أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 12th December,2000العدد:10302الطبعةالاولـيالثلاثاء 16 ,رمضان 1421

عزيزتـي الجزيرة

الهدية للموظف,,, بين الرفض والقبول!!!
عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحدث الزميل/ عمرو الماضي في زاويته الاسبوعية من المحرر يوم الثلاثاء الموافق 9/9/1421ه عن الهدية ومثل عمرو جدير بأن يتحدث عن الهدية، لأنه معروف بتواصله مع الجميع، فهو يقدر معنى الهدية، ويعرف أثرها في النفس، إنه من القلائل الذين لايبخلون، بل إنه يمارس الإهداء بصفاته الثلاث التي ذكرها الشاعر العربي:


لاخيل عندك تهديها ولامال
فليسعد النطق إن لم يسعد الحال

أستاذي الكريم: لقد تطرقت لموضوع حيوي وهام وإن كنت أدرك أنك كنت تقصد الهدية بمفهومها العام كأسلوب حضاري، إلا أن هذا المقال أثار لدي رغبة في الكتابة عن الهدية للموظف ذلك أن بعض الموظفين يتعامل مع الهدية في غير ما وضعت له، فتنقلب من وسيلة للحب والمودة إلى سبب في البغض والكراهية.
فالهدية في الأصل الشرعي مندوب إليها، لقوله صلى الله عليه وسلم تهادوا تحابوا فهي سبب لإشاعة الحب بين الناس، لكنها في حق الموظفين ممنوعة وهي من المحظورات المقررة على الموظف إذا كانت بقصد التأثير عليه، ولو تتبعنا النصوص النظامية الواردة بهذا الشأن لوجدنا ان قبول الهدية ورد ضمن الأفعال التي يعاقب عليها نظاماً حيث نصت الفقرة الثانية من المادة الأولى من المرسوم الملكي الكريم رقم 43 وتاريخ 19/11/1377ه على يعاقب بغرامة مالية لا تقل عن الف ريال ولا تزيد عن عشرة آلاف ريال,,, الموظفون الرسميون الذين يقبلون الهدايا والإكراميات أو خلافها بقصد الاغراء من أرباب المصالح، ويعاقب بالعقوبة نفسها المتواطئون مع الموظفين والوسطاء في ارتكاب ذلك المحظور موظفين كانوا أو غير موظفين .
كذلك نصت المادة 12 من نظام الخدمة المدنية على أنه يحظر على الموظف قبول الهدايا أو الاكراميات أو خلافه,,
والحقيقة ان هذا الحظر فيه مصلحة، ذلك أن منع قبول الهدية للموظف يتفق مع المنهج الإسلامي في الحفاظ على نزاهة الوظيفة العامة، وعلى تأكيد مبدأ الأمانة لدى الموظف العام وقد جاء في الحديث الشريف الذي رواه أبو يعلى عن حذيفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: هدايا العمال حرام كلها كما روي عن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: إياكم والهدايا فإنها من الرشاء أي من الرشوة .
ولاشك ان الهدية تجعل المهدى إليه لاينظر إلا بعين الرضا وهي العين التي أشبعت بالهدايا،وقد قال صلى الله عليه وسلم الهدية تذهب بالسمع والقلب والبصر رواه الطبراني عن عصمة بن مالك.
وهكذا تكون الهدية سبباً في خضوع المهدى إليه للمهدي ولو كان على باطل فهي بهذا تكون محظورة!!!
والهدية بالصورة التي أوضحناها إنما هي إحدى صور الرشوة التي حذر منها الاسلام، وعاقب عليها النظام وجعلها من الجرائم الكبيرة والمخلة بالشرف والأمانة كما أشارت إلى ذلك المادة 30/16 من اللائحة التنفيذية لنظام الخدمة المدنية.
إن الرشوة في تعريف النظام تعني قيام الموظف بأخذ أو قبول أو طلب مقابل معين، له قيمة مادية أو معنوية للقيام بعمل أو الامتناع عنه .
وفي المجال الوظيفي يكثر استعمال الهدية دون التحرز من ذلك، بل ان بعض الموظفين يستهينون بها ولايرون فيها بأساً فيقبلونها من أصحاب المصالح عن حسن نية أحياناً، وقد تكون سبباً في استمالتهم بصورة غير مباشرة، أو على الأقل تكون سبباً في اغماض الطرف عنهم، وعدم مساواتهم بغيرهم من المستفيدين، وقد قيل أطعم الفم تستحي العين .
ثم انها قد ترد بمصطلحات متعددة، فتسمى أحياناً، هدية، وأحياناً إكرامية، وأحياناً منحة أو مكافأة أو نحو ذلك، وكل مايقصد به استمالة قلب الموظف يدخل فيها، ولهذا يتعين على جميع الموظفين ومن له سلطة تتعلق بأمور الناس ألا يقبل الهدية ممن لم يكن معتاداً الإهداء إليه قبل وصوله إلى هذا المنصب، لأن قبولها بهذه الصورة يدخلها ضمن الأعمال المحظورة.
وقد قال صلى الله عليه وسلم في شأن بعض عماله ممن ادعى ان بعض ما لديه هدايا،,, فهلّا جلس في بيت أمه فنظر أيهدى اليه أم لا؟؟!!!
ولايعني هذا أن نترك التوجيه الإسلامي بتبادل الهدايا من أجل المحبة والود، وإنما نحذر من الاهداء المقصود به استمالة القلب لتحقيق مصلحة، وإلا فإن الموظف - مهما كان - إنسان له شعوره وله علاقاته مع الآخرين، ولديه اصدقاء وزملاء وأقارب، وقد يكون هناك مناسبات تحتم عليه احضار هدية معينة لرئيس أو زميل أو صاحب منصب، أو يفرضها الواقع والعرف عندما يحصل أحد الموظفين على ترقية أو يرزق بمولود أو يتزوج فيقوم زملاؤه باهدائه شيئاً معيناً فإن مثل هذه الأمور لاتعد من الهدايا المحظورة في النظام، وإنما المحظور هو مايقصد به الإغراء من أرباب المصالح.
أرجو أن تكون هذه المداخلة في محلها، وإن كنت أدرك ان الاستاذ/ عمرو إنما كان يقصد الهدية بمفهومها العام كأسلوب حضاري ولهذا قال انها وسيلة لكسب الناس وودهم لكن التطرق إليها في صفحة تهتم بشؤون القوى العاملة هو مادفع إلى هذه المداخلة.
والله الموفق.
سليمان محمد الجريش

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved