أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 3rd December,2000العدد:10293الطبعةالاولـيالأحد 7 ,رمضان 1421

مقـالات

شدو
خنادق الذات وخنادق المواجهة
د,فارس محمد الغزي
بالتأكيد يؤلمك ما تمر به أمتك من ظروف مؤلمة، بل ويزيد من جرحك ايلاماً ماتراه من مجازر وحشية يرتكبها مجرمو بني صهيون أمام أنظار العالم المتحضر (انتقائياً!) إلى درجة الخرس والصمم, تخونك قدرة التأويل والتعليل فتحس فعلاً بضعف حيلتك فرداً، وضياعك هوية، وهوانك قومية، فلاتجد بحوزتك سوى الهمهمة فالبحلقة (ذهنياً) في خريطة هذا الكوكب ليزداد عجبك عجبا وأنت ترى أمتك ممزقة على الخريطة نفسيا، تماما كما هي ممزقة على أرض الواقع! بالطبع معك الحق كل الحق بخصوص مايعتورك من مشاعر أسى وألم: فأمتك لاتضحك من جهلها الأمم فحسب، بل تتآمر هذه الأمم وتخطط وتقتات على جهلها هذا في السلم وفي الحرب! إنها كما ترى ظروف مأسوية لايخفف من شدة وطأتها على قلبك المكلوم سوى أنك لوتمعنت بالتاريخ لوجدت أنه ليس هناك من أمة تبوأت القمة إلا وقد شربت قبل ذلك من حوض (حضيض) الحروب والشتات والأنقاض والدمار, ولك من الشواهد المعاصرة ماجرى من حروب اقليمية شعواء بين دول أوروبا، بل ان أمريكا رائدة العالم الآن لم تتبوأ القمة إلا بعد أن ذاقت ويلات حرب أهلية طاحنة، ومثلها المانيا واليابان، اللتان ترعرعتا في رحم دمار شامل واستعمار مهين إبان الحرب العالمية الثانية.
إذن فوضع أمتك الراهن وبإذن الله تعالى ليس سوى ارهاصات يسر تلوح في نفق عسر وأزمة في اشتدادها انفراج؛ إنها حالة تنطبق عليها حكمة قرأتها منذ أمد بعيد وفحواها بتصرف أن رجلاً من الحكماء كان لديه ولد وحصان، ففقد الحصان وأتاه من أتاه معزياً له بمصيبته فأجابهم الحكيم بالقول (وما يدريكم أنها مصيبة!),,,، وتمضي الأيام ليعود حصان هذا الحكيم إليه وقد جلب معه عدداً من الخيول البرية وليأتيه أصحابه ليهنئوه على هذه النعمة، فيكتفي الحكيم بالرد قائلاً: (ومايدريكم أنها نعمة!),,، يمضي الوقت ويصاب ابن هذا الحكيم بإعاقة مزمنة على اثر سقوطه من الحصان فيأتي المعزون ليبادرهم الحكيم بالرد قائلاً: (ومايدريكم أنها مصيبة!),,,، تنشب حرب ضروس بين شعب الرجل الحكيم وشعب آخر، فيجند كل الشباب القادر على الحرب إلا من به إعاقة وهنا يسلم ابن الحكيم فيهنئه الأصحاب على نعمة سلامة ابنه ليرد الحكيم قائلاً: (ومايدريكم أنها نعمة!), انتهت الحكمة ولم تنته أحداث القصة (والقصة هي الحياة!) لذا دعني أقول: وبالفعل ومايدريك، وإياي، فلعل مايجري على الساحة الآن ليس سوى نعمة مؤجلة تحققها مناط ليس بالرجاء فقط بل بالعمل كذلك, إن الحاجة الماسة للشيء تفرض السعي الحثيث إليه، فمن الواجب علينا إذن تهيئة وصيانة خنادقنا الذاتية واعدادها الاعداد اللازم والكفيل بمدنا بالقدرة على القيام بما تتطلبه خنادق المواجهة مع أعدائنا؛ فللعمل الصالح أبعاد دنيوية ضرورية تتطلبها أمانة خلافة الأرض وعمارتها وما حفر خندق معركة الأحزاب على سبيل المثال إلا رجاء بالنصر مقرونا بالعمل على تحقيق النصر في معركة تحزب فيها المشركون للقضاء على الاسلام تحزب أعداء الإسلام عليه في عصرنا الحاضر, إن هذا أيضاً هوما دفع بعمر بن الخطاب، رضي الله عنه، إلى أن يأمر الرجل المعتكف بالمسجد إلى أن يخرج ويبحث عن عمل يقتات منه معقباً على أسباب فعله هذا بالقول بعقلانية: إن السماء لاتمطر ذهباً ولافضة، وصدق الله العظيم القائل: وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات، ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم، وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا الآية.
ص,ب 454 رمز 11351 الرياض

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved