أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 29th November,2000العدد:10289الطبعةالاولـيالاربعاء 3 ,رمضان 1421

مقـالات

مَن أنا,,؟!
إبراهيم عبد الرحمن التركي
(1)
** هل أنا ما قيل,, أم أنت أنا,,؟
* أأكونُ النَّبتَ في قَفرِ العنا ,,؟
* أأكونُ البُرءَ في درب الضَّنا
** أأنا غيرُ أنا,,؟
***
** مَن يظنُّ الخير منه قد بدا
وإليه المنتهى,.
فهو قد هامَ يُغنِّي الميجنا
ويرومُ المنحنَى ,.
ثم يصحو
فإذا أنتَ أنا,,!
وأنا,, ماذا,, أنا,,؟
أنا إيقاعُ الفنا
وانطفاءاتُ السّنا,.
***
(2)
* نعوذُ بالله أن نكون لفضل أمّةٍ من الأمم جاحدين، كما نعوذُ به أن نكون بنقص أمّةٍ من الأمم جاهلين
أبوحيّان التوحيدي
***
* الشغفُ المهيمنُ في عصرنا إنجازُ الأمور على نحوٍ ماديٍّ توخياً للنجاح,,,
أمين الريحاني
***
* إن حصيلة المقارنة (مع الحضارات الأخرى) لا تنطقُ كثيراً لصالح العرب، ولولا أنها محصورة بفن الخطابة لكانت أقرب إلى المباخسة منها إلى المفاضلة.
جورج طرابيشي
***
(3)
* التاريخ لا يُعيدُ نفسَه,,!
** منطقٌ يعي أبعادَ الزمن المختلف، في المكان المختلف، مع الناس المختلفين,,,! ويتوهمُ من ظنَّ غير ذلك إلا إذا أراد بالتكرار محاولةَ التبصُّر والتدبُّر والعظة,, فكما أنتَ غير هو ، وهما غير أنا فلا شيءَ ثابتاً في معادلة الحياة المتغيِّرة,.
,, عشنا زمناً رغداً ونحن مقتنعون بأن التاريخ يعيد نفسه ربما لإقناعِ ذواتنا العاجزة حيناً، المحبطة أحياناً، بأن في دورة الشمس مساحةً للتفاؤل تجبرُ العِثار ، وتحيي الموات ، وتُرضي الصّوت النائيَ عن الفعل ,,!
** هل هذه مقدَّمة ؟! بالتأكيد,, وإن لبست ثوب الخاتمة فحكمت، وخلصت، وربما رأت في استقرائيّتها تثبيتَ القاعدة التي تتكىءُ عليها قبل أن تدخل عالم الدلالات والأمثلة ، وحسبُها من مثل هذا المنهج تمكُّنه من الوصول السريع ، وإن عابه التواصل المتسرِّع ,,!
***
(4)
** قبل عامين (1998م) أصدر ادوارد سعيد كتابه out of place باللغة الإنجليزية، ولقي استقبالاً جيداً كجودته، لتقوم دار الآداب بنشره مترجماً إلى العربيّة هذا العام (2000م) تحت عنوان (خارج المكان)، فتتسع دائرةُ الاهتمام به كما هو في كلِّ تآليف هذا العَلَم المتميِّز,,!
** لقد كتب سعيد هذه المذكرات لأن التاريخ لايعيد نفسه في زعم صاحبكم ، ولأنه في يقين سواه قراءةٌ لسطورٍ مفقودةٍ، فقد تبدَّلت الأمكنة واندثر البشر ، ولم تبق إلا الذاكرة ولا مجال إلا للتذكر ,,!
** ادوارد سعيد عربيٌ فلسطينيٌ غادر أُمَّته شخصاً وثقافة وربما انتماءً فترة غير قصيرة من عمره، حتى إذا جاءت هزيمة 1967 عاد إلى عالمه وتربته ، وأصبح مذ ذاك رمزاً عالمياً بصياغةٍ عربية ,,!
** بعد ثلاثة عقود (وُلد عام 1935)، اكتشف مفكرنا أن لم يبقَ من ذكر الصِّبا ومراتعِ الآرِام ما وعاه طفلاً ولد في القدس ، وعاش في فلسطين ومصر ولبنان حتى غادرها إلى الولايات المتحدة قبل أن يكمل عامه السادس عشر ,,!
** التفت سعيد إلى الماضي فرأى الدار غير الدار، ففلسطينُ أضحت بفضل قوة العرب وصدقهم وصمودِهم إسرائيل ، ومصر فاروق غيرها بعد عام 1952م، وخارطة لبنان بعد الحرب الأهلية واجتياح يهود تختلف اليوم عن معادلة الإنسان والأرض بالأمس,,!
** هُنا عاملٌ واحدٌ مهمٌّ ، وثمَّة ماهو أهمُّ فقد تلقَّى ادوارد سعيد عام 1991م نبأَ إصابته بمرض سرطان الدم ، فأدرك كما يقول الناشر أن عليه أن يخلّف سجلاً عن المكان الذي وُلد وأمضى طفولته فيه، وأن يعيد اكتشاف المشهد العربي لسنواته الأولى، أماكن عديدة زالت، وأشخاص عديدون لم يعودوا على قيد الحياة، وعالم قد اندثر,,!
** هنا ولدت المذكرات ، وهنا أعيدت كتابة التاريخ، وهنا مدار ومسار هذه الأربعاوية !
***
(5)
** اتفق لصاحبكم أن قرأ أوراقاً مصوّرة يتداولها أبناءُ مدينته معنونةً ب(دفتر للحوادث والأخبار) وتنسب إلى احد رجال عُنيزة وهو الراحل الكريم إبراهيم بن محمد الخليل رحمه الله ,, وقد كتبت بخطٍّ مقروء,,، وسُرد فيها بعض ما استوقف كاتبَها خلال الفترة بين عامي 1355 و1385ه (كما يبدو من الأوراق الموجودة التي أُودعت بمكتبة الملك فهد الوطنية,,)
** لنتجاوز المنهج الاستقرائي هذه المرة إلى الاستنتاجي ، ولنقف على بعض ملامحِ هذه الوريقات العفويّة التي خطّها مجتهداً إنسانٌ بسيط أهمّه مولد ووفاة، وسفر وإياب، وزواج وإنجاب، وحدث ومعالجة، وأوليّات ذات معنى في حياةِ ناسه وأهله,.
** واقرءوا هذه النماذج العاجلة وكما كتبها بتعبيره وترتيبه,,
* يوم الجمعة العصر الموافق 17/ ربيع الأول / 1369ه صبت مكينة الشوانيّة (ا,ه) والشوانيّة مزرعة معروفة في عنيزة والخبر إشعار بانتهاء زمن السواني وبدء الميكنة الزراعية,.
* ركَّبنا القز (وهو موقِد الغاز) يوم الجمعة 1/ جمادى الأولى 1385ه، أرجو من الله أن يجعله مفتاح خير وبركة وفي 17 جمادى الآخرة خلص دبّة (اسطوانة غاز) من الدباب (الأسطوانات),, وفي هذا الخبر نقلة أخرى في حياة الناس تلك الأيام.
* ظهر الوزن بالكيلو عندنا في محرم / 1385ه الله يحسن العواقب لنا وللمسلمين أجمعين، وهو ما يشير فيما يظهر إلى بدء توحيد الأوزان في المملكة,.
* أول صلاة صليناه (صليناها) بالمسجد الجديد الجامع في 12 رجب 1356ه حضرها الشيخ حمد (؟),.
* أول خباز في عنيزة يوم الجمعة 17/ ربيع الأول/ 1369ه وباع الخبزه بقرش أربع ووزنها ثمن وزنه.
** وغير هذه كثير من الأخبار المحليّة التي دارت في عنيزة ، وسواها مما وقع على مستوى الوطن أو العالم العربي مثل:
* (1/محرم/1358ه) ومطالبة أهل الكويت بمجلس استشاري من الشيخ أحمد الجابر، وإعلان الحزب الألماني (هكذا) على بولندا في 1/ ديسمبر/1939 الموافق 16 رجب/ 1358ه والانجليز والفرانس (هكذا) أعلنوا الحرب على ألمانيا في 4/ ديسمبر /1939)، ووصول الأمير سعود (الملك سعود) الهند بطياره (طائرة) في يوم السبت الساعة 10/ 2 جمادى الاولى/1359ه وسافر الى البحرين عن طريق الظهران يوم الاثنين الساعة 5/4 جمادى الاولى 1359ه
وإيطاليا أعلنت الحرب على الإنكليز والفرانسا في يوم الاثنين 4/ج1/1359,
* الظهر سمعناه/ في 5 ربيع الآخر 1360 ثورة العراق/ 7 جمادى الأولى صارت هدنة العراق وثورة العراق يوم الجمعة 14/ رمضان/ 1382ه الله يحسن العواقب لنا وللمسلمين,,!
** ومثل هذه كثير,.
** لقد أحسَّ هذا الرجل (عليه رحمة الله) ربما دون أن يقصد بأهميّة تدوين بعض الأحداث التي لايأبهُ لتفاصيلها أحد، وفيها لمن شاهد الإضمامة أسماء رجال ونساء عاشوا على هامش الحياة فلم يعرفهم سوى أقاربهم ومعارفهم ثم غادروا الدنيا وبقيت وريقاتُ أبي محمد الخليل الشاهد الوحيد على عبورهم ومرورهم ,,!
***
(6)
** بين (خارج المكان) و(دفتر الحوادث والأخبار) تواريخُ أُخر أضاءت أو أعتمت، وتقدمت أو توارت، وظلت كل محاولات التاريخ فرصةً مهمّةً لمن قرأ أو استقرأ، ولمن حلّل أو استفهم، ولمن انقاد أو حاكم,,!
** لا تختلف تجربةُ ادوارد سعيد كثيراً عن تجربة طه حسين مثلاً في الأيام، وربما قارن بعضكم بين دفتر إبراهيم الخليل وكتابات ابن بشر مع فارقٍ يصنعهُ عمق المعالجة وتفاصيل الحدث وتفريعاته,, بل ربما وجدنا في كتابات التاريخ المسجلة المنشورة شيئاً من التحيُّز وبرئت هذه الكتابات الخاصةُ الغائبةُ من تُهم الممالأةِ والهوى ,,!
** وحين حاولَ بعضُ الأدباء والمفكرين الدخول إلى التاريخ الشفهي عبر رواياتهم المستندة على مفهوم السيرة الذاتيّة كما صنع محمد شكري والقصيبي والحمَد فقد استهواهم الجانب الإثاريّ فطغا الحديث عن المرأة والسياسة ، وانزوت الحقيقةُ فلا مكان لها تقتعده في ذهن تحليليّ محاور,,!
** وعدا هذه وتلك فثمة مشروع كبير لإعادة كتابة التاريخ عبر المقاربات الشفهيَّة الموجودة في صدور الرواة ، أو في خزائن الورّاقين ممن احتفظوا لأنفسهم ببعض المذكرات والذكريات والتعليقات ، وسعت مكتبة الملك فهد الوطنية ، ودارة الملك عبدالعزيز إلى توثيق بعضها صوتاً وصورة مما يجعل ثمة أملاً في إخراجها ذات يومٍ,, وربما غيّرت بعض ما ساد، أو عدلت فيه، أو حتى صادمته فاتضحت نقاط ممحيّة ، ومناطق مجهولة ، ومنطقٌ ذو رغبةٍ في التكرار والتنميط,,!
***
(7)
** في أحاديث المثقفين المغلقة ، وبين بعضهم المتألق ، محاكمات مختلفة لمراحل متعددة درج دارسو التاريخ على وصفها بطابع محدّد ، حتى إذا تصدّى للنقاش مقتدروه برزت علاماتُ استفهامٍ قد تؤدي الإجابةُ عنها إلى إعادة النظر فيما درج وانتشر,,!
** وإلى أن يحين الوقت لاستكمال مشروع قراءة وكتابة التاريخ الشفهي بما يكفل إعادة قراءة وكتابة التاريخ المدرسي المكرور فإن أمام الجهات الثقافية والأكاديمية مسؤولية كبرى لاستخراج ما في الصّدور قبل أن تؤول إلى القبور ,,!
** التاريخ الحقيقي يصل متأخرا!
IBRTURKIA@HOTMAIL.com

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved