أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 16th December,2000العدد:10306الطبعةالاولـيالسبت 20 ,رمضان 1421

عزيزتـي الجزيرة

إلى أبناء الشيخ الدغيثر رحمه الله
حتى لا ينقطع النهر المتدفق بالبذل والخير
إن فقد أهل الفضل والبر والإحسان لعزيز على النفس، لقد فجعنا جميعا بوفاة الشيخ الكريم المعطاء محمد بن عبدالعزيز بن حسن الدغيثر، إنه لخبر تستاء له الاسماع وترتج منه الاضلاع، ولكن ماذا نصنع والبلاء بالجميع نازل والموت حكم نازل، وقد أمرنا مالك الأمر بالاعتصام بحبل الصبر (وبشر الصابرين الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) البقرة 155 157 إن المصائب إذا كانت عامة فإنها يهون وقعها وهذا ما جعل الشاعر التهامي يقول في رثاء ابنه الذي اختطفه الموت ولم يجاوز الرابعة عشرة:


حكم المنية في البرية جاري
ما هذه الدنيا بدار قرار
بينا يرى الإنسان فيها مخبرا
حتى يرى خبرا من الأخبار
جاورت أعدائي وجاور ربه
شتان بين جواره وجوار

نعم والله,, جاور ربا رحيما كريما في شهر الرحمة والكرم.
إن ذكر مآثر الاجواد دعوة للجود، والتذكير بقصص الاسخياء حث على السخاء، وشحذ لهمم الاحياء من الاغنياء ليكونوا لهم مثالا في الاقتداء.


إن الثناء ليحيي ذكر صاحبه
كالغيث يحيي نداهُ السهل والجبلا
لا تزهد الدهر في عرف بدأت به
كل امرىء سوف يجزى بالذي فعلا

هنيئا لمن أبقى الله له في الدنيا الذكر الجميل، وحصل في الآخرة على الأجر الجزيل.


دقات قلب المرء قائلة له
إن الحياة دقائق وثواني
فاعمل لنفسك قبل موتك ذكرها
فالذكر للإنسان عمر ثاني

لقد كان العم الشيخ محمد الدغيثر حقيقا بأن تقال فيه هذه الابيات:


كريمٌ كريمُ الأمهات مهذب
تدقِّقُ يُمناهُ الندى وشمائلُه
تراه إذا ما جئته متهللا
كأنك تعطيه الذي أنت سائله
تعود بسط الكف حتى لو انه
اراد انقباضا لم تطعه أنامله
هو البحر من أيِّ النواحي أتيته
فلجته المعروف، والجود ساحله
فلو لم يكن في كفه غير روحه
لجاد بها، فليتق الله سائله

إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وما نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا على فراقك يا شيخ محمد لمحزونون، والله المسؤول ان يطيل بقاء أمثالك من أهل الخير والجود قرَّة للعيون وجبراً لخاطر المحزون، وخيرٌ لنا أن نفعل ما يفعل الذاكرون، ونقول: إنا لله وإنا إليه راجعون.
وأقول لأبناء الشيخ رحمه الله وجبر مصابهم لا نريد ان تطوى بوفاة الشيخ صفحة من صفحات الخير والبر، بل لابد من استمرار النهر المتدفق لأعمال الخير والإحسان وهذا من اعظم البرِّ له بعد وفاته, وقد كان همُّ الصدقة عن الوالدين شاغل الصحابة رضي الله عنهم وذلك من خلال أسئلتهم للنبي صلى الله عليه وسلم.
تروي عائشة رضي الله عنها: أن رجلا قال: إن أمي افتلتت نفسها أي ماتت وأظنها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ فقال صلى الله عليه وسلم: نعم أخرجه البخاري ومسلم وتوفيت أم سعد بن عبادة رضي الله عنهما وهو غائب عنها، فقال: يارسول الله: إن أمي توفيت وأنا غائب عنها فهل ينفعها إن تصدقت بشيء عنها؟ قال: نعم، فما كان من سعد إلا أن قال: فإن حائط المخراف صدقة عليها أخرجه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما.
انظر كيف تصدق سعد عن أمه بمزرعة كاملة حبا لأمه وبراً لها.
وتوفي رجل من الصحابة فجاء ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إن أبي مات وترك مالاً ولم يوص، فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وخير الصدقات ما كان منها جارياً مستمراً كما قال صلى الله عليه وسلم: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة، إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وهذه الصدقات وتلك الأوقاف خير ما يخلف المؤمن المتوفى كما قال صلى الله عليه وسلم: خير ما يُخلِّف الرجل من بعده ثلاث: ولد صالح يدعوله، وصدقة تجري يَبلُغُه أجرها، وعلم يعمل به من بعده رواه ابن ماجه عن ابي قتادة رضي الله عنه وصححه المنذري.
وكأمثلة لتلكم الأعمال يقول صلى الله عليه وسلم: إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته، علماً علمه ونشره، وولداً صالحاً تركه، ومصحفاً ورَّثه، أو مسجداً بناه، أو بيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه بعد موته أخرجه ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه باسناد حسن.
وكلمة وفاء وشكر نسديها إلى الشيخ فهد الغراب إمام جامع شيخ الاسلام ابن تيمية حينما تكلم عن الفقيد بعد صلاة التراويح ودعا له وطلب من الحضور المشاركة في الصلاة عليه أسأل الله ألا يحرمه الأجر.
عبدالعزيز بن سعد الدغيثر

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved