أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 27th November,2000العدد:10287الطبعةالاولـيالأثنين 1 ,رمضان 1421

الاخيــرة

الرئة الثالثة
سأظل أحلم بلحظة فرح!
عبدالرحمن بن محمد السدحان
تحفل موائد الأخبار هذه الايام، مسموعةً ومقروءةً ومرئية، بوجبات ساخنة من انباء الشر، بكل صوره وألوانه، والمتابع لها سيناله لا ريب شيء من عسر الفهم يهز وجدانه! وقد يملي له الوسواس الخناس أن العالم بأسره قد آل الى واد تقطنه الوحوش، او غابة يجري على سيقانها الدم والدمع!
رباه, ماذا اسمع,, وماذا اقرأ؟ هل اصاب الناس مس، ام هل فسدت الذمم، وبارت النوايا، فتحالفت ضدهم النوائب؟!
* فهذا بركان يقذف حممه في ركن من العالم، فيتلف الزرع والضرع,, ويحصد الارواح والجماد!
* وذلك طوفان من السيول يقتحم سكن الليل,, او اشراقة الفجر,, او صحوة النهار,, فيحيل الموقع اشلاء من خراب، وينتشر الناس من حوله بين قتيل وجريح ومشرد، ويغدو عمار الارض يباباً!
* وتلك اسرائيل، ممثلة في جنودها ومستوطنيها الأشرار، وآلياتها المسخرة للدمار، تمطر الانسان الفلسطيني سعيراً من نار تقتله بها او تجرحه او ترمله او تيتمه او تشرده، لا ترحم عبرة طفل,, ولا عفاف امرأة,, ولا كبرياء شيخ ولا احتجاج عاقل، وتحيل ما بناه ذلك الانسان في سنين دماراً، وتغدو مدنه اطلالاً يتردد في احشائها شهيق الرياح!
وللجريمة الحمراء حضور لا ينقطع! وتعجب بعد ذلك كله,, كيف يقدم انسان على فعل يعاقب عليه بالقتل في هذا البلد او ذاك كتهريب المخدرات او ترويجها,, ورغم ذلك يصمم على الفعل المشين بدءاً من حقيبة يده,, وانتهاءً بأحشائه، او يكرر آخر الفعل، فيتكرر الجزاء,, ورغم ذلك,, لا رادع يردع,, ولا عقوبة تمنع!
حتى عروض افلام الرسوم المتحركة,, التي تسلي الصغار، وتسري عن الكبار,,لم تسلم من اذى العنف، فالحرب فيها مستعرة منذ سنين بين توم و جري او داحس وغبراء كل العصور، ولن تضع اوزارها! ومنها يتعلم الطفل اصناف المكر والخديعة والايقاع بالغير,, وقد يستقر في وجدانه البريء معنى يجسد قول الاولين اذا لم تكن ذئباً,, اكلتك الذئاب !.
* اغاية الحلم في مخيلة طفل بريء يحلم بدفء الشمس وحنان القمر، واشراق الغد، ان يكون قطاً يفرض شره على الآخرين او فأراً يتقي شر الآخرين؟!
* اهذه هي القدوة الصالحة التي تتحدث عنها كتب التربية؟!
* ماذا بقي لهذا الطفل اذن من فضائل الدين والاخلاق والمثل الانسانية الصالحة؟!
أما بعض افلام الكبار ففيها الكثير مما هو أدهى وأمر لا يحض على خير، ولا يحذر من شر، بل يستثمر شهوة العنف في الوجدان الضعيف، ويفتن العقول ويستدر الجيوب، فاذا انكره المرء او استنكر شيئاً منه,, قيل له: الشارع يريد ذلك!
* اذن,, فإلام يفر العقل هرباً من سياط نشرات الاخبار التي لا تسلي ولا تسر؟!
* إلام تفر الروح التماساً للسكينة، اذا كانت انباء الحروب والفتن والجريمة,, وكوارث الارض تلاحق صاحبها في مجلسه ومخدعه ومكتبة وعربته,, وحتى وهو على متن الهواء طائراً؟!
* ماهو البديل ل جرعات المرض النفسي التي تنثرها بسخاء بعض عروض السينما والتلفاز متدثرة برداء الفن؟
مالحل؟
* لست ادري!
* لكن,, اسألوا حكام الارض وحكماءها،
* اسألوا اهل العلم فيها,, فقد يكون لدى بعضهم شيء من حل!
* أما أنا فسأظل أحلم بيوم تتلى فيه نشرة اخبار لم تلطخها دماء ابرياء، ولا صيحات ضحايا، ولا بكاء مساكين، بل تتحدث عن فرح جديد للانسان ينسيه ما كان!
* سأمضي احلم بلحظة فرح,, يبرم فيها الانسان اتفاق سلام مع نفسه,, ضد الشر والحرب والجريمة وكل من يفسد في الارض.
* لحظتئذ، سيرفع الانسان وردة ً بيضاء انتصاراً لنفسه على نفسه!!
أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved