أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 16th December,2000العدد:10306الطبعةالاولـيالسبت 20 ,رمضان 1421

رمضانيات

الاعتكاف وقطع العلائق عن الخلائق
على المعتكف ألا يعود مريضاً أو يشهد جنازة وتحرم عليه مباشرة الزوجة
سنة تتأكد في العشر الأواخر من رمضان ومكانها المسجد
مع دخول العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك يأتي الاعتكاف في مقدمة العبادات خلال هذه الفترة ونظرا لاهميته ورغبة في بيان جوانبه يسر صفحة رمضانيات ان تقدم رأيا مفصلا لفضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن الاعتكاف من خلال مايلي.
معنى الاعتكاف
الاعتكاف لغة: ملازمة الشيء والإقامة الطويلة عنده, وغالباً انهم يقيمون عنده تعظيماً له ولهذا كان المشركون يعتكفون عند معبوداتهم.
قال الله تعالى عن ابراهيم عليه السلام:ماهذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون سورة الانبياء، الاية 52 ومعنى عاكفون اي مقيمون عندها.
واعترف المشركون بانفسهم فقال الله تعالى عنهم:قالوا نعبد اصناماً فنظل لها عاكفين سورة الشعراء، الاية :71 واخبر تعالى عن بني اسرائيل بقوله تعالى:وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم
سورة الاعراف، الاية 138 ومعنى يعكفون اي يطيلون القيام عندها.
والعكوف لابد ان يكون تعظيماً للبقعة والمكان الذي يعتكف فيه فإن كان عبادة لله وطاعة فهو محمود، كالاعتكاف في المساجد, قال تعالى:ولا تباشروهن وانتم عاكفون في المساجد سورة البقرة، الاية :187 , وقال تعالى:ان طهرا بيتي للطائفين والعاكفين سورة البقرة ، الاية :125 .
وان كان ذلك المقام محظوراً الاعتكاف فيه، لانه تعظيم لمخلوق مثلاً لم يجز، فالاعتكاف عند القبور تعظيماً لها يكون شركاً، لانه بمنزلة اعتكاف المشركين عند معبوداتهم، لان الذين يعكفون عند القبور يكون دافع الاعتكاف عندهم تعظيم القبور, اما الذين يعكفون في المساجد، فإن دافع الاعتكاف عندهم عبادة الله وطاعته.
اما معنى الاعتكاف في الاصطلاح فهو: لزوم مسجد لطاعة الله, فلابد لمن اراد ان يعتكف في المسجد ان تكون نيته طاعة لله اما الذين يتخذون المسجد للسكنى كما يفعل بعض الفقراء، فإنه لا يسمى معتكفاً.
* قوله: لطاعة الله المراد بالطاعة هنا جميع انواع الطاعات، لان على المعتكف ان يكثر من الطاعات والقربات، ومن الطاعات التي يتقرب بها المعتكف الصيام فإذا اعتكف نهاراً فإنه يتأكد عليه ان يصوم، ومنها التهجد، ومنها الإكثار من قراءة القرآن الكريم وتدبر الآيات والتفكر فيها, ومنها كثرة ذكر الله جل وعلا من التهليل والتسبيح والتكبير والحوقلة والاستغفار وما اشبه ذلك.
ومنها التفكر في آلاء الله وفي آياته والتفكر في مخلوقاته وفي نعمه على عباده، ومنها الإكثار من الدعاء فيدعو الله ويبتهل اليه ويتوسل اليه بأسمائه وبصفاته ليكون اقرب الى اجابة دعائه, فعلى المعتكف ان يعمر وقته بانواع الطاعات والقربات وكذلك عليه ان يتجنب ما يشغله عن هذه الطاعة، فمثلاً لايخرج من المسجد لغير حاجة ولا يشتغل بالدنيا ولا بأمور الدنيا، ولا يفتح باب الزيارة فيأتيه الناس ويتحدثون اليه بل عليه ان يشتغل بنفسه ولا يجعل مكانه او زاويته متحدثاً، فإن هذا ينافي حقيقة الاعتكاف الا ان يكون هناك حاجة وضرورة، فإن صفية رضي الله عنها زارت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معتكف وتحدثت معه قليلاً، ثم قامت وقام معها ليردها الى بيتها.
روي عن بعض السلف انه عرف الاعتكاف بقوله:الاعتكاف قطع العلائق عن الخلائق للاتصال بخدمة الخالق .
المراد بالعلائق: العلاقات التي بين المعتكف وبين الناس في المعاملات والزيارات، فعلى المعتكف ان يقطع تلك العلائق عن كل الخلائق حتى عن ابنائه فلا يفتح لهم المجال ليأتوا اليه للمزاح والكلام ونحو ذلك، لاجل ان يتصل بخدمة الخالق, هذا هو حقيقة الاعتكاف.
* فائدة: اركان الاعتكاف ثلاثة:
1 المعتكِف: المسلم 2 المعتكَف: المسجد 3 المعتكف له: طاعة الله.
الاعتكاف في المساجد
الاعتكاف سنة، وهو لا يصح الا في المساجد, اولاً: لان الله جل وعلا قال:وانتم عاكفون في المساجد سورة البقرة، الاية : 187 وقال تعالى:ان طهرا بيتي للطائفين والعاكفين سورة البقرة، الاية : 125 والبيت هو المسجد الحرام.
ثانياً: انه اذا اعتكف في غير المسجد فإنه يؤدي الى ترك الصلاة مع جماعة المسلمين في المسجد وتركها ذنب كبير، او يؤدي الى ان يخرج الى الصلاة في كل وقت وكثرة الخروج والتردد ذهاباً واياباً ينافي الاعتكاف، لان الاعتكاف ملازمة المعتكف.
الاعتكاف سنة مؤكدة
الاعتكاف هو لزوم المسجد لطاعة الله، وهو سنة مؤكدة في كل زمان، ويتأكد في العشر الأواخر من رمضان، كما روت عائشة رضي الله عنها: ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الاواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ثم اعتكف ازواجه من بعده , وروى البخاري عن أبي هريرة قال:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة ايام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً .
قال ابن رجب في اللطائف: وإنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في هذه العشر قطعاً لاشغاله وتفريغاً لباله وتخليا لمناجاة ربه وذكره ودعائه وكان يحتجر حجراً يتخلى فيها عن الناس.
ولهذا ذهب الإمام احمد الى ان المعتكف لا يستحب له مخالطة الناس حتى ولا لتعليم علم وإقراء قرآن بل الافضل له الانفراد بنفسه وهو الخلوة الشرعية لهذه الامة، وانما كان في المساجد لئلا يترك به الجمعة والجماعات فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه، وعكف بقلبه وقالبه على ربه وما يقربه منه، فما بقي له هم سوى الله وما يرضيه عنه.
فمعنى الاعتكاف وحقيقته: قطع العلائق عن الخلائق للاتصال بخدمة الخالق، وكلما قويت المعرفة والمحبة له والانس به اورثت صاحبها الانقطاع اليه بالكلية على كل حال .
ولا يصح الاعتكاف الا بشروط:
1 النية: لحديث:انما الاعمال بالنيات,,, .
2 ان يكون في مسجد : لقوله تعالى:وانتم عاكفون في المساجد سورة البقرة ، الاية : 187 وكان صلى الله عليه وسلم يعتكف في مسجده.
3 ان يكون ذلك المسجد مما تقام فيه صلاة الجماعة حتى لا يتكرر خروجه لكل وقت مما ينافي الاعتكاف ولا يخرج المعتكف الا لما لابد له منه، ولا يعود مريضاً ولا يشهد جنازة، ويحرم عليه مباشرة زوجته، ويستحب اشتغاله بالقربات واجتناب مالا يعنيه، وله ان يتحدث مع من يزوره وله ان يتنظف ويتطيب ويخرج لقضاء حاجة وطهارة واكل وشرب اذا لم يجد من يأتيه بهما.
وأما المرأة فالافضل في حقها البقاء في بيتها والقيام بخدمة زوجها وولدها ولا يشغلها ذلك عن عبادة ربها، ولان خروجها مظنة الفتنة بها وفي انفرادها ما يعرضها للفسقة واهل الفساد, ولكن ان امنت هذه المفاسد وكانت كبيرة السن وكان المسجد قريباً من أهلها ومحارمها جاز لها الاعتكاف فيه، وعلى ذلك يحمل اعتكاف زوجات النبي صلى الله عليه وسلم بعده لقربهن من المسجد.
وبالجملة لا يصح اعتكافها في مسجد بيتها وهو مصلاها فيه، ويصح في كل مسجد ولو لم يكن فيه جماعة مستمرة، ويكره خروجها وانفرادها محافظة على نفسها, والله اعلم.
الاعتكاف بلا صوم
الصحيح انه يجوز الاعتكاف بلاصوم ودليل ذلك ان عمر رضي الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اني نذرت في الجاهلية ان اعتكف ليلة في المسجد الحرام, قال صلى الله عليه وسلماوف بنذرك , والليلة ليست محلا للصوم فدل ذلك على انه يجوز الاعتكاف بدون الصيام، ولكن يتأكد الصيام لمن اعتكف نهاراً خروجاً من الخلاف، لان بعض العلماء قال لا اعتكاف الا بصوم، ولأن الذين قالوا بجواز الاعتكاف بلا صوم قالوا ان الافضل الاعتكاف مع الصيام.
الاعتكاف طاعة يجب الوفاء بها لقوله صلى الله عليه وسلم من نذر ان يطيع الله فليطعه اما الاحناف فإنهم قالوا: لا يلزم الوفاء به لان عندهم قاعدة في النذر وهي ان النذر لا يلزم الوفاء به الا ماكان جنسه واجباً بأصل الشرع، والاعتكاف ليس جنسه واجباً بأصل الشرع,والصحيح قول الجمهور لعموم حديث: من نذر ان يطيع الله فليطعه والاعتكاف من طاعة الله.
اعتكاف المرأة
لا يصح للمرأة ان تعتكف في بيتها, اما اعتكافها في المسجد فيجوز اذا كان في المسجد مكان مهيأ للنساء وامنت على نفسها، فقد اعتكف أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بعده في المسجد ، ولما اعتكف مرة استأذنته عائشة رضي الله عنها ان تعتكف فأذن لها فبنت لها خباء فسمعت بذلك صفية رضي الله عنها فبنت لها خباء آخر فسمعت بذلك زينب فبنت لها خباء، فلما اصبح النبي صلى الله عليه وسلم ورأى الاخبية وسأل عنها, قيل هذه فلانة وفلانة,, عند ذلك خوض الاخبية وترك الاعتكاف ذلك العام, وفي رواية انه قال: ماحملهن على هذا؟ وفي رواية :أألبر يردن؟ أألبر يردن؟ فترك الاعتكاف ذلك العام لانهن لم يردن الا المنافسة، فرخصته صلى الله عليه وسلم لعائشة اولا دليل على جواز اعتكاف المرأة في المسجد.
وقت الاعتكاف
اذا نذر المؤمن ان يعتكف يوماً وجب عليه ان يدخل المعتكف قبل طلوع الشمس ولا يخرج الا بعد غروب الشمس, واذا نذر اعتكاف ليلة فعليه ان يدخل المعتكف قبل غروب الشمس ولا يخرج الا بعد طلوع الشمس, والله أعلم.
ومن نذر ان يعتكف في أي مسجد غير المساجد الثلاثة جاز له ان يوفي باعتكافه في اي مسجد آخر، لان البقاع كلها سواء، وكذلك من نذر ان يعتكف في مسجد في البلدة الفلانية، جاز له ان يوفي باعتكافه في اي بلد، وهناك قاعدة في هذا ، وهو انه اذا عين الافضل تعين ولم يجز فيما دونه، فمن نذر ان يعتكف في المسجد الحرام لزمه الاعتكاف فيه، ولم يجز فيما دونه، لأن كل المساجد دونه في الفضل، واذا عين المفضول جاز في الفاضل, دليل ذلك ان رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: اني نذرت ان فتح الله عليك مكة ان اصلي في مسجد بيت المقدس, قال: صل ها هنا قال: اني نذرت ان اصلي في ذلك المسجد قال: :صل هاهنا , فلما رآه مصراً قال: شأنك اذاً , رواه ابو داود والحاكم وصححه.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved