أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 25th December,2000العدد:10315الطبعةالاولـيالأثنين 29 ,رمضان 1421

عزيزتـي الجزيرة

ورحل الأستاذ يحيى في صمت
في هدوء وبعد أداء للصلاة طويت صفحة مشرقة لأحد رواد التعليم بمنطقة عسير وترجل فارس من فرسان ميدان التعليم والقى عصا التسيار بعد رحلة مضنية وشاقة فيها من التعب والمشقة وفيها من اليسر والعسر هكذا عرفت شيئاً من حياته إنه الاستاذ يحيى محمد بن صمان المولود بأبها سنة 1351ه الذي وافته المنية في نهاية العشر الوسطى من شعبان لهذا العام 1421ه لقد حمل إلي خبر وفاته أحد أقاربه بينما كنت في عزاء أحد أقاربي فزادني حزناً على حزني.
حزنت كثيراً لفقد هذا الرجل المعلم وحزني ليبدو أكثر عندما أسمع برحيل الرعيل الأول سواء من المعلمين أو المثقفين خاصة، أذكر ذات مرة التقيت بالفقيد وحادثته حول التاريخ السياسي والأدبي وعرجت به على احداث الحرب العالمية الثانية واكتشفت المخزون الثقافي لهذا الانسان الذي عز رحيله على نفسي ثم علق على حديثي قائلاً: أنت يا محمد يابني سمعت عن بعض الأحداث أو قرأت عنها ولكن أنا عشت بعضها وكنت أتابع الراديو بشغف وذكر لي صوت لندن وألمانيا وذكرته بصوت الشرق الأدنى واذكر انني خرجت منه بوعد على ان نلتقي ليسمعني ما عاشه وجيله لعشقي لسماع ومعرفة تلك الحقبةالتي عاشوها حينما كانت المدينة عبارة عن قريةحالمة يلفها الصمت ويحيط بها جمال الطبيعة فكان الوعد ولم يكن اللقاء, رحمه الله.
حاولت ان اتصل بمن يعرفه ومنهم السيد الوالد فعرفت ان الأستاذ يحيى بن صمان من اوائل من تعلم وتخرج من المدرسة السعودية بأبها والتي تأسست سنة 1355 وبعد تخرجه انكب ينهل من كتب التراث مايدعم به تعليمه حتى اتسعت مداركه وأحاط بكثير من العلوم والمعارف، بعدها اختير مدرساً بالمدرسة السعودية بخميس مشيط سنة 1368ه وباشر مهامه بكل همة وعزيمة عرفت عنه تنم عن مقدرة وإلمام بالمناهج المدرسية، وكان يقرن بين التربية والتعليم ويقدم نفسه لتلاميذه كقدوة صالحة وأنموذج حي في مظهره ومخبره والتزامه بمهنته وكل متطلباتها في الشخص الذي سخر نفسه لتعليم الناشئة، ولقد اطلعت على صور قديمة له من الماضي تحكي بكل صدق ما قيل في حق هذا الانسان، لقد كان يرحمه الله لطيف المعشر حاضر النكتة سريع الحفظ وسم نفسه بهيبة المعلم التي تجب ومما عرفت عنه أنه كان شديد الاعتداد بنفسه شديد الاعتزاز بشخصيته حريصا كل الحرص على كرامته لايغشى المجالس متطفلاً لهذا عاش في الظل رغم امتلاكه للحضور الجيد ويتمتع بسداد الرأي وحسن البصيرة لم تحكمه مشاعر البحث عن الشهرة ولا السعي خلف مصالحه الشخصية ولهذا عاش محدود الموارد كما علمت، تحكمه القناعة الشخصية بما وصل إليه أو حصل عليه بقي على هذه الخصال كما حدثني زملاؤه بالمدرسة السعودية بالخميس حيث تزوج بعدها واختير مديراً لمدرسة الفيصلية بنجران في عام 1376ه أو هو من افتتحها وأنا أعرفها حيث زرت موقعها ذاك حينما كنت أعمل معلماً بنجران وبعد فترة من الزمن قضاها في نجران عاد إلى مسقط رأسه أبها البهية يدفعه الشوق والحنين إليها وهل يلام في هذا العشق لمدينة اتشحت بالغمام على امتداد ايام السنة ولفها غلالة شغافه من الضباب في الشتاء وصدق أدبينا الشيخ عبدالله بن خميس حين قال في أبها:


غيداء ينضح منها العطر مابرزت
إلاّ ويخجل منها حسنها الغيدا
تسمو فتنظر منها كل رابية
تضاحك الشمس تغضينا وتجعيدا

استقر الأستاذ يحيى بأبها حيث طاب له فيها المقام حتى انتقل إلى جوار ربه ولكنه مات وفي النفس حسرة وعتب وسؤال كلها تدور حول هذا المعلم هل تم تكريمه؟ أم تم تكريم اكثر تلامذته وهو لم يكرم؟ ام ان الرواد يتم تجاهلهم من قبل القيادات الشابة التي لم تعرف لهؤلاء مكانتهم ليس قصداً على كل حال ولكن ربما التسويف أيضاً طال تكريم ذاك الرعيل، عموماً اختم بقول أحد شعراء العربية:


ولا يرد المنايا عن مواقعها
سد الحجاب ولا عز وأحراس
إن الجديدين في طول اختلافهما
لاينقصان ولكن ينقص الناس

محمد ابراهيم محمد فايع
خميس مشيط

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved