أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 7th December,2000العدد:10297الطبعةالاولـيالخميس 11 ,رمضان 1421

عزيزتـي الجزيرة

من يخطب الحسناء لم يغله المهر
بمقدار الملاءمة بين (الكليّات) و (البعضيات) يكون النجاح!
السيادة والمجد أو الحظوة عند الناس، كالمرأة الحسناء التي من أحبها وتقدم لها، لم يستكثر عليها المهر مهما بلغ، على حد تعبير فارس السيف والقلم أبي فراس الحمداني .
فإذا كانت السيادة، على الناس، وإذا كانت الحظوة، عند الناس,,فهل يمكن أن يكون مهرهما إلا مع الناس؟!
بالتأكيد، إن مهر تلك الحسناوات مع الناس، وهو بلاشك نفيس وغالي الثمن ولا تقبل فيه المساومة، خصوصاً أن أولئك الناس لم ولن يفكروا في التخفيف من غلائه، أو حتى يكلفوا أنفسهم بمناقشة تلك القضية، حتى لو قام أهل المراة الحسناء بذلك، أو قبلوا بوصفه على طاولة المناقشة,فما طبيعة ذلك المهر المختلف الذي لايقبل المساومة؟ وكيف يتحقق؟
هو ليس بمال، وما أرخص المال عنده! فقد يطرد المتقدم الذي لايملك سوى المال، مهما كان غنياً!
إنه,,، ببساطة، لكيلا يظن أني، باستمراري بوصفه، أجعل منه غولاً،,.
,, معاملة الناس ومداراتهم، وهو مايسمى، (فن العلاقات العامة),.
هذا الاسم الموسيقي الجميل الذي ليس له من وصفه بذلك نصيب، خصوصاً إذا نزل إلى أرض الواقع وطبق على الناس بشتى أحوالهم المتباينة المتضادة,.
فالناس مختلفون,, مثقفون؛
مختلفون في أجسامهم,,؛ في ألوانهم,,؛ في لغاتهم,,؛ في أنسابهم,,؛ في مواطنهم وطباعهم,,؛ في عقولهم، وفي هذا بيت القصيد.
ومثقفون في أصل آدميتهم؛ منشأ اختلافهم؛ مثقفون في أن اختلافهم المؤدي إلى افتقار بعض لبعض، أساس اجتماعهم وانسجام معيشتهم في هذه الدنيا.
فسبحان من فطرهم متفقون مختلفون!
وسبحان من فرّق مساوياً بينهم في مبدأ الأفضلية القائم على الاختلاف!
وماذلك,,، على مخرج الحي من الميت والميت من الحي، الذي خلقهم من ذكر وأنثى، وجعلهم شعوباً وقبائل؛ ليتعارفوا، وجعل أكرمهم عنده أتقاهم، بعد أن عرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال فلم يحملنها إشفاقاً منها، وحملها الإنسان الذي ميزه الله بأسمى ميزة؛ ميّزه بما يؤهله لسياسة الخلافة في الأرض؛ ميزه، تكريماً له، بما جعله ركناً للتكليف وحمل الأمانة.
ماذلك على مخرج الحي من الميت بعزيز,.
إنه كان ظلوماً جهولاً، إذا لم يحسن استخدام نعمة هذه الميزة الفضلى التي شرفها الله بأن تكون الوسيلة لمعرفته؛ حيث حجب ذلك عن غيرها مهما ظهرت عظمته، بل جعل غيرها معيناً ورافداً لها.
أفيدرك مهر تلك الحسناوات من لم يقدم تنازلات عند هؤلاء المتباينين الاختلاف,,، تنازلات تؤكد مقدرته على استخدام تلك الميزة، من خلال معاملة الناس ومداراتهم، حتى لايصل به الأمر إلى مافعله أبو ذرٍّ رضى الله عنه حسبما قال: إنا نكشر في وجوه أناس، وإن قلوبنا لتلعنهم ؟! هيهات,,!
لن يدرك ذلك من لم يستفد,, (ومن لم تعلمه التجارب فحريٌّ به العمى),,، بل ويطبق قول الشاعر المجرب الحكيم أيضاً:
لن يدرك المجد أقوام وإن كرموا
حتى يذلوا وإن عزوا لأقوام
ويشتموا فترى الألوان مسفرة
لاصفح ذلٍ، ولكن صفحُ احلامِ
هيهات! هيهات!
إنّ كل الناس عظماء عند أنفسهم، معتزون بآرائهم؛,.
,, كل الناس يحبون أن تمدح الناحية الجميلة فيهم، وأن تبدي الإعجاب الصادق بحسناتهم؛,.
,, كل الناس يحبون الصادق، ويثقون به؛,.
,, كل الناس يألفون الحليم، ويجلونه؛,.
,, كل الناس يكبرون المتواضع، ويميلون مع من يبدي الاهتمام بهم؛
,, كل الناس,,؛ كل الناس,,؛
وكل الناس متفقون أن الناس مختلفون؛ فلو كان كلهم عقداء لخربت الدنيا كما قيل.
فبعض الناس سيىء الظن يحمل الكلمات مالاتحمل، وبعضهم يحسن الظن مطلقاً,.
بعض الناس ثابت المبدأ لاتزحزحه البراهين، وبعضهم يكيل بمكيالين لهوى أو مصلحة,, بعض الناس لايضيف لهم المنصب شيئاً، وبعضهم يجعله المنصب يسير على المبدأ الفرعوني: ماأريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ,, ( فكان سبيل الرشاد الفرعوني البحر!!!) بعض الناس لا يرى حدوداً للصراحة، وبعضهم جعل دونها جسراً منيعاً جبناً منها! كل الناس يحبون ويكرهون، وكل الناس يختلف بعضهم عن بعض,,وبمقدار الملاءمة بين (الكليات) و (البعضيات!)، يكون النجاح في إدراك المهر,.
وذلك لايكون نظرياً من خلال الأوراق أو الكلام، وإن كان,, فسيكون كمن يعرف أنّ:
الفاعل من قام بالفعل,.
والمفعول به من وقع عليه فعل الفاعل,.
والاستثناء,,, مثلاً والأمثلة كثيرة في غير النحو.
,,, سيكون كمن يعرف ذلك، ويحفظه (صمّاً) بحيث يستحيل أو يندر مع ذلك (الصم),, الخطأ في التعريف، ولكنه,,,وبمجرد اختباره بالتطبيق العملي يجد نفسه لم يستفد من ذلك التعريف سوى التنكير والإبهام!,.
فيتفاجأ بجهل مايظن أنه قد أتقنه!
والناس بعد هذا مختلفون في شيء مهم جداً (يقدمهم خطوات كبيرة للحصول على المهر,,
المهر الذي تحدثنا عنه في أول المقال)،,, وهو همهم وقدراتهم,,,؛فمنهم من يصاب بالإحباط لفشله فيما يظن أنه قد أتقنه،,, (ويقابل هذا من يبالغ في نشوة النجاح!).
ومنهم من لايزيده ذلك، إلا عزائم تصغر معها العظائم، فلا يعد ذلك إلا درساً من دروس تجارب الحياة، أكسبه عقلاً ثانياً إضافة لعقله الذي لاعيب فيه غير أن به فلولا من قراع التجارب التي طالما انتجت العظماء، وورثوها لمن يعيها من أجيالهم والأجيال اللاحقة,.
,, انظر إلى عامر بن الظرب العدواني (الزعيم المشهور)، حين قال: يامعشر عدوان، إني لم أكن حكيماً حتى صحبت الحكماء؛ ولم أكن سيدكم حتى تعبدت لكم!!
فهل اجتماع الحكمة والسيادة له، إلا بتقديمه المهر النفيس لتلك الحسناء؟!
,, وهو التجارب التي أنجبت من عقله الحكمة، والمعاملة المتقنة الملقحة من عقله المجرب,,، المعاملة التي تمخضت عن فوزه بتلك الحسناء التي لم يستكثر على مهرها أن يكون بالعبودية! العبودية كما ذكرها الفحل!
فما أجمل حسناءه؟ وما أثمن مهرها! وما أجدره من وسيلة للفوز بها! وما أحق زعيم عدوان بها!
وما أشدّ التصاق قول المتنبي الآتي بذلك:
تريدين لقيان المعالي رخيصة
ولابد دون الشهد من إبر النحل!!
إذن,, أيهما أحق بلقب الحسناء الغالية؟!
,, بناء على الإجابة، نحكم على التشبيه الوارد في أول المقال، ماإذا كان مقلوباً أو غير مقلوب!
فاصلة:
سُئِلَ لويد جورج السياسي البريطاني الداهية عمّا أبقاه في دفة الحكم مع أن معاصريه لم يستطيعوا الصمود فقال: إنني ألا ئم بين ما أضعه في الصنارة، وبين نوع السمك! .
فاصلة منقوطة:
قال رجل للأحنف بن قيس: علمني الحلم، قال: هو يابن أخي الذل؛ أفتصبر عليه؟!!
وذات مرة أغضب زيد بن جبلة الأحنف فوثب إليه، فقيل له: أين الحلم اليوم، يا أبا بحر؟! فقال: لوكان مثلي أو دوني، لم أفعل به هذا! غنيٌّ عن الذكر مراد الأحنف!
فما أصبر الأحنف، سيد الحلم وعلمه!
وأسرِع بغضبه الذي لم يذكر كصفة من صفاته!!
فاللهم، لاتجعلنا ننجح فيما أخفق فيه الأحنف,.
ويا أحلم الحكماء ياالله وكل حلم وأنتم بخير
مشهور عبدالعزيز الصامت
رفحاء

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved