أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 29th November,2000العدد:10289الطبعةالاولـيالاربعاء 3 ,رمضان 1421

عزيزتـي الجزيرة

الأمير سلمان,, يمسح أحزان مرضى الكلى
في البداية أود أن أوضح أن هذا المقال يعبر عن حالة خاصة تتمثل بكوني أحد الأشخاص الذين يرعون مريض الفشل الكلوي، ذلك ان والدتي أطال الله في عمرها تعاني من هذا الفشل منذ عام 1397ه أي منذ ما يزيد على خمسة وعشرين عاما، ولا شك ان من يعايش المشكلة ليس كمن يسمع عنها لأن ليس من راءٍ كمن سمعا والجميع يدرك ان الذي يصاحب المريض ويعيش معه آلامه وأحزانه ربما تكون معاناته أشد وأكبر من المريض نفسه خاصة عندما يكون عاجزاً عن تقديم أي مساعدة في بعض الظروف التي يستعصي فيها الحل، أو يكون عاجزاً حتى عن مجرد التفكير في ماذا يعمل؟؟
طالعتنا صحف يوم الاثنين الموافق 10/8/1421ه بخبر مفاده أن سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله قد دشن أول مركز لأمراض الكلى، وقد شدني ذلك الخبر، وغمرني بفرحة لا يمكن وصفها لأنني كنت ومجموعة معي من المواطنين المرضى نرقب هذا المشروع من أول يوم تم فيه وضع حجر الأساس!!!
ان حجم معاناة أمراض الكلى لا يمكن وصفها، ولا يمكن مقارنتها بأي معاناة أخرى، ذلك ان هذا المرض، عافانا الله واياكم منه يلازم المريض فترة طويلة، ويجعله يخضع لمراقبة طبية دائمة، ويتعامل مع الحياة بكل حذر يجعله يعيش معاناة أخرى عندما يرى نفسه عاجزاً عن القيام بواجباته اليومية لما يعانيه من آلام تصاحب هذا الفشل والمتمثلة في ضغط الدم، وفقدان الشهية، والالتزام بحمية صارمة، وجلوس على أسرّة الغسيل لساعات طويلة قد تصل الى سبع ساعات بصورة شبه يومية.
ان هناك اناسا نذروا أنفسهم لخدمة المرضى ورعايتهم وهؤلاء الأشخاص يحسون الألم بنفسية واقعية، والا فان الغالب منا قد يتألم ساعة مشاهدة المريض أو الوقوف على معاناته لكن سرعان ما ينسى هذا التعاطف، وهذه طبيعة البشر, لكن من نذر نفسه لخدمتهم يتعامل مع الواقعة وكأنه هو المصاب وهذا هو سر عظمة بعض الرجال!!! وتميزهم!!!
ولا شك ان سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز أحد هؤلاء الذين نذروا أنفسهم لخدمة هذه الفئة، فنحن نعيش مع حالة خاصة لمرضانا فقط بينما هو يعيش معاناة عامة تتمثل في رعايته لأكثر من حالة!!!
أتذكر عندما كانت الامكانات محدودة عام 1397ه حيث لا يوجد غسيل وزراعة الا في مستشفى الملك فيصل التخصصي وكان عدد المرضى يقارب 600 حالة بينما أجهزة الغسيل لا تتجاوز أصابع اليد، وكانت وقفته، حفظه الله، تنبىء عن أصالة معدنه وعندما تقدم مجموعة من المرضى لسموه يشكون حالهم ومعاناتهم صدر توجيهه الكريم بالاهتمام بهذه الفئة واحالة من يتطلب وضعه الى المستشفى وكنت أحد أولئك الأشخاص الذين أُحيلوا الى مستشفى الملك فيصل التخصصي!!!
بعدها نشأت فكرة سموه بإنشاء المركز الوطني لزراعة الكلى والذي أصبح فيما بعد المركز السعودي لزراعة الأعضاء.
كم كانت تلك اللفتة كفيلة برفع معاناة بعض المرضى ومواساتهم وزرع الابتسامة على شفاههم,.
لم ينس سموه دوره كرجل دولة وكمواطن يعيش آلام المواطنين وأحزانهم، عندما نذر نفسه لرعاية هذه الفئة فأخذت المستشفيات تتوسع في إحداث أجهزة غسيل جديدة، اضافة الى تكفله برعاية حالات خاصة على حسابه الخاص ليس للمريض وحده، وانما تمتد هذه الرعاية الى أسرته المحتاجة، وأعرف شخصياً حالات ما تزال تنعم بهذه الرعاية.
ان جهود سموه في هذا المجال واضحة للعيان، ونحن نعلم ان سموه لا يريد من وراء ذلك المدح والثناء، فهو ليس بحاجة لذلك لأن وسائل تحقيق ذلك قد تكون متاحة له في مجالات أكثر ظهوراً من هذا، لكنه يعمل ذلك من أجل هدف أسمى وأكبر يتمثل في رضا الله وخدمة ورعاية أصحاب المعاناة.
ان جهود سموه قد تكللت بالنجاح في خدمة هذه الفئة ولعل افتتاح هذا المركز توج هذه الجهود الموفقة، وسيمسح أحزان عدد كبير ممن يعانون من هذا المرض المؤلم، وقد ذكرني أحد المسؤولين في هذا المرفق بأن سموه يتابع بكل عناية واهتمام هذا المرفق ويدعمه بكل ما يستطيع وانه حريص بصورة خاصة على سرعة إنهائه حتى ظهر الى الوجود وباشر مهامه بصورة فعلية وفي مكان متوسط يخدم فئة كبيرة ممن يسكنون حوله وما أكثرهم.
إننا كمواطنين نعايش هذا الألم مع أشخاص لهم حق علينا لا نملك الا الدعاء لسموه بأن يمتعه بالصحة والعافية وان يجعل ذلك في موزاين أعماله، وهذا ما لمسناه من كل الذين أقابلهم من المرضى الذين لا يعرفون الا شخص سلمان عندما يعتصرهم الألم وتضيق بهم السبل ويرون أنفسهم وهم يعيشون مأساة من نوع خاص جداً,ان هذه كلمة حق لابد من ذكرها بهذه المناسبة وهي من شخص عانى طويلاً من هذه المشكلة ويعرف أبعادها وبؤسها من خلال تجربة زادت على خمسة وعشرين عاما عندما كان عدد المرضى لا يتجاوز 600 وهو الآن يزيد على 3000 حالة متفرقة بين عدد من المستشفيات التي تبذل كل ما في وسعها لتقديم الخدمة، لكن بإمكانات محدودة تكون عاجزة عن تقديم الأفضل فجاء هذا الصرح ليمسح أحزان الجميع، فله منا الدعاء بحجم مساحة هذا المرفق الحيوي، وبقدر ما أنفق عليه، وبما يساوي هذه الفرحة التي يلمسها أصحاب هذه المعاناة.
ثم الشكر موصول الى كل من ساهم في هذا المرفق سواء بالدعم المادي أم المعنوي, وبالله التوفيق.
سليمان بن محمد الجريشي
الرياض

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved