أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 8th January,2001 العدد:10329الطبعةالاولـي الأثنين 13 ,شوال 1421

مقـالات

إضاءة
الشيخ عبدالعزيز بن صالح
شاكر سليمان شكوري
حسناً فعلت جامعة الملك خالد في أبها، حين نظمت قبل عدة أشهر ندوة علمية عن حياة الشيخ عبدالعزيز بن باز يرحمه الله ومنهجه في البحث ومآثره العلمية، فهذه الندوات وأشباهها تمتد بفكر صفوة العلماء المجتهدين، الذين رحلوا بعد حياة حافلة بالبحث والاجتهاد، وخلّفوا من ورائهم علماً نافعاً به يُحتذى، ومسيرة فاضلة بها يُقتدى.
وإني أدعو الدوائر ذات الاهتمام بهذا الشأن، أن تحذو حذو جامعة الملك خالد في تسليط الضوء على سيرة أولئك النجوم الهداة، وأرشح الشيخ عبدالعزيز بن صالح يرحمه الله ليكون موضوع الندوة المقبلة، وكنت قد أوردت عنه طرفاً من الحديث في مقالي السابق، فقد أسعدني الحظ أن جاورت الشيخ لفترة طويلة، حيث كانت (أبها) له وطنا ثانياً بعد طيبة، الطيبة، التي رأس محاكمها لمدة ستين عاماً تقريباً، ارتقى فيها كذلك منبر المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، وكم كانت إجابته رائعة عندما سأله صحفي يوماً ونحن عنده، عن شعوره وهو يرتقي هذا المنبر لأول مرة، فأطرق الشيخ هنيهة، ثم رفع رأسه بالجواب: يا بني,, نحن من زماننا,, وزماننا منا .
ولقد أتاح جواري للشيخ الطيب الانخراط كثيرا في مجالسه العامرة، أثناء إقامته هنا خلال شهور الصيف، واسمتعت مع الحاضرين بتواضعه الجم، وبشاشته وسعة صدره وفيض كرمه، ولطف يصل حد الظرف في هيبة ووقار، من ذلك كان حديثه يوماً، وهو يُعرّض بمن يذهب للسياحة في الخارج، ويقول: لو عاد أحدهم من بلد ما، وقال لك إنه بلد صالح فصدقه، وإن جاء بعده آخر عائداً من البلد نفسه، وقال لك إنه بلد فاسد فصدقه، لأن كلاً يصف ما راح ينشده في ذاك البلد.
أما علمه، فإنه إذا تحدث فأنت بين يدي عالم مستنير، وفقيه ساطع الحجة، وداعية نابغ نابه، وكان إلى ذلك كله واسع المعرفة بعيد الاهتمامات, حدثنا ذات ليلة، كيف كان ألمه وانزعاجه من العاصفة الشيوعية، التي هبت على بوابة العرب مصر في الستينات من القرن الماضي، وكيف عادت لنفسه الطمأنينة، بإنهاء مهمة الخبراء الروس في الجيش المصري، قبيل حرب العاشر من رمضان، وهذا مجرد مثال لما كان يحدِّث به في مجالسه، مما يدل على اتساع اهتمامات الرجل، ومتابعاته لأمور أمته الإسلامية وأرومته العربية.
وفي هيئة كبار العلماء، كان شيخنا دائما لسان صدق لفكر ملتزم مستنير، ويقدر ما فتح الله عليه من علم وفهم، بقدر ما استقطب المحبين لشخصه الراغبين في علمه، كما كان محل ثقة الدولة، ومن المفكرين الأمناء في المشورة، وبذلك خدم دينه ووطنه حتى في أشد المواقف وأعقدها.
ولكل ما تقدم، فإنني أجدد النداء لأن تتولى إحدى الجهات المعنية مشكورة ، تنظيم ندوة عن حياة الشيخ عبدالعزيز بن صالح، ومنهجه في البحث ومآثره العلمية, وأعلن عن استعدادي لتحمل نفقات طباعة كتاب، يشتمل على محصلة الندوة، وما يتقدم به آل (الشيخ) وتلاميذه ومحبوه من إضافات نافعة، وتوزيع الكتاب بالمجان على طلاب العلم، المتأثرين بالشيخ وقد غيّبه الموت، ويُخشى أن يغيّب النسيان آثاره الطيبة.
* وكيل إمارة منطقة عسير المساعد

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved