أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 24th November,2000العدد:10284الطبعةالاولـيالجمعة 28 ,شعبان 1421

الثقافية

تحليقة فوق أجواء الماضي
سارت الايام والسنون سريعة يتلو بعضها الآخر واصبح الآن رجلاً متحملاً لمسؤوليات الحياة واعبائها وفي احد الايام اتى ماراً بتلك القرية التي كانت مدرستها مصدر تعليمه واخذ يتجول داخلها ويتأمل في قصورها الطينية التي لم يبق سوى آثار ماضيها واخذ يهز رأسه متأثرا من جراء ذلك الماضي الذي كان ماضيا جميلا بكل المعاني كانت الحياة فيه بسيطة وميسرة وكان الناس فيه متماسكين وشركاء في كل الامور كانوا يتشاركون في المأكل وكانوا ملتصقين وقريبين لبعضهم لم تظهر عليهم متعاقبات الحياة العصرية التي نعيشها والتي اصبحت معقدة ومتعبة رغم توفر كل السبل فيها إلا أنها لا طعم لها بل إنها مظاهر بدون جوهر.
اما ذلك الماضي الذي عاشه اجدادنا وابناؤهم كان ماضياً يسيراً من جميع جوانبه كانوا لا يملكون من حطام الدنيا الا القليل وكانت تواجههم مشقات كثيرة ولكن لم يحسوا بها بل كانت لهم امرا طبيعياً اعتادوا على ذلك لم يكونوا مترفين ولم يعيشوا حياة الترف التي نعيشها في وقتنا الحاضر,, كل هذه الكلمات انهالت عليه عندما شاهد تلك القصور الطينية ما زالت واقفة على تخطيطهم الذي نسقوه بانفسهم وواصل سيره داخل تلك القرية ليتأمل اكثر ويذكر نفسه بأن هذه الدنيا زائلة لا محالة ومن ثم مر بمدرسته الطينية التي امتطى حصان العلم من داخلها وانطلق فيه الى مستقبل مشرق وعندما دخلها شاهد تلك الفصول وأبوابها الخشبية وتذكر اول يوم دخل فيه المدرسة وقتها انذاك وخنقت عينيه العبرة لانه وقف على ماضيه الذي في عصر الطفولة وتذكر زملاء الدراسة وتذكر اصدقاءه الذين زاملوه واخذ يتصور تلك الايام الجميلة امامه والتي مرت عليه كانها لمحة بصر تذكر ايام الدراسة عندما كان طفلا صغيرا واسترجع تلك الايام بما فيها وذكر تلك الفسحة التي كان الطلاب ينتظرونها بفارغ الصبر تذكر تلك الكعكة حلوة المذاق التي كانوا في وقتها يأكلونها وهم لا يعرفون اسمها واخذ يسترجع فتذكر ذلك الاستاذ من احدى الدول العربية الذي كان يحمل عصاه التي كانت مصدر ارعاب بالنسبة للطلاب تذكر تلك الصفعات التي تلقاها من معلميه وقتها من اجل مستقبله وتذكر تلك العصوات التي عاقبه بها المعلم لعدم قيامه بحل الواجب واخذ يتخيل ذاك الاستاذ الذي يرتدي الزي السعودي ومن ثم مر على غرفة المدير الذي كان ايضا من الدول العربية وربطها بماضيه الذي عاشه وقتها.
ومن ثم واصل مشواره متجولا بين مزارع قريته الجميلة التي ياخذه الشوق اليها كلما بعد عنها وشاهد تلك النخلة التي ماتت وهي واقفه شامخة واضح على ملامح وجهه الحزن لمشاهدته لبقايا الماضي وحاول ان ينساه ولكن لم يستطع فكيف ينساه وهو واقف بين علاماته بل انه اخذ يزداد اشتياقا الى ماضيه واخذ يتأمل بطبع الايام الذي حول هذا الماضي الى ماهو عليه الان بعد ان كان ماضيا جميلا يختلف عن وقتنا الحاضر من جميع الجوانب فأكمل مسيرته وتمنى ان ذلك اليوم يطول لكي يقضيه وسط اجواء ماضيه الذي لحق بقاياه وكأن لسان حالها يقول هل شاهدتني بعينيك وتأملت في جيدا,, ورد قائلا نعم ها انا اقف على معالمك ولكن ماذا افعل هل بامكاني ان اعيده الا ليتني استطيع ان احقق ذلك والله لانك ماض جميل,, كنت منفردا بخصالك وكانت ايامك ايام فرح وسرور,, وكنت عائشا وسطك ولم اعرف معقدات الحياة التي اخوضها حالياً,, لم أتخيل يوما من الايام بأنني سوف اودعك وادخل عالما غيرك,, عالم انهكني,, واتعبني,, عالم غريب الاطوار,, هو عالم مظاهر بدون جواهر,, عالم انعدمت الانسانية فيه,, وطغى فيه الجانب المادي,, على كل المبادئ عالم يختلف عن عالمنا القديم معقد وصعب,, وتتلاطم فيه الامواج وترمينا على الشواطئ,, ولكننا متمسكون بالامل وعدم اليأس,, لكن انت ايها الماضي القديم كنا عائشين وسطك بدون متاعب ومشقه,.
مناور صالح الجهني
الارطاوية

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved