أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 3rd January,2001 العدد:10324الطبعةالاولـي الاربعاء 8 ,شوال 1421

عيد الجزيرة

الجزيرة تدخل دور الأربطة الخيرية بالطائف وتكتشف
حياة صعبة ونظافة سيئة وتغذية غير صحية
مقابر للأحياء من كبار السن ولا أحد يسمع الأنين
* الطائف عليان آل سعدان
الجميع يبتهج فرحاً بعيد الفطر غنياً وفقيراً قوياً وضعيفاً كبيراً وصغيراً ولكل فئة أسلوب وطريقة خاصة تعبر من خلالها عن فرحتها بعيد الفطر, ونزلاء الأربطة من كبار السن الذين تركهم أبناؤهم وبناتهم يعانون من الوحدة والانعزال لهم أفراح خاصة بعيد الفطر المبارك.
الجزيرة قامت بزيارة لبعض الأربطة التي أنشىء بعض منها على نفقة أهل الخير والمحسنين والتقت بنزلاء الأربطة وعبروا عن سعادتهم بعيد الفطر لكل المسلمين, وقالوا إنهم ينتظرون مثل هذا اليوم السعيد على أحر من الجمر يشاهدون خلاله الزائرين وأكثرهم من الأطفال الذين يندفعون لتقديم التهاني بالعيد والحصول على العيدية على الرغم من أننا لا نملك أي شيء نقدمه لهؤلاء الأطفال الأبرياء الذين يطرقون الأبواب للقيام بالواجب والمعايدة بهذه المناسبة الإسلامية.
ثماني سنوات والانين
وتحدث العم أمين محمد في العقد التاسع من عمره وقال إنني مثلما تشاهدون على هذا الوضع منذ أكثر من ثماني سنوات تقريباً أعيش في هذه الغرفة وحيداً لا يوجد معي سوى بعض الاحتياجات الضرورية مثل الماء والأكل وبعض الملابس التي استبدلها.
ويقول إنها حياة صعبة جداً ان يظل الإنسان بهذا الوضع لهذه الفترة الزمنية الطويلة فأقضي عمري في هذه الغرفة وحيداً لا أسمع سوى صدى أنيني وأصوات حركة السيارات والبشر من الشوارع المجاورة.
ويضيف العم أمين بندم وحسرة كان بالإمكان أن يوفر لي أولادي وبناتي كافة سبل الحياة الكريمة والسعيدة في أي منزل من منازلهم بالقرب منهم أشاهدهم وأسمعهم وأداعب احفادي وأتمتع ما بقى لي من الحياة ولكن ليس باليد حيلة الجميع يريد أن يتخلص مني بطريقته وشعرت أنني أشكل ثقلاً كبيراً عليهم ومصدرا كبيرا لوقوع المشاكل بينهم ولهذا قررت الاعتزال بمحض إرادتي حتى يتمكن أبنائي وبناتي من الحياة السعيدة وعندما وجدت هذا الرباط الخيري قررت أن أكمل بقية حياتي فيه, وللأسف الشديد أكثر الناس الذين يزوروني هم من خارج تركيبة العائلة تماماً.
لا أشاهد أحفادي
ويتحدث العم عائض منير في العقد الثامن من عمره ويقول: دخلت هذا الرباط قبل أكثر من أحد عشر عاماً تقريباً وجئت هنا بعد أن ضاقت بي كافة سبل الحياة بين أبنائي وأحفادي وهجرت المنطقة التي كنت اعيش فيها وحضرت للطائف عن طريق فاعل خير تكفل بسكني واعاشتي على نفقته حتى وفاتي, ولكن فاعل الخير المذكور توفي قبل أن أموت وحزنت عليه كثيراً وتولى فاعل خير آخر بطريق الوصية من فاعل الخير الأول لإكمال هذا العمل الخيري وأولادي حتى اليوم لا يعرفون عني أي شيء اطلاقاً لقد انقطعت الزيارات بيني وبينهم تماماً.
وتركوني في عزلتي هذه حتى في الأعياد التي يستوجب على الأبناء زيارة آبائهم وأقربائهم لا يحضرون للسلام علي, وأنا حقيقة لا ألومهم إطلاقا فبعد أن توفيت والدتهم وتزوجوا سيطرت الزوجات عليهم بصورة كاملة وصرفنهم عني, وكان بإمكاني اللجوء للمحكمة الشرعية للحصول على حقي الشرعي منهم لكن نظراً لظروفهم وعدم الرغبة في إحراجهم أمام المحاكم والناس قررت أن أكتفي بالبعد عنهم في هذا الرباط والدعاء لهم بالهداية والإصلاح.
فرحتنا كبيرة ,, ولكن!
وبالنسبة للعيد فنحن كما تشاهد مسلمون نفرح بالعيد فرحاً كبيرا ونصوم رمضان وما يؤلمنا اكثر عدم اكتمال هذه الفرحة بانفصالنا تماما عن المجتمع فالفرحة لا تكتمل بدون مشاركة الآخرين وتبادل التهاني والزيارات, وبالنسبة لي هنا في هذه الغرفة الضيقة لا يدخل علي سوى من يرغب في تقديم العون والمساعدة وكسب الأجر والثواب وحتى هؤلاء المحسنين جزاهم الله خيراً عندما يدخلون علينا لتقديم المساعدة نلاحظهم يضعون ايديهم على أنوفهم من الروائح الكريهة بسبب سوء النظافة في هذه الأربطة ويتركون مساعداتهم ويخرجون ونحن نتمنى أن يتحدثوا معنا قليلاً, ففي هذه الأربطة لا يوجد سوى العزلة التامة حتى السجون التي يفقد فيها الإنسان حريته في التنقل والخروج تعتبر أرحم بكثير من هذه الأربطة.
طفلة تأملت في وجهي كثيراً
ويوم العيد يدخل علينا بعض الاطفال بطريقة الخطأ اعتقادا منهم ان هذه منازل يدخلونها كعادتهم للمعايدة والحصول على الحلويات فعندما يشاهدوننا يتعجبون كثيراً ويشرد أكثرهم وبقي البعض منهم يتأمل وأذكر ان طفلة صغيرة لم يتجاوز عمرها ثماني سنوات تأملت فيّ كثيراً وسألتني لماذا أنت هنا بمفردك؟ وقد اندهشت لهذا السؤال وحاولت أن أقدم لها شيئا فلم أجد.
وقالت: ألا يوجد لك أبناء أو بنات فشرحت لها وضعي وتأملت وتحولت فرحة العيد على ملامحها إلى حزن، وخرجت من غرفتي مسرعة وبعد نصف ساعة عادت ومعها والدها وهي تردد لوالدها وتقول هذا مثل جدي يا أبي إنه يعيش معنا في المنزل ويحكي لنا قصصا جميلة من التاريخ ويعلمنا كيف نحترم الكبير ونقدره ونساعده فلماذا هذا الرجل العجوز تركه أبناؤه دون السؤال عنه أو حتى زيارته ولماذا لا يعيش معهم بداخل منزلهم, فتألم والدها كثيراً ونظر إلى ابنته وطبع قبلة على جبينها وقدم لي أكثر من ألفي ريال لسد احتياجاتي واستدعى عامل نظافة من الشاعر وقدم له مائة ريال لنظافة الغرفة كاملاً وغسيل ملابسي وكافة الأثاث الموجود بالغرفة.
أين دور الجمعيات الخيرية
وفي نهاية الجولة التقت الجزيرة بالعمدة سلطان الداموك أحد الأشخاص الخيرين الذين يتولون الإشراف غير المباشر على هذه الأربطة بالطائف وقال إن امكانياتنا محدودة جداً ولا توجد تبرعات يمكن أن نستفيد منها للإنفاق على هذه الأربطة, ولكن هناك مساعدات لإيواء العجزة وكبار السن الذين يفقدون الإيواء من قبل أبنائهم, واقترح العمدة أن تتولى الجمعيات الخيرية بالطائف استلام هذه الأربطة والإشراف عليها ونظافتها بصورة كاملة, فتلك الأربطة مهيأة لاستقبال العجزة وكبار السن الذين تضيق بهم سبل العيش وأثناء خروجنا من إحدى دور الأربطة الخيرية بالطائف اعترض طريقنا احد الحراس الذي يشرف على خدمات نزلاء الأربطة الخيرية عبدالله محر تركستاني وقال إن لدي معلومات أريد أن أذكرها لجريدتكم وهي غاية في الأهمية بحكم وظيفتي وعملي كحارس، أعيش مع هؤلاء النزلاء ليلاً ونهاراً ولا أفارقهم لحظة واحدة.
وقال الحارس هذه الأربطة الخيرية اعتبرها في حقيقة الأمر مقبرة للأحياء، حيث يوجد فيها بعض كبار السن الذين فقدوا الرعاية والاهتمام من قبل ذويهم وأبنائهم وأحفادهم, وبصورة عامة نعتبر التبرع من قبل بعض المحسنين بتحديد مثل هذه المنازل دوراً للأربطة الخيرية عملا خيراً وجليلاً وفيه أجر وثواب بإذن الله، ولكن هذه الأربطة تفتقد لأمور كثيرة غاية في الأهمية مثل الصيانة والنظافة والحراسات والتغذية والترفيه على هؤلاء المسنين الذين يستحقون منا جميعاً رد الجميل لما قدموه على مدار عقود من الزمن في حياتهم وما نشاهده حالياً ليس مجرد نكران للجميل من قبل أبناء وأحفاد هؤلاء المسنين فالأمر تجاوز ذلك إلى درجة العقوق وهذا أمر خطير جداً أن يرمي البعض والده ووالدته في مثل هذه الأربطة الخيرية,وبهذه الطريقة وعلى هذا الوضع الذي شاهدتموه ونأمل أن يعيد هؤلاء النظر في ذلك ويرأفوا بأهلهم ويأخذوهم إلى منازلهم معززين ومكرمين .
لا زيارات في العيد
وأضاف الحارس الذي بدأ عليه الغضب والتعب حتى اليوم وهو عيد الفطر المبارك لم أشاهد أحداً من أقرباء هؤلاء النزلاء يقوم بزيارتهم بمناسبة عيد الفطر ومعاودتهم ان هذا اجحاف كبير جداً من قبل أبناء وأحفاد هؤلاء كبار السن نزلاء الأربطة الخيرية بالطائف.
وقال الحارس في انتقاد شديد للجمعيات الخيرية بالطائف التي تتلقى ملايين الريالات سنوياً وشهرياً من أهل الخير لانفاقها على الفقراء والمحتاجين: أين دور الجمعيات الخيرية ,,, ؟
لماذا لا تقوم هذه الجمعيات الخيرية بإرسال مندوبين عن طريقها لرؤية هذا ا لوضع المزري لكبار السن بهذه الدور الخيرية, إن هؤلاء اكثر الناس احتياجا.
ودعا إلى تشكيل جمعية مستقلة من أهل الخير بالطائف تتولى صيانة الأربطة الخيرية وترميمها ونظافتها وتوفير كل الخدمات الصحية والغذائية والعلاجية لكبار السن الذين يعيشون داخل هذه الأربطة الخيرية بالطائف.

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved