أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 22nd December,2000العدد:10312الطبعةالاولـيالجمعة 26 ,رمضان 1421

شرفات

الناقد السوري,, فيصل درّاج:
كثير من المهرجانات والمؤتمرات الثقافية في الوطن العربي لا تعدو كونها كرنف الات !!
لابد أن يتخلص النقد العربي من التقسيمات الجغرافية ويركز على جودة الإبداع!!
الناقد السوري فيصل دراج مهتم بشكل أولى بقاضايا الرواية العربية لكنه ادهشنا في حوارنا معه,, أن هذا الاهتمام يعد جانبيا نسبة إلى اهتماماته العديدة بين قضايا الوطن العربي الثقافية والسياسية والاجتماعية ايضاً,, حول قضايا الرواية العربية,, والترجمة والمعارك النقدية دار حوار الجزيرة معه.
* لأننا نلتقيك على هامش مؤتمر خاص بالترجمة,, من وجهة نظرك ماهي المبادئ المحورية لإقامة مشروع قومي للترجمة؟! وما هي آليات تنفيذ هذه المبادئ؟!
حتى تكون الترجمة فاعلة ولها معنى ووظيفة اجتماعية وطنية,, لابد وأن تكون مرتطبة بما أدعوه السياسة الثقافية ,, لا أن تكون عملاً مرتجلاً، حيث تكون الكتب المختارة لها علاقة بالأسئلة التي يطرحها الواقع العربي,, حيث إن الترجمة في هذا السياق هي شكل من الحوار الفعلي بين الكتاب المترجم والقضايا المعيشة في العالم العربي.
خارج هذا الإطار تكون الترجمة مجرد شكل من إشكال الاستيراد,, والتلقي المفروض.
وعندما أقول سياسة ثقافية فأنا أشير إلى مشروع ثقافي وطني تبتعد فيه الترجمة عن الارتجال وعن الشيء الموسمي النفعي,, وتتحول إلى سلسلة حلقات مترابطة,, بهذا المعنى يأخذ أي عمل مهتم بالترجمة إلى مشروع تندرج فيه مجالات مختلفة من المعرفة ويأخذ صفة الاستمرارية,, ويختار مواد تهم القارئ العادي.
وأعتقد أن ما يسمى بالمشروع القومي للترجمة ,, وجد مرتين ,, المرة الأولى كانت في الستينات,, والثانية هي ما يقوم به المجلس الأعلى للثقافة المصري الآن,,, أما على مستوى الأفراد فقد وجد أكثر من مرة,, كالذي قام به فرح أنطون,, وطه حسين.
* في المحاولتين السابقتين لإقامة مشروع قومي للترجمة,, كان الاهتمام بالترجمة إلى اللغة العربية أقوى من الترجمة عنها,, فحين أنه في ظل آليات عصر العولمة يجب علينا الاعراب عن انفسنا للآخر جيداً عن طريق الترجمة,, ماهو تعليقك!!
في الحقيقة هذا صحيح,, وهو موضوعي لأن في ميدان الثقافة والترجمة هناك شيء يدعي ب ميزان القوى الثقافي ,, الذي هو انعكاس لميزان قوى سياسي واقتصادي,, ونحن للأسف حاليا في وضع عربي لا نحسد عليه إطلاقاً,, ويحاول الآخر أن يهمشنا وأن يخرجنا من التاريخ,, وبالتالي فإن اهتمام الآخر بنا محدود تماماً,, إلا في إطار ما يساعده على تهميشنا,, واعتقد أن القيام بدورنا لا يتحدد فقط بالترجمة حتى نصبح فاعلين,, بل لابد أن نقوم بإصلاح ثقافي وبإصلاحللعقول وسياسة تربوية جامعية ثقافية جديدة.
* من موقعك كناقد عربي,, هل النقد العربي مهتم بالكتابات التي يبدعها الكتّاب العرب في لغات غير العربية؟!
المشكلة أنه عندما يكتب النص بلغة غير العربية لا يمكن أن نعتبره عربياً بالضرورة لأن اللغة هي وعاء الفكر كما يقال, وعندما يكتب الانسان بلغة غير العربية,, فهو يفكر بشكل غير عربي,.
وبالتالي أعتقد أن الناقد يجد نفسه غير ملزم أن يتعامل مع هذا النص على أنه نص عربي, لأنه فعليا نص غير عربي,, حتى لو كانت نوايا الكاتب أخلاقية ونبيلة.
* في مقال سابق لك قلت إن الترجمة لا تجعلنا فقط نكتشف ثقافة أخرى,,لكننا نكتشف ذاتنا على ضوء هذه الثقافة من واقع هذا هل يمكن أن نكتشف ذاتنا أيضا من خلال هذه الكتابات العربية بلغات أخرى؟!
هو سؤال مربك,, لأن هذه الذات التي نكتشفها من خلال ترجمتنا لكتّاب العرب بلغات أخرى,, ربما تكون ذاتا مشوهة,, لأن هذه الكتابات عندما تكتب وتنشر في لغات أجنبية وتوجه لقارئ أجنبي,, غالباً ما تكتب بغرض أن ترضي القارئ الأجنبي وليس بغرض الدفاع عن العرب بالضرورة.
وأعطى مثالاً على ذلك بالكاتبأمين معلوف ,, في كتابه الهوايات المتقاتلة ,, فمن المفترض أن أمين معلوف عربي لبناني يحمل الجنسية الفرنسية,, وعندما كتب هذا الكتاب يفترض مسبقاً أن وجهة النظر العربية تكون هيالقوامة لكنني وجدت هذا الكتاب يهتم بالقارئ الأوروبي اكثر مما يهتم بالقارئ العربي,, وهو أمر متعلق بما قلته مسبقاًب ميزان القوى الثقافي والمناخ الثقافي في العالم الذي يهمش العرب شيئاً فشيئا.
* ماهو المشروع الذي كنت تود إنجازه في بداياتك؟!
* في الحقيقة,, كان لدي ثلاث افكار أساسية,,؟ أولاً كتاب عن الناصرية, لماذا صعدت ولماذا هزمت، وكتاب عن الثورة الجزائرية كيف صعدت وكيف هزمت,,، وكتاب عن الثورة الفلسطينية,, والتطورات التي تحدث لها,,؟ كان ذلك مشروعي في الثمانينات,, لكن بسبب أمور عدة,, رحلت عن هذا المشروع وتحولت إلى مشروع بعيد ومختلف تماماً, وهو نظرية الراوية العربية .
وقبل أن أتجه هذا الاتجاه كتبت مجموعة دراسات ومقالات عن هموم الثقافة,, والهوية,, ربما لم أضع كتابا حتى الآن لكن أعتقد أن هذا وشيك.
وفي الحقيقة في المرحلة الانتقالية بين المشروعين كانت ثمة أسئلة تترى على الذهن, فعندما يقال كلمةناقد بالمعنى التقليدي للكلمة,, يشار إلى ناقد أدبي للشعر والقصة والرواية، لكن بالنسبة لي الناقد هو ناقد لجميع الظواهر الاجتماعية السلبية والايجابية, لكن عندما بدأت أشعر لهزيمة شخصية كثير منها يعود لاسباب عامة,, تحول كثير من مجهودي الأساسي إلى النقد الأدبي الذي يبدو للبعض اختصاصا مهما لكن من ناحيتي يبدو تعبيراً عن هزيمة ذاتية,, لأن مفترضا أن دور المثقف يتجاوز النقد الروائي والشعري,,, ولا أقصد أن أقلل من دور الناقد الأدبي ,, لكن القضية أوسع وأشمل.
* وماذا أنجزت في مشروعك الأدبي؟!
عدة دراسات منهادلالات العلاقة الروائية ، وكان خطوة لم أكن كامل الرضى عنها,, فكتبت نظرية الرواية والرواية العربية وهو الجزء الأول من سلسلة أضع الآن الجزء الثاني منها تحت عنوانالرواية والتاريخ ,, أما الجزء الثالث فسيكون تحت عنوان تحت عنوان الروائية والمنظور الديني إلى العالم .
* بعض النقاد يرون تحويل الاهتمام للأدب المرئي الدراما ضرورة ملحة لاعتبارين هامين الأول أن جماليات هذا الفن لازالت رهن التكوين، الثاني أن تأثير الدراما تمتد لقاعدة عريضة جداً من المتلقين ، فهل أدلوت بدلوك في هذا المجال؟!
الأن ربما الدراما هي الوسيلة الأساسية لتشكيل الوعي الثقافي اليومي,, نتيجة وجود هذا الفضاء المسيطر والمستبد الذي ينفذ إلى جميع البيوت ، غير أنني أعتقد أن النقد في هذا المجال سيكون محدوداً,, بسبب تعدد العناصر التي تنقل العمل من الشكل المكتوب إلى شكله المرئي,, وهذا شيء لا يقوم النقد فيه بدور كبير لأن وسائل الاعلام التي تنطرح من خلالها الدراما مرتبطة بالسلطة والسياسة والامكانيات ,, وايضا بثقافة المسئولين عنها.
* هذا على الرغم من أن الدراما السورية في مرحلة توهج الآن؟!
هذا صحيح,, لكن الانتشار لا يعني أنها بالضرورة تقدم شيئا صحيحاً,, وكلمة الناقد أو المثقف لابد وأن تتخلص من كثير من هذه القشور,, فالناقد ربما يكون نبضي الحركة الثقافية,, لكن اذا كانت هناك حركة ثقافية اجتماعية تسمح بحوار مستمر بين المثقف والناس,, وتكون هناك منابر سياسية وثقافية يتحاور فيها المثقف مع الآخرين.
قضية هامة جداً؟ أن نحزف مفهوم الجغرافيا من النقد الدوائي,, لأنه مفهوم مبتذل وسقيم.
* اذا كانت هذه وجهة نظرك فهناك وجهات نظر مخالفة تضع الناقد في دائرة الاتهامات بين تبني النظريات الغربية وبين إهمال الابداعات الجديدة وبين الاغراق في الغموض فكيف يبدع الناقد بعيداً عن تأثيرات هذه الأتهتمامات؟!
بعيداً عن التأثيرات بشكل كامل أمر ليس له معنى، فنظرية الرواية كرواية,, هي نظرية غربية,, أنجزها أو حاول الغرب وبالتالي يجب على الناقد أن يقرأ ما قدمه الغرب، لكن من ناحية التطبيق لا يجب أن يتم تطبيق نظرية مستوردة على نص عربي,,؟ بل نستأنس ما تقول به النظريات,, ونقرأ النص العربي أولاً,, ونكتشف إشكال هذا النص من داخله، وبالتالي نشتق مقولات النقد من النص العربي ، لكن لا يمكن حدوث هذا إلا إذا كان الناقد قد تمثل واستوعب النظريات الأساسية.
* ماهي أكثر القضايا التي تلح عليك؟!
- علاقة الرواية بالتاريخ,, اكثر القضايا التي تشغلني وبالتالي اقرأ نجيب محفوظ ومحمد البساطي ومحمود الورداني وهالة البدري,,، واهتمامي ينصب في إطار إخراج القضايا في كتب,, وليس مقالات كما كنت أفعل في السابق,
* هل تثري الفعاليات الثقافية الحركة الثقافية العربية بشكل فعال؟!
باستثناء ما يقوم به المجلس الأعلى للثقافة في مصر وبعض الجامعات المصرية,, نجد المصحلة سيئة,, فكثير من المؤتمرات والمهرجانات الثقافية يغلبها الطابعالكرنفالي والاعلامي الذي لا يؤدي إلى أي شيء علمي حقيقي,, وبعيداً عن عدم وجود مردود ايجابي,, فلها مردود سلبي خطير,, وهو محاولةتدجين المثقفين بالتعود على الاقامة في الفنادق الفاخرة والمطاعم المتكلف.
لذلك نادراً الآن ما ألبي دعوة إلا اذا شعرت أن لدي ما أقوله,, ويكون لي مردود,, ربما هذا تشاؤم لكنه الحقيقة.
* عودة إلى سوريا,, اذا أردنا أن نطل على الرواية السورية من خلالك.
ماذا تقول؟!
لا أميل غالباً إلى تقسيم الرواية العربية إلى رواية سورية وأخرى مصرية وثالثة لبنانية,, لأنني أعتقد أن هذا التقسيم شكلاني,, وليس له قيمة,,, ربما له قيمة مدرسية أو جامعية أما رؤيتي للإبداع الروائي الكبير,, فإنه يعبر عن جوهر التاريخ العربي الذي نعيشه,, وبالتالي الرواية مرتبطة بقيمتها الأدبية,, وليس بجنسيتها، فالمعيار هو الإبداع وليس الجغرافيا,,؟ وهذه لأن معظم المقالات والتعليقات الصحفية غير عادلة,, فالنقد الصحفي الآن أصبح نقدا إعلانيا شلليا له علاقة بالعلاقات الشخصية ونادراً ما يكون موضوعيا.
* هذا يقودنا للسؤال عن افتقادنا للمعارك النقدية الحقيقية التي كانت تثري الحركة الثقافية,, وتحولها إلى معارك شخصية بالدرجة الأولى؟!
هناك سببان لذلك,, الأول,, هو أن النقد في الماضي كان يقوم على المجلات الأدبية العريقة كالثقافة والآداب والكاتب المصري والرسالة .
وكانت هذه المجلات تجتذب النقاد الكبار للكتابة بها, حاليا الصحف المسيطرة بالعالم العربي تجتذب النقاد الكبار كي يكتبوا بها غالبا مجبرين أن يتعاملوا مع النقد بلغة الصحافة المبسطة وبالتالي انتقلت من النقد الأدبي الرصين إلى النقد الاعلامي البسيط.
* هل أصبحت الصحافة هي المتهمة رغم دورها الاعلامي والتنويري؟!!
الصحافة لها وجهان، وجه سلبي وآخر ايجابي وهو التعريف بالكتاب على المستوى الاعلامي أما الوجه السلبي فهو فرض وجهات نظر معينة لها علاقة بالمسيطرين على الصحف والاعلام وبالتالي هناك أعمال كبيرة تمر بشكل سريع وهناك أعمال تافهة جداً يكتب عنها مئات المرات.
ولهذا نجد ما كتب عن كتاب بحجممحمد البساطي ربما يساوي 1% مماكتب عن أحلام مستغانمي, بالطبع هذا النقد لا علاقة له بالمستوى الابداعي,, بل له بسلطة الاعلام وبالنفوذ الشخصي.
* أخيراً هل أنت ملتزم بعمل اكاديمي أو مؤسسي أم متفرع للكتابة؟!
لا ألتزم بأي عمل أكاديمي أو مؤسسي,, ويشغلني فقطهم الرواية ربما أرتبط بعدة مؤسسات,, لكنها علاقات تقتصد فقط على تقديم العمل المطلوب ,, مثل جامعة دمشق والمركز العربي للدراسات الاستراتيجية,, وثالث خاص بمشروع للترجمة يقوم به الفرنسيون في دمشق, هذا فضلاً عن دوري المستمر في مجلة الكرمل الفلسطينية التي تصدر في عمان ورام الله,, فأكتب بها بشكل مستمر.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved