أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 12th January,2001 العدد:10333الطبعةالاولـي الجمعة 17 ,شوال 1421

متابعة

لقد أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه
** عسير على الانسان ان يتصور خلو هذه الحياة من اولئك العلماء الربانيين الذين زهدوا في الدنيا وعاشوا حياتهم لله بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، وفضيلة الشيخ الراحل محمد بن عثيمين رحمه الله وغفر له واحد من هؤلاء العلماء الذين عاشوا حياتهم لله ومن اجل الله ولهداية عباد الله.
من يقرأ ترجمة حياته يجد انها لم تكن سوى طلب للعلم ودعوة إلى الله وافتاء للناس ومصادقة للمنابر وخطوات الى الجامع، هذه حياته وما اطيبها من حياة.
***
**صافح وجهه هذه الدنيا ليلة السابع والعشرين من رمضان وعاش حياته بين تعلم وتعليم ومسجد ومنبر وكم كانت هذه علامة خير رحمه الله اما وفاته فقد مات بتقدير الله وبدون وصية او قصد بجوار البيت العتيق ليصلي عليه المسلمون الذين عاش لهم من اجلهم في بيت الله ويتم دفنه في خير البقاع تماما كالشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله الذي كانت خاتمة الشيخ ابن عثيمين كخاتمة حياته رحمهما الله وجمعهما في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
***
**انه كما تجلَّت طمأنينة الايمان وسكينته في حياة الشيخ ابن عثيمين اثناء صحته فقد تجلَّت خلال مرضه اكثر.
لقد روى لي اكثر من اخ كريم ان الشيخ رحمه الله كان عندما يصرون عليه من اجل الذهاب الى المستشفى كان لا يرغب الذهاب إلا بعد الالحاح عليه وكان يرد لعلني اشتقت الى لقاء الله بل حتى عندما حاولوا ثنيه عن السفر الى مكة المكرمة في رمضان وهو في وضعه الصحي الحرج رفض ذلك مؤمناً ومشتاقاً الى لقاء ربه ونسأل الله انه كما احب لقاء ربه ان يكون الله احب لقاءه، مصداقاً لحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم.
حتى مرضه الاخير لعل الله اراد به خيرا, فالله لا يفعل شيئا إلا لحكمة نعلمها حينا ونجهلها في الكثير من الاحيان.
اجل لعل الله اراد ان يمحص ذنوبه ويغفر سيئاته في هذه الدنيا الفانية ليلقاه طاهرا بلا ذنوب مصداقا لقول رسوله صلى الله عليه وسلم :ما اصاب المسلم من نصب ولا وصب حتى الشوكة يشاكها الا حط الله عنه بها خطيئة ورفع له بها درجة أو كما قال.
ياله من حسن ختام، عالم عابد اصابه مرض شديد في آخر حياته يرحل قرب الحرم، ويصلى عليه في الحرم وترتفع ايدي الطائفين والركع والسجود بالدعاء له، يالحسن الختام.
***
**لقد قضى آخر ايامه في مكة المكرمة متعبداً داعياً مفتياً بقدر ما تسمح به ظروفه الصحية وكان غاية همه عندما يخف عليه الداء ان يطلب مكبر الصوت ليحدث ويفتي، ان عادة الانسان عندما يكون مريضاً ان غاية همه السعي وطلب ما يحقق له الشفاء بعيداً عن اي شيء آخر ولكن الشيخ رحمه الله نمط آخر من الناس استوطن الايمان قلبه، وعمرت السكينة جوارحه، وسكن الزهد في الدنيا بين تضاعيف نفسه.
كل من زار الشيخ اثناء مرضه الاخير العسير لم يجده يشكو او يتألم، بل كان يردد بصوت حميم مؤمن على من يسأله عن صحته بخير والحمد لله وكأن ما به عارض من زكام.
***
**ما اشد فجيعتنا بفقد هؤلاء العلماء الربانيين الذين جمعوا بين العلم في دين الله والزهد فيما ايدي الناس فأحبهم الناس ووثقوا بهم، وصاروا لهم مواطن طمأنينة يجدون لديهم الهدى واشرعة خير ينتشلونهم من الضلال، ومنابر فتوى يلقون عليهم باسئلتهم فيسعدون بتلك الاجابات والفتاوى التي ترشدهم وتريحهم وتشفي مافي صدورهم من قلق، وحيرة وخوف.
***
**إنني عاجز ان اتصور اننا سوف نفقد هذا الوجه الكريم الذي يشعرك بالطمأنينة منذ اول وهلة تلاقيه فيها.
عاجز عن تخيل كيف سنفقد هذا الصوت الحبيب الحميم، وهو يتحدث ويفتي ويجيب باخلاص رادا على اسئلة المسلمين في المساجد وعبر اثير الاذاعة.
عاجزاً ان اتخيل كيف اني سآتي الى الجامع الكبير بعنيزة ولا اصلي معه، واسعد بسماع صوت تكبيره، وتسبيحه ثم التقرب الى الله بالسلام عليه وملازمته.
**ما اضيق الدنيا عندما يرحل الاخيار.
ولكن رحمة الله اكبر واوسع واعظم، وإن في الله عوضاً عن كل مصيبة، وهذا عزاؤنا الاوحد.
***
**وبعد,,!
تنهزم الكلمات,, وتتحدث الدموع فقط عند رثاء هذه المنارة العلمية الايمانية.
وان ابلغ كلمات واوفى رد لجميل هذا الشيخ العالم العابد الورع الذي عاش من اجل ديننا يدعو الى الله على بصيرة، ويرشد الناس الى الخير والهدى,, إن أبلغ بر به ورد لجميله ان ندعو الله له.
اللهم ارحم شيخنا الجليل واجعل قبره روضة من رياض الجنة اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد.
اللهم جازه بالاحسان احسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا.
اللهم اجزه عنا خير الجزاء فقد اوقف شبابه ووقته وصحته وكل حياته من اجل ارشادنا وهدايتنا وتفقيهنا في اغلى ما لدينا امور ديننا.
اللهم اجمعنا به في دار البقاء والخلود واجعلنا واياه ممن تدخل عليهم الملائكة من كل باب قائلين لهم: سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار .
حمد بن عبدالله القاضي

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved