أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 12th January,2001 العدد:10333الطبعةالاولـي الجمعة 17 ,شوال 1421

متابعة

وإنا على فراقك يا شيخنا لمحزونون
سعد بن تركي الخثلان *
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين وبعد:
فإن فقد العلماء لمصيبة عظيمة ورزية كبيرة لأن العلماء هم ورثة الأنبياء، وفقد عالم من العلماء يعني فقد مَن حاز جزءا من ميراث النبوة,, يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
(إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العلماء ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوسا جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلوا).
لقد فجعت الأمة الإسلامية مساء الأربعاء 15 شوال 1421ه بفقد إمام من أئمتها وعلَم من أعلامها إمام يعتبر من بقية السلف الصالح,,، هذا الإمام نذر نفسه في خدمة الإسلام والمسلمين، وفي تعليم العلم الشرعي ونشره بين الناس، وفي الذبِّ عن دين الله تعالى,,، فقد الأمة شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين، والذي يغني ذكر اسمه عن التعريف به، فلقد ضرب هذا الإمام أروع الأمثلة في الصدق والبذل والتضحية والنصح للأمة.
حتى أصبح بحق قدوة للعلماء العاملين الناصحين لدينهم وأمتهم,,، هذا الإمام فتح الله تعالى عليه علوماً كثيرة ومعارف عديدة، فإذا تكلم في التوحيد وتقرير مذهب السلف في العقيدة قلت لايحسن إلا هذا العلم، وإذا تكلم في التفسير قلت لا يحسن إلا هذا العلم، وإذا تكلم في الفقه واصوله وقواعده قلت لا يحسن إلا هذا العلم ,,، بل حتى علوم النحو والصرف والبلاغة وما يسمى بعلوم الآلة تجد له تبحراً وتمكنا فيها,,، وقد وهبه الله تعالى ملَكَة في الاستنباط وحسن الاستدلال,,، ولذلك فقد تلقت الأمة علومة التي نشرها بالقبول، حتى أصبح يمثل في الوقت الحاضر بحق مرجعية علمية للمسلمين في أقطار الأرض جميعها,.
هذا الإمام يمثل مدرسة لطلاب العلم,,، فهو مدرسة في الحرص على طلب العلم وتعليمه ونشره بين الناس والحرص على توجيه الناس وإرشادهم والدعوة إلى الله تعالى,,، حدثني شيخنا عبدالله بن حسن بن قعود حفظه الله وشفاه قال: إن الشيخ محمد معروف منذ نشأته بانصرافه بالكلية للعلم الشرعي,,قال: وحدثني بنفسه إنه كان في بداية أمره يلقي الدروس,, وإنه ألقى ذات يوم درساً لم يحضر له فيه سوى طالب واحد,,، وفي ذلك درس بليغ لطلاب العلم في أن يقتدوا بهذا الإمام وان يصبروا ويصابروا في سبيل تعلم العلم وتعليمه ونشره بين الناس,.
هذا الإمام يمثل مدرسة في التحقيق وتحرير المسائل والحرص على طلب الدليل الشرعي من الكتاب والسنّة والتمسك به، والبعد عن التعصب لأقوال الرجال,,، وله أسلوب عجيب في عرض المسائل,,، فهو يطرحها بأسلوب سهل مبسط يفهمه معظم عامة الناس,.
وإنني لأرى ان في سيرة هذا الإمام مع شيخه وشيخنا عبدالعزيز بن باز رحمة الله على الجميع لعجباً,,، وإنها لجديرة بأن تُدرَّس للأجيال من بعدهما,,، فلقد ضربا أروع الأمثلة في الصدق والنصح للأمة وفي تعلم العلم وتعليمه وفي الدعوة إلى الله تعالى وفي البذل والتضحية ونفع الإسلام والمسلمين فجزاهما الله تعالى عنا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
وفي الختام أقول: إن فقد هذا العالم لتدمع له العين ويحزن له القلب، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، إن لله ما أخذ، وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى,والحمد لله على قضائه وقدره,,، إنا لله وإنا إليه راجعون، نسأل الله تعالى أن يغفر لهذا الإمام وان يرحمه وأن يرفع درجته في المهديين وأن ينزله منازل الصديقين مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وأن يعوِّض الأمة عنه خيرا ويقيض لها أئمة وعلماء يحفظ بهم الدين وينفع بهم الإسلام والمسلمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
* المحاضر بكلية الشريعة .
بالرياض - وإمام وخطيب جامع الأميرة سارة بنت سعد بالسويدي بالرياض .

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved