب.
بينما خلف الستار يكمن انسان نرجسي تسكنه الانا ويختزل حب الامتلاك بين جوانحه ومن وراء هذا القناع ترتكب افظع جرائم الهدم لمعاقل الفضيلة والشرف فكم من شاب اوقع في شباكه من بنات حواء لتسأله كل ضحية بسذاجة ليلى ذات الرداء الاحمر لماذا عيناك جاحظتان يداك طويلتان ,, لعابك يسيل؟ فيجيبها بخباثة الذئب ليشمر عن ساعديه فيسقط قناعه بعد بلوغ مراده.
وهناك سؤال يقفز الى طرف لساني: متى نرتدي قناع الشجاعة؟ عند وداع الاحبة؟ أم عند تلقي الطعنات من اقرب الناس؟ ام عند تحطم الاحلام بصخرة الواقع؟ نظهر بأننا اقوياء امام الآخرين ولا نكشف عن مشاعرنا تجاههم خاصة الرجل فهو بارع في ارتداء هذا القناع لفترة طويلة مقارنة بالمرأة فمثلا تعلم الرجل الشرقي منذ صغره ان الدموع تحمل الهوية الانثوية وكل ما يخص المرأة لا يخص الرجل فاضحت الدموع عند بعض الرجال وصمة ضعف فباتت غائرة في الاعماق لا يمكن استدارجها حتى في اللحظات المتأججة حزنا وكأن ماء عينه قد نضب فكم ارثى هؤلاء لجمود اعينهم عن البكاء وكم خلف قناع الشجاعة من شخص يؤمن ان الاستفراد بالرأي شجاعة فلا يفسح مساحة الحوار لاحد وكم من رجل يطل بقناعه هذا فيرى من الضعف اخذ رأي المرأة ولا يحتمل فكرة ان تكون اكثر ذكاء وحكمة منه ولو امعنت النظر فيما وراء القناع لتجد انسانا لا يملك جرأة الاعتراف بأخطائه وتتكسر الكلمات على شفتيه فلا ينبس بكلمة اعتذار الى كل من صفعهم بشجاعته الآثمة ولا ننسى قناع الصداقة, هلا عددت اصدقائك؟ كم صديقاً لديك؟ عشرة؟ عشرون؟ اسمح لي ان اهمس في اذنك قائلة كلهم زائفون,, لماذا حاول ان تخترق القناع ستجد من يفرش لك جسر الصداقة لغاية في نفسه,باسم الصداقة استدين منك ولا ينبغي لك المطالبة بحقوقك اعرف واجباتك فقط باسم الصداقة قم باعمالي وانا انال الشكر من رئيسي بالعمل باسم الصداقة معك في السراء ولا اعرفك في الضراء باسم الصداقة سأسقطك معي في مستنقع الرذيلة والآن كم من العشرة لم ينفذ من الغربال واحد ام اثنان وحتى لا تلصق بي تهمة التشاؤم فليكن ثلاثة لقد اصبح الصديق عملة نادرة وثمينة,.


فسلام على الدنيا اذا لم يكن بها
صديق صدوق صادق الوعد منصف

قبل ان اصل الى المرسى يضج فكري بالكثير من الاقنعة ولكن لم تسعفني الورقة على احتوائها ويداعب مخيلتي كل ليلة حلم تتساقط فيه الاقنعة كأوراق الخريف فتجمد في صقيع الشتاء عندها تزف الحقيقة كعروس الربيع لترسم ملامحها على وجوهنا فيكون القلب من وراء اللسان والروح من وراء القلب.
فوزية حسن بيشة

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved