أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 5th December,2000العدد:10295الطبعةالاولـيالثلاثاء 9 ,رمضان 1421

الاقتصادية

شيء من المنطق
التطوير بين الشكل والمضمون
د/ مفرج بن سعد الحقباني
يحرص كل وزير او مدير جديد على اتخاذ بعض القرارات العاجلة التي تعطي للمتابع انطباعاً بجدية صاحب القرار وعزمه على احداث ثورة على الماضي وفي بعض الاحيان ثورة على اهل الماضي, ولعل من ابرز عناصر هذه الثورة الادارية الاجتماعات المتكررة بمنسوبي الجهة بهدف تعريفهم بشخصية وطموح صاحب الحظ السعيد وبهدف طرح الوعود النظرية التي عادة ما تكون مغلفة بالمثالية الادارية التي تقوم اولاً واخيراً على مبدأ العدل بين الموظفين والعزم على خدمة المصلحة العامة ونبذ كل اشكال الواسطة حتى للاقارب وابناء القرية او المدينة او المنطقة, كما ان من ابرز الاجراءات التي يتخذها المعين حديثاً التقرب الى وسائل الاعلام المختلفة بهدف إيصال صوته وصورته إلى الآخرين والتعريف ببرنامجه الإصلاحي الذي عادة ما يلمس المشاعر ويدغدغ الاحاسيس خاصة اذا كان السلف من النوع المناقض للمثالية الادارية التي يتبناها صاحبنا الجديد, وبعد ان تنتهي المرحلة الاولى والتي يمكن تسميتها بمرحلة البزة بالوظيفة يبدأ صاحبنا في التفتيش عن المكاسب الفورية التي يحققها له المنصب الجديد كالصلاحيات الادارية اللازمة وابعاد بعض عناصر التنظيم الاداري السابق، والتعرف على القوى الادارية في الاجهزة الاخرى، وفي حالات كثيرة الطرق القصيرة لتغيير اثار ومستلزمات مكتبه الموقر, وبعد ان يفرغ من ذلك يبدا في مرحلة التطوير التي وللاسف الشديد تأخذ في احيان كثيرة ابعاداً شكلية بعيدة كل البعد عن الجوهر والمضمون الرئيس الذي تسعى الجهة الى تحقيقه.
وفي هذا الخصوص ارى ان المسؤول الذي يتخذ هذا المنهج يكون في غالب الاحيان فقيراً من الناحية الاستراتيجية بحيث تختلط عليه الامور لدرجة لم يعد بامكانه التفريق بين المهم والاهم وبين الضروري والكمالي, بل ان هذا المعين حديثاً يبدأ في الدفاع عن منجزاته الشكلية وكأنه قد حقق ما عجز عنه الآخرون معتقداً ان ما كان لم يكن ليكون لولا حسن بصيرته وفطنته الادارية التي ساعدته على اكتشاف ما اغفله الآخرون, ولو نظرنا الى واقعنا لوجدنا الكثير من الامثلة التي تندرج تحت بند التطوير الشكلي كتلك التي تهتم بتغيير شكل والوان زي العاملين او آلياتهم, اعتقد اننا جميعا نتفق على انه كان من الاولى قبل اصدار قرار تغيير الزي او اللون ان يحاول المسؤول الاجابة على الاسئلة الابتدائية التالية: هل يعتبرالزي او اللون الحالي عائقا رئيسا لعملية تطوير الاداء الادراي في الجهة الحكومية؟ وماهي الاولويات التطويرية وماهو ترتيب هذا الاجراء ضمن الاجراءات التطويرية الاخرى؟ ثم هل يمكن الاستفادة من الاموال التي سيتم تخصيصها لهذا الاجراء في مجالات اخرى ذات صلة اكثر بالاهداف الرئيسة للجهة الحكومية وبالمصالح العامة للمواطنين؟ واخيرا ماهي علاقة هذا الاجراء بالاهداف الرئيسة التي تسعى الجهة الحكومية الى تحقيقها؟
اعتقد اننا قد وصلنا الى مرحلة متقدمة من المقدرة العلمية التي تمكننا من اجراء دراسات علمية ميدانية تساعدنا على تحديد الاجابات الدقيقة للاسئلة السابقة وعلى التعرف على مواطن القصور والخلل وبالتالي فان من الاولى عدم الاقدام على او قبول كافة اشكال التطوير الشكلي حتى يثبت علميا أن هذا التطوير الشكلي ضروري لخدمة اغراض الجهة الحكومية وانه لم يبق من الاجراءات التطويرية الاخرى ماهو اهم من هذا الاجراء الشكلي.
* استاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الامنية*

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved