أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 16th December,2000العدد:10306الطبعةالاولـيالسبت 20 ,رمضان 1421

الاخيــرة

الحمار,, مضطهداً!
انتهت المهمة الاقتصادية للحمار، منذ وقت طويل، في الدول الاقتصادية المتقدمة، بالطبع، وإلا فإن الحمار يظل فعالية اقتصادية ذات وزن مهم في كثير من المجتمعات المتخلفة.
حمل الحمار، على ظهره، أثقال الإنسانية والحضارة، عهوداً طويلة من الزمن، وجرَّ وراءه، أحمالها، ودار، مُعصّب العينين، في سواقيها، وتسلق لاهثاً دروبها الجبليّة، الوعرة، ومشى صابراً، حاني الرأس، في سهولها ودروبها، وحاراتها.
ورغم المكانة، الثقيلة للحمار، في تاريخ الحضارة الإنسانية، فغالباً، ما تم اهماله، وتهميشه عند ذكر الدواب، التي رافقها الإنسان واعتمد عليها، في حمل أثقاله وجر أحماله، ومواجهة أعدائه، أو التباهي بها أمام اصدقائه، وأهل زوجته.
استخدم الإنسان الجمل، وافتخر به، ورافقه في رحلاته الصحراوية، المتوحشة، واعتلى ظهره، المرتفع ، وانتفخت أوداجه، وتبسمت أساريره، وهو ينظر إلى الفضاء حوله، من خلف السنام العالي، والمكان الرفيع.
وسخّر الإنسان، الحصان الجامح، وروضه، واخضع عنقه النافر وطباعه الجائشة، خاض على ظهره الحروب، وسابق الريح، واختال عليه في الافراح والليالي الملاح, كان الإنسان للخيل عاشقاً، واعلن العشق على رؤوس الأشهاد، فسرت بالذكر القصائد والأساطير، وتباهى الإنسان بالخيل، فاستعرض الصافنات الجياد، واعتبرها، مجازاً وحقيقة، من ضمن افراد عائلته الكريمة.
وزاوج الانسان، بين الحمار والحصان، فانتج البغل، فيه جسامة الحصان وارتفاعه، وصبر الحمار، وجلده، وقوة تحمله، وهوانه، وذلته ورضائه بالعمل الوضيع الذي يُشكر عليه، ولا اعتراف به، ولا ذكر له، وظل البغل يعاني من فقدان الهوية، وضياع النسب، ونترك هذا الجانب لعلم النفس الحيواني، عندما يجد وقتاً، بعد أن يعالج التوتر النفسي، عند كلاب، وقطط المجتمع الأمريكي مثلاً.
الحمار، يحمل الأثقال، والأسى، ومع ذلك يحتل الطبقة الدُّنيا، والمكانة السُّفلى في مراتب الحيوان، عبر تاريخ الحضارة.
هناك كاريكاتير قديم، نشرته مجلة صباح الخير، بمناسبة عيد الأضحى، ويصور الكاريكاتير، حماراً، يمشي مع مجموعة من الخِرفان، ويعلق الآدمي الجالس في مقهى على الرصيف: انظروا إلى هذا الحمار، المغفّل، يختار هؤلاء الرفاق الخطيرين في عيد الذبائح سيضيِّع نفسه.
وهكذا، الحمار، حتى مع الخِرفان، لا يخلو من الضّغن.
فلا أحد ترك الحمار وشأنه، حتى عندما يرضى بمكانته المهنية، ومنزلته الوضيعة، وانكار مساهماته الحضارية.
الحمار، معروف بالغباء، والعناد، والصوت النكير، ومع ذلك تم ادخاله عبر، التاريخ، في مجالات السياسة، والفكر، والأدب، والفولكلور الشعبي، ونُسبت إليه حكم، وآراء لم يتفوه بها، أو ينهق.
الاشتباك، مع الحمار، دائم، والانكار له، والتعريض به مستمر, لا أعرف طبيعة هذه العلاقة الديالكتيكية، بين الحمار والانسان، ولا أظن الحمار يعرف ذلك.
د, أنور عبدالمجيد الجبرتي
أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved