أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 8th December,2000العدد:10298الطبعةالاولـيالجمعة 12 ,رمضان 1421

عزيزتـي الجزيرة

هل نحتاج إلى دليل في مثل هذه الحالات ؟
أيمكن أن يوجد من ينكر هذا؟!!
سؤال يعرض استنكاراً أو تعجبا أو توبيخا، أو قل ما تشاء, في اطار هذه الثلاثية:
لاننا هكذا! نوهم أنفسنا دائما كما نزعم حسب قناعتها أننا لا نحتاج الى دليل في الأمور المسلم بها,, المسلم بها (حسب اعتقادنا ووجهات نظرنا),.
هذا اذا لم نعتبر أن اي مداخلة في ذلك، ستكون مثل الدليل الذي احتاجه النهار عند من ليس يصح في ذهنه شيء كما عبر الشاعر:
الكل يقتنع بهذا,, والكل يستنكر أو,, إلخ على من يناقش مثل هذه القضية مجرد نقاش؛ لأن اي نقاش في قضية مثل النهار، تدعمها اثباتات مثل الشمس,, يعني فشل هذا النقاش جملة وتفصيلا,.
لاشك بأنه ليس هناك خطوط عريضة بين العاقل والأحمق فحسب؛ ولكن هذه الخطوط ترتفع الى خطوط أقل عرضا من الأولى تختلف من عاقل,, لعاقل، ناهيك عن اختلاف الحمق فيما بينهم,.
فكل شخص لديه من المسلمات التي لا يختلف عليها اثنان، حسب نظرته، وبالتالي يعتبر أن مجرد النقاش فيها دلالة على غياب ذهن المناقش وقت النقاش مع أقل عدل وتقدير، إن لم يعتبره غائباً على الإطلاق.
ومن الأمور المسلم بها أن كل شخص يشارك في مناقشة فكرة ما,, لابد أن يكون له موقف تجاهها: مخالفة، أو تأييداً.
ودع عنك الحيادية، فمهما قيل عنها، فلن يخرج أي رأي الا معبرا عن وجهة نظر صاحبه بناءً على اختلاف مشاربه وتجاربه,, الخ؛ ولذلك قد تتغير هذه الوجهة عند الشخص الواحد؛ لكن أي وجهة نظر لا تخرج إلا برأي يعبر به صاحبه عنها حين أصدر الرأي.
إذن,,.
لابد أن يكون لأي مشارك في مناقشة أي فكرة او رأي مطروحين موقف تجاهها يظهر من خلال نقاشه الذي لا يخرج كما ذكرت من صاحبه كنقاش هادف، الا بسبب مخالفة للمُنَاقَشِ (بالبناء للمفعول) وفكرته، مهما امتدت هذه المخالفة لتقوض رأيه حسب اثباتات وحجج المناقِش، ومهما قصرت لتضيف شيئا يمكن أن يعد اضافة، وهل تدل الإضافة مهما قلَّت الا على احتياج تلك الفكرة أو ذلك الرأي المناقشَين، لما أضيف اليهما من وجهة نظر المضيف؟!كما لا يخرج النقاش من صاحبه إن لم يكن كذلك إلا تأييدا للمناقش، سواءً اقتصر التأييد على مجرد التأييد كالاعلان عن قبول الفكرة مثلاً، أو زاد ليضيف اثباتاً يُذكر للقضية المؤيدة.
وما اجدر الثاني بالنقاش لطرح فكرته وإثباتها!
اما الأول فليس إلا صدى مكررا للفكرة الأولى التي سلم بها وايدها فقط.
ولا يخرج احد عن أحد الأمرين السابقين، إلا ان يكون سائلاً خالي الذهن او متردداً محتاجاً لمن يثبت له ما تردد به، وغنيٌ عن الذكر سبب خروجهما لعدم أهليتهما لإثراء القضية بالنقاش أفيمكن ان يناظر او يناقش في قضية ما,, من ليس في جعبته شيءٌ يضيفه للقضية,, أي شي ذي بال, اللهم إلا إذا كان جاهلاً، والأولى بمثل هذا ان يستبعد عن النقاش حتى لو حاول ذلك، إذا تبدى لك جهله، لان عناءً ان تعلم جاهلاً، ربما يحسب جهلاً انه منك أعلم بسبب تأهيلك له بذلك من خلال الموافقة بالتنازل لمبدأ النقاش وهذا ما قد يُحسسه بأعلميته,, هناك امور مجرد التفكير بثبوتيتها يوحي بأن من فكر فيها لن يصح في ذهنه شيء مادام قد فكر او احتاج الى دليل في مثل تلك الأمور الواضحة، بل ربما يوحي على العكس من ذلك بأن من فكر فيها قد يصحُ في ذهنه شيء يجب الا يصح إلا بالدليل القاطع!
فهل نحتاج الى دليل إذا قلنا بأن من يستفهم استفهاماً كذلك الاستفهام في أول المقالُ يعني إظهار تأييده لما ذكر الشاعر بصورة يقينية لا تحتمل إلا هز الرأس بالنفي، كما يعني استفهامه تجاهله بعد استنكاره أو ,,,الخ لمن يمكن ان تسوّل له نفسه بأن يهز رأسه بالإثبات؟!
قد لا يحتاج كثير من الناس الى ذلك!
ولكن!,.
هل نعتبرُ من يمكن ان يطرح استفهاماً من مثل هل أضاف الشاعر ببيته زيادة تأكيد للقضية المطروحة سلفاً ,, هل نعتبره منكراً؟!
غنيٌ عن الذكر انه لا أحد ينكر وجود هذه القضية قبل الشاعر، فالشاعر إذن ليس منكرا للمعنى وإنما استطاع أن يصبه في قالب موسيقي محبب للنفوس، وبهذا أقام لنفسه حائطاً يحول بينه وبين انطباق معنى بيته عليه، كما انه أهدى الحائط نفسه لمن يستشهد ببيته على قضية مثل ذلك، باعتبار أنه أي الشاعر ، ومن يستشهد بكلامه وجهان لعملة واحدة إن صح التعبير اذ لا خلاف في المبدأ بينهما: بين الملقي والمتلقي، بين الشعر والمتذوق له تأثراً به، أفليس صحيحاً ومؤكداً أن الشعر الذي يؤثر فيك، هو ما ترى نفسك فيه، نفسك أنت,,؟!
ومن الطبيعي جداً ألا يؤثر فيك ما يخالف نفسيتك شعرا كان أو غير شعر، مهما سددته او ترنمت به وهذا من البدهيات المسلم بها كما أظن.
أو ينبغي ان يؤدي ذلك الى انه كل شخص يجب ألا يتحدث عن الأمور التي يرى انها من المسلمات لوضوحها وظهورها الظهور الذي يجب ان يجعل غيره يعتبرها كذلك بناءً على هذا الوضوح، وان أي نقاش في موضوع مثل هذا يلبس صاحبه احتمالية عدم أهلية ذهنه؟!.
وهل هذا يعني ايضا ألا يرد ذلك الشخص على كل من يرى أنه يخالف امراً مسلماً اقتنع به بدعوى ان الأمر المسلم به لا يحتاج الى دليل وان احتاج فهذا يعني بالتأكيد الخلل الذي ذكرنا أن الشاعر ذكره؟!
إننا نسلم بكل هذا ونعتبره من البدهيات ولكن تطبيق هذه البدهيات والأمور المسلم بها يحتاج الى اثبات فعاليته عملياً، كما اثبتت تلك الأمور فعالياتها نظريا، فالأمر المسلم به مسلمٌ به ولا يختلف النظري عن العملي فيه فكل واحد منهما يصف الآخر او يجسده والجميع مقتنع بل وينادي بذلك لكننا مازلنا نحتاج للتذكير بتطبيق ذلك حتى ينتبه من كان جاهلاً او ناسياً وحتى لا يؤثر من كان مسلما بجحد وجوبه وما اشد تأثيرهم على الناسي والجاهل,فقد تجد شخصاً أي شخص بله ان يكون قدوة لغيره ، لديه من الأمور المسلم بها والتي يعلم ان جميع العقلاء من الناس يوافقونه عليها ويستشهد ببيت الشاعر السابق على من يخالفه بناءً على مخالفته أمراً مسلما به كما يرى، وأمر طبيعي ان يكون المخالف عنده من الحمق وهو أمر بدهي وواقعي لن يخالف أموراً مسلما بها، ولكن ذلك الشخص ذاته لا يطبق، مقتنعاً بعدم تطبيقه ، شيئاً من هذه الأمور بل ويرى انه من المسلم به عدم تطبيق هذه المسلمات، وقد لا يجد حرجاً بأن يرمي بالبيت نفسه مستشهداً به على من يخالف اقتناعه!!
أليس الأولى بنا أن نترك الحديث عن دقيق الأمور إذا كنا لم نزل بحاجة الى اثبات تلك المسلمات، لكي يصح في أذهاننا شيء على أضعف احتمال؟!
فما رأيكم؟
أما أنا فلا استطيع ان أقول إلا: لله در هذا الدليل! فما أظهر شموليته وأعظم بقائله! أوَتوجد شمولية أوسع من هذه الشمولية التي أهلت هذا البيت لأن يكون شاهداً عدلاً لمن استطاع ان يعقد القران على حالتين متناقضتين متضادتين، مما أهل لسان حاله ان يصف شهادة مبدأ: وبضدها تتميز الأشياء ,, بشهادة الزور؟!!
وهل أملك ان اصف من استطاع ان يؤلف بين هاتين المتضادتين، ويحسن التأليف بين قلبيهما في حياته، مجيداً القيام بتمثيل هذا الدور بعبقرية فذة,, هل أملك أن اصفه إلا بالموهوب ؟!!
راجياً منه ألا يُثير قضية مدى ابتعاد مقالي عن الدوران حول حمى معنى بيت الشاعر الذي ابدع هو بتوظيفه والاستفادة منه بما يوافق هواه، هذا إذا لم يكن قد اتهمه بالوقوع بذلك!
إذ حسبي ان يجد نفسه,, نفسه هو! من ينطبق عليه هذا المقال لعله يتأثر به، كما تأثر من وجد نفسه بالبيت عنوان المقال فكان للشاعر وفكرته المعادة المثبتة لما لا يستحق الاثبات كأمر مسلم به قبول عنده هذا.
وحسب مقالي أن يعقد قرانه على هذه الحالة ليحقق الغاية من إنشائه ولكل مجتهد نصيب حتى لو فسّر الماء بعد الجهد بالماء، مادام مخلصاً قد قدم ما بوسعه فالله لا يكلف نفساً إلا وسعها، والذكرى تنفع المؤمنين.
إشادة:
من الأمور المسلم بها عند ضعفاء النفوس الذين يحملون الكلام ما لا يحتمل متكهنين بنوايا صاحبه,, أن يكون من ثنى على مسؤول ربما يحتاجه في أمر تحتمه طبيعة العمل,, صاحب هدف غير سليم من كذب او تزييف مثلاً، فهل اتنازل موافقاً لهم على ما سلّموا به وعدُّوه امراً بدهياً حسب وجهة نظرهم الناقصة.
إنني إن سايرتُ مبدأ هؤلاء الشذاذ فلن اظهر ثنائي لمن استحقه ويستحق الثناء علماً أظن كل حسن نية يوافقني إذا سلمت بقول الشاعر الآتي ,, انه:
يهوى الثناء مبرز ومقصر
حب الثناء طبيعة الإنسان
فما بالك إذا كان وحاشاه التقصير كالاستاذ خالد المالك رئيس تحرير هذه الجريدة؟ فيعلم الله لقد خرجت من خلال حوار غير طويل، أجراه معي,, بانطباع عن صفات هذا الرجل الذي لا أظنها إلا ملازمة له,, لقد لمست فيه الاريحية، وروح الدعابة المتزنة الهادفة غايتها، اضافة الى تواضع عظيم، ودقة وحرص شديدين على ما أنيط به من عمل يأبى إلا أن يتابعه هو بنفسه كما لمست وفقه الله بكل مايقوم به والله من وراء القصد.
هذا ما أردت ان اشيد بالاستاذ الكريم بسببه ارجو منه التماس العذر لي من التقصير.
أما بالنسبة لنشر هذه الإشادة او عدمها فهذا أمر يقرره العاملون على التحرير وان كنت اود نشره حتى تكتمل هذه الاشادة وان لم يكن فحسبي وصولها لرئيس التحرير ومن يرأسهم، وللجريدة بشكل عام,وعلى دروب الخير نلتقي
مشهور الصامت
الحدود الشمالية

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved