أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 29th December,2000العدد:10319الطبعةالاولـيالجمعة 3 ,شوال 1421

الريـاضيـة

الميدان تروي مأساة الاسطبلات الصغيرة والقائمة منذ سنوات عديدة خلال 27 ساعة متواصلة عاشتها هناك!
مغص الوادي المتصدع في الجنادرية يسرح ويمرح في أمعاء ثروتنا الوطنية,, والأطباء يواصلون غيابهم العجيب!!
كتب محرر الفروسية
أصاب زميلي فهد الدوس فيما يبدو وهو يقول نحن معشر إعلاميي الفروسية اتعس الناس في مجالهم طافت هذه المقولة بذهني وانا أمني النفس بأن اجني ثمرة سنوات طويلة قضيتها أبذل الجهد والوقت والمال بعد ان قدر لي في وقت سابق دخول معترك الإنتاج من خلال مشروع الإنتاج المحلي وكانت أولى ثماره والتي لم تينع مهرة تعود في نسلها للفحل المنجب شارد والفرس الأكثر شهرة في اسطبلات الجنادرية الجوهرة ,, كانت المهرة منذ وجودها في رحم أمها,, وقد تجاوز سعرها في المزاد قبل عامين ال250 ألف ريال لكن اللي ما يكتب عسر كانت الطموحات كبيرة والآمال عظيمة,, فجأة ضاع كل شيء,, وانطفأ نجم المهرة قبل بلوغ المرام,, لااقصد بهذه التراجيديا طلب التعاطف من الآخرين او الرغبة في الفزعة منهم ، ففزعة الموقف المتعاطف الحار ومن رجال العلم الطيب كانت خير عوض، ولن آتي بجديد إذا ذكرت اولئك الفرسان النبلاء الذين كانوا خير سند وآزروني بدعمهم المعنوي والشهم قبل فزعتهم الجزلة فالكلمات لن توفيهم حقهم ووسط الفروسية يعرفهم ويبخصهم تمام البخص!! لقد نفقت الحاتمية وهذا الاسم الذي أطلقته على بنت الجوهرة وهو الاسم الذي تستحقه قوة وفعلا وعشت المأساة في إحدى ليالي شهر رمضان المبارك بعد ان شاهدت مغص الوادي المتصدع ينهش احشاء الحاتمية بعد ان ظل يسرح ويمرح في امعاء ثروتنا الوطنية! (خيولنا المحلية في مزارع الجنادرية) يدعمه الغياب العجيب للأطباء الاختصاصيين في الخيل باستثناء الاسطبلات الكبيرة والمتوفر في بعض منها مستشفيات متخصصة وطواقم ذات كفاءة عالية من الاطباء ومساعديهم,, نعم ندعو الله ان يكون في عوننا نحن ملاك الاسطبلات الصغيرة فلا دكتور ولا يحزنون والمغص المتصدع لن يجد من يقف في وجهه ومن كان عنده موانه أو واسطة لدى الاسطبلات الكبيرة فأبشر بالدكتور وطاقمه عند كل طارئ والمؤلم ان ملايين الريالات تذهب في بواديك الجنادرية ومغص الخيل يفتك بإنتاجنا، وعندما تأتي الفزعة من احد الدكاترة يكون حينها السيف قد سبق العزل، بعد ان يكون المغص قد فعل فعلته الكاملة والله يعوض على صاحب الحلال، والملاحظ ان مغص البشر اخف مليون مرة من مغص الخيل، حيث لا يسلم إلا 5% من الخيل عند اصابتها به ولا ينفع معه ادوية الخيل المعروفة باسكوبان اوفينداين بعد الله سبحانه وتعالى طبعا، فهي مجرد مركبات مهدئة وربما تنفع في مرحلة بداية العارض,, وهكذا اصبح مغص الخيل لا يقل خطورة عن حمى الوادي المتصدع , لقد كانت الساعة الخامسة وبضع دقائق حين بدأت أعراض المغص تظهر على فرسي حسب افادة العامل السايس في الاسطبل كنت وقتها على مائدة الافطار ويعلم الله ان الغصة نشبت في حلقي من شربة ماء الافطار وانا اسمع الخبر,, فهل رأيتم من تغصه الموية؟ لكن اللي يحب الخيل وخاصة عندما تكون فيها الهقوة والنوماس ما ينلام سارعت راكضا إلى الجنادرية لأجد الحاتمية ومعها سايسها يقودها داخل الاسطبل,, استنجدت ببعض الجيران أهل الخيل وأصحاب الخبرة واعطيناها دواء باسكوبان وعدة إبر بعد بروز أعراض هذا المغص لهذه المهرة ذات السنة والسبعة أشهر فعادت أفضل من ذي قبل، فتنفست الصعداء ولقد كان معي في ذلك الوقت,, وقد دخلت الساعة الثانية فجرا ابن العم عائش والذي عاش معي أصعب لحظات مغص الوادي المتصدع ذهبنا سويا لتلبية دعوة على السحور ثم عدنا في الصباح الباكر للاطمئنان عليها وكانت المفاجأة ان سايسها عاد بها إلى القود قيادتها فظهرت علامات الخطر واضحة على عينها,, كانت الساعة تشير إلى السادسة صباحا وشرعنا فورا في اتصالات لاهثة بأطباء الخيل هنا وهناك دون جدوى، فقد كان الحصول عليهم اصعب من الحصول على اركابية خيال محترف في ميدان الملز .
وبعد تكرار المحاولات وجدنا طبيب اسطبل الأمير احمد بن سلمان ميلو بواسطة الأخ الصدوق ابو عبدالله، صالح الحمادي وعند الثامنة صباحا كنت ومعي عائش على بوابة الاسطبل ننتظر طلة الدكتور ميلو وفي الثامنة والنصف جاء الفرج وحضر الطبيب وكشف على المهرة وفاجأنا بحاجتها لكربوهيدرات وهو من أنواع الملح وعلى وجه السرعة وخلال دقائق كانت سيارتنا تنهب الأرض إلى خارج منطقة الجنادرية وباتجاه المدينة لنجد المطلوب في أحد الأسواق الكبرى والتي تفتح خلال 24 ساعة وهي على بعد 20ك عن مزارع الجنادرية، عدنا وعن طريق انف المهرة أدخل الدكتور ميلو تلك الاملاح إلى جوف الحاتمية إضافة إلى بعض الإبر الخيلية تسرب القلق الينا جميعا بعد ان بدأنا نحس بمقدار الخطر المحدق بالحاتمية وذهب الدكتور بعد ان اعطانا بعض النصائح وتستمر عقارب الساعة بسيرها إلى الحادية عشرة صباحا حيث توافد بعض اهل الخيل وادلوا باقتراحاتهم لانقاذ المهرة المسكينة وأمطرت الحلول من كل صوب ابتداء من زيت الخروع مرورا ببيرة الشعير بدون كحول طبعا وانتهاء بحبوب المغص البشري، ولكن هيهات فقد كان الداء يحكم قبضته على احشاء المهرة في حين كان الارهاق يستبد بنا في ظروف صوم وتعب جسدي ونفسي لا يعلمه إلا الله واستمر الأمل قائما، فاهتديت عند الساعة الثالثة عصرا إلى دكتور مزرعة أبناء الأمير عبدالله بن عبدالعزيز واسمه روبرت وهو طبيب مقتدر كانت لي تجربة سابقة معه في العام الماضي وبنفس الشهر وبنفس الأعراض لإحدى افراسي ولكن في ذلك الوقت وبفضل الله تم انقاذها كما ان هذا الطبيب رائع في تعامله إذ هو دائما الأقرب لأهل الخيل ويسهم بجهد وافر في معالجة خيلهم متى سنحت له الفرصة,, وليس على حساب عمله الذي يأتي في المقام الأول!! وبعد وصولي لمزرعة ابناء الأمير عبدالله وعدني روبرت بالحضور لانقاذ ما يمكن انقاذه وعند الرابعة والربع وصل الطبيب بأجهزته ولكن هيهات فلا إبر ولا زيت خروع يفيد وكانت المفاجأة الجديدة انه لا بد من التخدير الكامل واحضار رافعة حسب تعليمات دكتور روبرت وعند اذان المغرب كنت قد احضرت الرافعة من قرب سوق الإبل لتبدأ رحلة الرمق الأخير والتي كان ينقصها تصوير هذا المشهد الذي بالفعل كان مدهشا ومؤثرا في نفس الوقت وعلى اثر إبرة التخدير كانت الحاتمية في عالم آخر وانا اتجرع غصة التعب والسهر ل27 ساعة متواصلة دون نوم, وبعد ساعات كانت المهرة بعد رفعها واجراء العملية قد نهضت مرة اخرى ليعود الأمل مجددا في نجاتها فعدت لمنزلي عسى ان احظى ببعض ساعات النوم وكانت الساعة طبعا تشير إلى التاسعة والنصف مساء لأعود عند الساعة الرابعة صباحا بعد ان وجدت سيارتي تقودني للاسطبل، وما ان دخلت حتى وجدت دموع السايس تقابلني ونحيبه يصعق اذني وينخر قلبي! كانت الحاتمية مثل أحد ابناء هذا السايس لذلك كان بكاؤه الحار ألما فياضا ينخر الفؤاد فقد رباها وعاش معها أكثر من سنة وسبعة أشهر ولكن النافذ نافذ ولا راد لقضاء الله.
عدت مع تباشير فجر الجمعة اجرجر ألما وتأثرا وألف سؤال يرتفع إلى رأسي دون اجابة شافية من يسمع صوتنا نحن أصحاب الاسطبلات الصغيرة؟,, ثرواتنا الخيلية تضيع من بين أيدينا ونلهث خلف واسطة قد تقبل مرة او مرتين ولن تقبل ثالثا ورابعا,, لتوفر لنا حضور دكتور يسهم في انقاذ خيولنا ومهورنا لكن الوقت يدهمنا بلا رحمة.
ما أحوجنا إلى هبة من رجال الخيل او غيرهم لاقامة مستشفى بيطري او مستوصف، او حتى دكتور طوارئ ولو كان بالقطة من قِبل أهل الخيل بمزارع الجنادرية,, خيولنا تنفق,, واموالنا التي اقتطعناها من مدخولنا الشحيح تضيع,, وقلوبنا تتقطع اسى فمن يضع الضماد على جروحنا؟,, نحن ننتظر والأمل باق دوما بإذن الله.
لمراسلة الصفحة bagami@ayna.com

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved